اتهامات للداخلية بالتباطؤ في تنفيذ آلاف الأحكام القضائية.. والوزارة ترد: نفذنا 413ألف حكم قضائي في شهر وزراء ومسئولون على رأس القائمة.. وحقوقيون: عدم تنفيذ أحكام القضاء خلل جسيم لمبدأ الفصل بين السلطات لا شك أن مبدأ استقلال القضاء واحترام أحكامه وتنفيذها بات ركنًا جوهريًا فى أى نظام ديمقراطي، وأن عدم تنفيذ الأحكام القضائية يَصِمُ نظام الحكم بالاستبداد، ويعد عدم تنفيذ الأحكام القضائية من أى جهة أو سلطة فى الدولة بمثابة إخلالاً جسيما بمبدأ الفصل بين السلطات, وأن أى تنظيم قضائى يفقد سبب وجوده إذا لم يكن فعالا وتنفذ أحكامه. فإذا كان القضاء يضع حداً للمنازعة عندما يصدر حكمًا يحوز حجية الأمر المحكوم فيه فإنه يتعين تنفيذ هذا الحكم وإلا لما قامت فى البلاد حاجة إلى خدمات القضاء والعدل، وليس أشد خطرًا على البلاد من إهدار أحكام القضاء والامتناع عن تنفيذها، فهو امتهان للسلطة القضائية ولا سبيل لسيادة القانون إلا بتطبيقه. وأهم ما يميز العدالة عن غيرها، أن الكل لدى القانون سواء دونما الاحتماء بأى حصانة تعصم من المساءلة إزاء الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية. "المصريون" تسلط الضوء على عدة قضايا صدرت أحكام نهائية فيها ولم تنفذ لعدة أسباب سنذكرها فى الحالات القادمة: وزراء محكوم عليهم والتهمة "عدم تنفيذ حكم قضائى"
انضمت وزيرة التضامن الاجتماعى غادة والي، إلى قائمة الوزراء المحكوم عليهم، بعد أن قضت محكمة جنح الدقى برئاسة المستشار أحمد الدسوقي، بحبسها سنة وعزلها من وظيفتها، وكفالة ألف جنيه، وذلك لعدم تنفيذها حكمًا قضائيًا سابقًا. وبتلك القضية، تكون قد انضمت والي، إلى وزراء حاليين وسابقين سبق أن صدرت ضدهم أحكام قضائية لم تعرف إلى التنفيذ طريقًا. وتبين من تفاصيل الحكم على وزيرة التضامن، أن الدكتور رضا إسماعيل رياض كان قد أقام دعوى قضائية ضد الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى التابعة لوزارة التضامن عام 2009 حملت رقم 31667، لتسلميه المبنى الخاص به، والذى قامت والدته بتأجيره للهيئة والكائن بشارع الجولف، وحصل على حكم بإخلاء المبنى وذلك من مجلس الدولة. لكن الهيئة رفضت تنفيذ الحكم. فى السياق ذاته، أصدرت نفس المحكمة، فى شهر يناير، برئاسة المستشار محمد البغدادى حكمًا بحبس وزير الرياضة السابق طاهر أبو زيد سنة، وعزله من وظيفته، لعدم تنفيذه حكمًا قضائيًا صادرًا من محكمة القضاء الإدارى لعدد من أعضاء نادى الصيد، ببطلان انتخاب رئيس وأعضاء مجلس الإدارة، وتقدمت هيئة قضايا الدولة باستئناف على الحكم. من ناحية أخرى، قضت محكمة جنح مدينة نصر، بحبس وزير المالية الحالى هانى قدري، بالحكم بحبسه سنة وعزله من منصبه لعدم تنفيذ حكم قضائي، حيث كانت محكمة جنح مدينة نصر، برئاسة المستشار أحمد ثابت، قضت بحبس وزير المالية الحالى هانى قدرى دميان، سنة وعزله من وظيفته لعدم تنفيذ حكم قضائى صادر من محكمة القضاء الإداري؛ لصالح أحد الموظفين. وكان رئيس شركة القاهرة للدواجن حصل على حكم قضائي، من محكمة جنوبالقاهرة حمل رقم 22945 لسنة 2013، صادرًا ضد وزير المالية بإلزامه برد مبلغ 442 ألف جنيه، إلا أن الوزير امتنع عن تنفيذ الحكم، فأقام دعوى أمام القضاء الإداري، والتى أيدت الحكم السابق، ولكن الوزير امتنع عن تنفيذ الحكم، فأقام المدعى جنحة مباشرة أمام محكمة جنح مدينة نصر تطالب بحبسه وعزله من منصبه؛ لامتناعه عن تنفيذ الحكم، وقد قدم محامى وزير المالية استئنافًا إلى محكمة جنح مدينة نصر، التى قضت ببراءته. كما قضت محكمة جنح العمرانية بحبس محافظ الجيزة الحالى ورئيس مجلس المدينة شهرًا وكفالة 500 جنيه كما قررت المحكمة عزلهما من الوظيفة وذلك فى الجنحة المباشرة المقامة من دكتور بكلية الهندسة لعدم تنفيذهما حكم قضائي.
وكان الدكتور نبيل بهجت فضل، بكلية الهندسة، قد أقام جنحة مباشرة ضد كل من على عبد الرحمن يوسف محافظ الجيزة وأشرف إسماعيل رياض رئيس مجلس المدينة، وذلك لعدم تنفيذهما حكم القضاء الإدارى بصرف مستحقاته، وأكد المدعى أن المحافظ ورئيس المجلس رفضا تنفيذ الحكم، فأقام ضدهما جنحة مباشرة.
وللوقوف على كل جوانب الظاهرة، ناقشت "المصريون" عددًا من الحقوقيين لمعرفة آرائهم وكيفية التصدى لها. جمال عيد: امتناع الموظف الرسمى عن تنفيذ حكم قضائى يعد "جنحة" وفى هذا السياق يقول الناشط الحقوقى جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان, إن السلطة التنفيذية المتمثلة فى الداخلية هى المسئولة عن تنفيذ الأحكام القضائية وفى حالة ثبوت امتناع أحد أفراد السلطة التنفيذية بتنفيذ حكم قضائى يعد مرتكبًا لجريمة "الامتناع عن تنفيذ حكم" وللنيابة العامة أو القضاء إقامة جنحة ضد الممتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة. ويضيف عيد، بأنه قد يرجع سبب عدم تنفيذ بعد الأحكام القضائية الصادرة عن الهيئات المختصة ناتجا عن كثرة الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم المختلفة مما يضيف صفة الاعتيادية على الأمر ولكنه يختلف تمامًا حينما يقدم المتضرر دليلاً قاطعًا بتقاعس أو بامتناع المسئول عن تنفيذ الحكم القضائي. وأوضح عيد، أن الامتناع عن تنفيذ حكم لا يمس مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث "القضائية والتنفيذية والتشريعية"، موضحًا أنها تعتبر جريمة امتناع موظف رسمى عن تنفيذ حكم. حقوقي: فساد المسئولين السبب فى ضياع حقوق المتقاضين وفى السياق ذاته، تقول انتصار السعيد، مدير مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان، إن الجهاز الشرطى يأخذ وقتًا كبيرًا جدًا قبل تنفيذ الأحكام القضائية مما قد يعطى الفرصة للمحكوم عليهم للهرب قبل إلقاء القبض عليهم. وأوضحت فى تصريحات ل"المصريون"، أن الدستور الجديد شدد على ضرورة تنفيذ أى حكم قضائى صادر عن جهة قضائية ولا يجوز لأى من الجهات المنوط بها تنفيذ الأحكام أن تهمل تلك الأحكام مهما كانت المبررات التى ستدفع بها. وأضافت، أن تنفيذ الأحكام القضائية يعد ركنا جوهريا فى أى نظام ديمقراطى وأن الامتناع عن تنفيذها يعتبر مشكلة كبيرة إذ يرمى بالقانون عرض الحائط ويجعل منه غير فعال ولا جدوى من وجوده. وكشفت السعيد، أن تأخر السلطات الذى قد يكون عن غير عمد فى تنفيذ الأحكام القضائية هو العقبة الأولى فى ضياع حقوق المتقاضين حيث يسهل على الجانى الهرب قبل تنفيذ الحكم، مضيفًا أن فكرة قيام البعض بالوقوف بجانب الجانى ومساعدته فى الهرب من رجال الأمن تعد عقبة أخرى من شأنها ضياع حقوق المتقاضين وذكرت السعيد، دليلًا على ذلك وهى قضية متعلقة باغتصاب طفلة عمرها 8 سنوات على يد ذئب بشرى بإحدى قرى الصعيد. وتقول السعيد، تعرضت طفلة صغيرة تدعى "سارة" إلى واقعة اغتصاب من قبل ذئب بشرى بإحدى قرى الصعيد، وقد صدر حكم قضائى ضد الجانى ولكننا لم نتمكن من التنفيذ على الجانى على الرغم من قيام الأجهزة الأمنية بإرسال قوات لإلقاء القبض على المتهم أكثر من مرة ألا أنهم لم يتمكنوا من اللحاق به. وأوضحت مدير مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان، أن السبب فى ذلك هو قيام أهالى القرية بمعاونة الجانى على الهرب والاتصال به فور علمهم باستعداد رجال الشرطة للتوجه إليه حيث يسكن لإلقاء القبض علية لتنفيذ الحكم الصادر ضده. وفى هذا الشق تقول السعيد، إن فساد بعض من المسئولين بالجهات المختصة بتنفيذ الأحكام القضائية وأن كان بسيطًا يكون سببًا فعالا فى ضياع حقوق المتقاضيين وخاصة فى القضايا المتعلقة بالنفقة، حيث قد يعمد الزوج إلى دفع مبلغ مالى "رشوة " للمنوط به تنفيذ الحكم للامتناع عن دفع النفقة رغبة منه فى إلحاق الضرر بزوجته المطلقة. وأضافت السعيد، أن الآمر فى تلك الحالة ليس متعلقًا ب تقاعس الجهات المختصة ولا لهروب المحكوم عليه ولكنه يرجع إلى فساد عنصر بالجهاز الشرطى والذى يؤدى إلى الإساءة للجهاز الشرطى كله حتى وإن كانت الغالبية العظمى به ليسوا كذلك. الداخلية: حملات مكثفة لإعادة الأمن وتنفيذ الأحكام
وأكد مصدر أمنى بوزارة الداخلية، أن حملات إدارات تنفيذ الأحكام التابعة لقطاع الأمن العام بقيادة اللواء سيد شفيق تقوم بشن حملات مكثفة لإعادة الأمن إلى الشارع المصرى وضبط جميع المخالفين والخارجين عن القانون. وأوضح المصدر، أن تلك الإدارات تمكنت خلال الشهر الماضى فقط من ضبط تنفيذ 413 ألف حكم قضائى متنوع، فضلاً عن جمع السلاح من قبضة محرزيه ويواصل رجال المباحث جهودهم لفرض السيطرة الأمنية فى ظل الأوضاع التى تمر بها البلاد من استهدافات إرهابية وعمليات تخريبية تستهدف نشر الفوضى فى البلاد.
لاشين: هناك سببان لعدم تنفيذ الأحكام ومن جانبه علق اللواء حسام لاشين مساعد وزير الداخلية السابق، على ذلك بقوله إن عملية تنفيذ الأحكام تتعلق بها ضوابط كثيرة من أهمها أن الشخص إذا كان متأكدًا أنه إذا ما قام بارتكاب فعل يخالف القانون سوف يعاقب وينفذ فيه الحكم الصادر بداية من منصة القضاة أثناء نطق الحكم سوف يفكر كثيرًا قبل ارتكاب فعلته ويقوم بمراجعة حساباته وأنه سوف يتخذ طرق مشروعة حتى لا يقع تحت طائلة تنفيذ القانون ودخوله السجن. وأضاف لاشين، أن عملية تنفيذ الحكم تبدأ من لحظة ارتكاب المتهم فعلته والقبض عليه والتوجه به إلى النيابة العامة ثم إحالته إلى المحكمة والحكم عليه إلى مرحلة التنفيذ هذا إذا ما كان هذا المتهم موجودًا ومقبوضًا عليه بالفعل. ما إذا ما كان الجانى هاربًا فهناك حسابات أخرى تتم فى الوزارة لكيفية ضبط هذا المتهم حيث توضع الدراسات والخرائط وقاعدة البيانات الخاصة بهذا المتهم لمعرفة كيفية القبض عليه وتنفيذ الحكم الصادر ضده. ولو ناقشنا كيفية التطبيق هنا فأنه تأتى وحدة تنفيذ الأحكام والتى تتواجد دائمًا فى كل قسم شرطة وحدة خاصة بها لتنفيذ الحكم وبناء على عملية رصد تحركات هذا المتهم ومكان وجوده وخطورة هذا المكان الذى يهرب فيه الجانى تتعامل هذه الوحدة. وأكد"لاشين" أيضًا أن عملية عدم تنفيذ الحكم ترجع إلى سببين هما أولاً فى حالة هروب هذا المتهم خارج البلاد أو داخله أو بطء تنفيذ من الوحدات التابع لها هذا المتهم ومع ذلك يتم بشكل سنوى مراجعة كل الأحكام التى تصدر على الأشخاص الذين يتواجدون داخل هذه الدوائر. وأوضح مساعد الوزير، أنه إذا ما تم تنفيذ الأحكام بصورة مستمرة فإنه سوف يتحسن الشارع بشكل أفضل لأن المتهم سوف يدخل السجن والمواطن الشريف سوف يمشى بأمان داخل البلاد.