في أعقاب تفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية في مدينة المنصورة شمالي مصر، في ديسمبر/ كانون الأول 2013، تنامت دعوات تطالب بالانتقام لمقتل 10 أشخاص وإصابة 125 آخرين في هذا التفجير عبر إحراق منازل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وهي الدعوة التي استجاب لها البعض، لكنها لم تحظ بانتشار واسع. ورغم تبنى جماعة "أنصار بيت المقدس" لهذا التفجير، إلا أن إعلاميين في وسائل إعلام خاصة ومملوكة للدولة وجهوا أصابع الاتهام إلى الإخوان، مطالبة المواطنين بإحرق منازلهم، وهو ما تفاعل معه البعض ، ورد عليه إخوان بشعار: "ما دون القتل فهو سلمية". آنذاك، روجت قيادات في الجماعة، التي تأسست عام 1928 على يد حسن البنا، أنه ليس معنى السلمية الوقوف مكتوفي الأيدي في مواجهة ما يتعرضون له من انتهاكات، وأن من حقهم الرد، طالما أن الأمر لا يصل إلى مستوى القتل. وقليلا خفتت تلك الدعوات المتبادلة، قبل أن يوقظها الهجوم الأخير في شبه جزيرة سيناء شمال شرقي مصر يوم 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، والذي حملت وسائل إعلام خاصة ومملوكة للدولة جماعة الإخوان المسؤولية عنه، رغم أن "أنصار بيت المقدس" تبنت هذا الهجوم أيضا. ولم تلتفت تلك الوسائل الإعلامية إلى تبني جماعة "أنصار بيت المقدس" للهجوم، الذي أسقط عشرات القتلى والجرحى، بينهم عناصر من الجيش بحسب التلفزيون الرسمي، لكنهلا استدعت موادا إعلامية أذيعت على قنوات فضائية محسوبة على الإخوان، معتبرة أنها تحمل تحريضا على قتل عناصر الجيش والشرطة، وأن الهجوم الأخير جاء استجابة لهذا التحريض. ما رد عليه الإخوان وحلفاؤهم بالقول إن الإعلام الموالي للسلطة هو الذي بدأ بالتحريض الصريح على قتل الإخوان وحرق منازلهم. وفيما يلي رصد لوكالة الأناضول لمواد إعلامية تحريضية من الطرفين، ويتم الاستدلال بها من جانب أنصار الفريقين في جدل دائر على صفحات التواصل الاجتماعي: الإعلام الموالي للسلطة : - الإعلامي أحمد موسى قال في برنامجه "على مسئوليتي" عبر قناة "صدى البلد" الخاصة يوم 31 يناير/ كانون الأول 2015: "احنا مش عايزين (لا نريد) اللجوء فى يوم من الأيام إن الشعب يروح يولع (يحرق) فى بيوت الإخوان .. مش عايزين نعمل ده (هذا) لكن الناس قادرة إنها تحرقهم وقادرة تقتلهم". وعلق موسى بهذا على هجوم سيناء الذي استهداف منشآت عسكرية وشرطية يوم 29 يناير/ كانون الثاني الماضي. - قال الإعلامي محمود سعد في برنامجه "آخر النهار" عبر قناة "النهار" الخاصة يوم 28 يناير/ كانون الثاني الماضي: " ما يصعبشي عليا (لا أحزن) لقتل الإخوان، لكن المشكلة في شكلنا (صورتنا) قدام (أمام) العالم". وبتلك العبارات علق سعد على سقوط قتلى وجرحى في احتجاجات خلال الذكرى السنوية الرابعة لثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس آنذاك محمد حسنس مبارك. - الإعلامي رامي رضوان قال في برنامجه "صباح أون" على قناة "أون تي في" الخاصة يوم 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، إنه يحزن كثيرا على مقتل عناصر الجيش والشرطة، لكنه يفرح في قتل الإخوان. وجاء هذا تعليقا على مقتل أحد المجندين خلال احتجاجات ذكرى الثورة. - معلقا على مقتل الناشطة السياسية اليسارية، شيماء الصباغ، في ذكرى الثورة وسط القاهرة، قال الإعلامي عمرو أديب في برنامج "القاهرة اليوم" على قناة "أوربيت" الخاصة: "يجب التفرقة بين قتل شيماء الصباغ وقتل الإخوان، قتل شيماء غير جائز ولا يمكن السكوت عليه". - في مداخلة تليفونية مع الإعلامي أحمد موسى في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، قال المطرب المصري هاني شاكر: احنا لامتى هنفضل (إلى متى سنظل) نعرض صور الناس التي بيتقبض عليهم (يتم إلقاء القبض عليهم) ؟ إحنا عايزين نشوفهم ميتين بقى (نريد أن نراهم متوفين).. أنا عايز العيال الصيع (الأولاد السيئين) اللي بتتمسك أشوفهم خلال 48 ساعة مقتولين ودمهم سايح على الأرض (أريد رؤيتهم قتلى ودمهم مسال)، وكفى محاكمات بدعوى أننا دولة ديمقراطية". شاكر علق بهذه العبارات على مطالبه موسى بسرعة الفصل في القضايا المتهم فيها أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين. - مفتي الجمهورية السابق، علي جمعة، قال في برنامج "والله أعلم" على قناة "سي بي سي" الخاصة يوم 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، إن "الله عز وجل نهانا عن قتال المشركين في الأشهر الحرم (أربعة أشهر هجرية عربية، وهي ذو القعدة، ذو الحجة، ومحرم، ورجب)، وينبغى علينا كمسلمين أن نكف عن القتال في الأشهر الحُرم"، غير أن قتال الخوارج (اسم يطلقه جمعة على الإخوان) جائز في الأشهر الحرم. واستشهد بقول الله تعالى: "الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ"، وقال تعالى: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم به". وجاء ذلك ردا على هجوم في منطقة "كرم القواديس" بمدينة رفح شمالي سيناء يوم 24 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، راح ضحيته 28 قتيلا و26 جريحا، بحسب حصيلة رسمية. - رئيس نادي القضاة، أحمد الزند، قال في مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى يوم 10 سبتمبر/ أيلول 2014، إن "الإخوان أشر من أبليس"، معتبرا أن "قتلهم حلال". الزند علق بهذا الرأي على ظهور حركة رافضة للسلطات الحالية في مصر تسمي نفسها "عفاريت ضد الانقلاب". ويعتبر أنصار الرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان، الإطاحة به يوم 3 يوليو/ تموز 2013، "انقلابا عسكريا"، بينما يراه معارضون له "ثورة شعبية" استجاب إليها وزير الدفاع في عهد مرسي، الرئيس المصري الآن، عبد الفتاح السيسي. الإعلام المعارض للسلطة : اتخذت وسائل إعلام معارضة للسلطة، ومحسوبة على الإخوان، الطريق التحريضي نفسه، ومن أبرز ما جاء فيها: - أصدرت جهة تسمي نفسها "المقاومة الشعبية" بيانا أذاعته قناة "رابعة" يوم 31 يناير/ كانون الثاني الماضي حذرت فيه السفارات الأجنبية والجاليات العربية من الاستمرار في مصر. وجاء في البيان: "قررنا إمهال الجاليات العربية والأجنبية حتى يوم 11 فبراير (شباط 2015)، وبعدها سيكونون محل استهداف". - قناة "رابعة" تذيع بيانا في 27 يناير/ كانون الثاني الماضي صادر عن جماعة الإخوان المسلمين يتضمن دعوة أنصارها إلى "الاستعداد لجهاد طويل لا هوادة فيه"، لأن " القوة أضمن طريق لإحقاق الحق"، بحسب البيان. - الشيخ وجدي غنيم، المحسوب على جماعة الإخوان، يفتي يوم 26 يناير/ كانون الثاني الماضي عبر قناة "مصر الآن"، بجواز قتل الإعلاميين، وفي الإعلامي أحمد موسى، قائلا: "اللى يقدر يجيب (من يستطيع أن يحضر) رقبة أحمد موسى أو أي أحد من الإعلاميين يبقى ربنا هيكرمه، لأنهم كلاب أهل النار". وجاء ذلك تعليقا على ما وصفه بمغالطات الإعلام في متابعة الأحداث التي صاحبت الذكرى الرابعة لثورة يناير. - الإعلامي محمد ناصر قال عبر قناة "مصر الآن" يوم 25 يناير/ كانون الثاني الماضي في ذكرى الثورة: "اقتلوا ضباط،، وأنا بقول لكل زوجة ضابط، جوزك هيتقتل (زوجك سيقتل)، لو مش بكرة هيبقى بعده (إذا لم يكن غدا فبعد غد)". - الشيخ سلامة عبد القوى، وكيل وزارة الأوقاف في عهد مرسي، أفتى قبل ذكرى ثورة 25 يناير/ كانون الثاني بجواز قتل ضباط الشرطة، وأن يثأر كل صاحب دم لنفسه أو ينيب عنه من يفعل ذلك. وأضاف خلال حواره عبر قناة "مكلمين" يوم 24 يناير/ كانون الثاني الماضي: "لابد من نشر قائمة سوداء بأسماء وعناوين الضباط القتلة المغتصبين لقتلهم". - الشيخ عبد القوي قال أيضا عبر قناة "مصر الآن" يوم 13 يناير/ كانون الثاني الماضي: "من يقتل السيسي فإنه يتقرب من الله، وإن قتل وهو يقتل السيسي فإنه شهيد". ومضى قائلا: "من يقتل كل أعوان السيسي فإنها قربة إلى الله". ولم يحدد من الذين يقصدهم بكلمة "أعوان". وجاء ذلك في تعليقه على مقتل وإصابة متظاهرين في مسيرات نظمها أنصار مرسي. - الشيخ سلامة عبد القوي أعلن في قناة "الشرق"، يوم 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، انتهاء زمن السلمية وضرورة اللجوء إلى القوة المسلحة والسير على طريق الثورة الليبية لتغيير وجه النظام بالكامل. وهو تعليق جاء قبل أيام من مظاهرات دعا إليها الإخوان يوم 28 من الشهر نفسه تحت عنوان " انتفاضة الشباب المسلم". وقال عبد القوي في برنامجه "لوجه الله" على هذه القناة: "لا يغلب إلا أصحاب القوة العسكرية كما في ليبيا، أما في مصر وتونس، فحدثت هدنة وحصل الناس على حريات مؤقتة، ثم عاد النظام بوجوه جديدة".