تعليم قنا : تطبيق التقييمات الأسبوعية وتسجيل الغياب الفعلي للطلاب    جامعة القاهرة تتصدر الجامعات المصرية في تصنيف التايمز للتخصصات البينية 2026    محافظ الشرقية: المرأة شريك أساسي في بناء الوطن وحماية المجتمع    السلع الغذائية والخدمات.. البنك المركزي يوضح أسباب ارتفاع معدلات التضخم في أكتوبر    مدبولي يلتقي رئيسة وزراء اليابان على هامش مشاركته في قمة مجموعة العشرين    ترامب يستعرض قوته وتايلور جرين تظهر ضعفه.. خلاف يفجر أزمة فى الحزب الجمهورى    وزير الخارجية يبحث مع نظيره القطري تطورات الأوضاع في غزة والسودان ولبنان    صحة غزة: 106 شهداء وجرحى بالقطاع خلال 24 ساعة    حاكم موسكو: اندلاع حريق في محطة كهرباء تغذي العاصمة جراء هجوم بطائرات مسيرة أوكرانية    قرارات هامة لمجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم    «المنوفية» تحصد 12 ميدالية في «بارلمبياد الجامعات المصرية»    تموين المنيا: تحرير 240 مخالفة وضبط كميات من السلع مجهولة المصدر    عصابة التوك توك.. 4 متهمين يحاولون سرقة دراجة نارية بشبرا الخيمة    مصرع سائق توك توك بطلق ناري على يد عاطل بعد تدخله لفض مشاجرة في شبرا الخيمة    تعرف على موعد ومكان تشييع جثمان الإعلامية ميرفت سلامة    في تسجيل صوتي.. شيرين تنفي شائعة اعتزالها: سأواصل الغناء حتى الموت    المصل واللقاح: نمر بذروة انتشار الفيروسات التنفسية وعلينا تجنب العدوى    الزمالك: إجراءات سحب أرض فرع أكتوبر خاطئة    انطلاق الدورة الثالثة للملتقى السنوي لمراكز الفكر العربية حول الذكاء الاصطناعي وصنع القرار    ورشة عمل عملاقة.. أكثر من 200 منشأة قيد التنفيذ لدعم مشروع الضبعة النووي    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ورئيس الوزراء ووزير خارجية قطر    موعد انطلاق المرحلة الثانية من امتحان شهر نوفمبر لصفوف النقل    إذاعة الجيش الإسرائيلي: معلومات حساسة مكنت «الفصائل» من تنفيذ هجوم 7 أكتوبر    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفال دار الإفتاء بمرور 130 عامًا على تأسيسها    متحف الأكاديمية المصرية بروما يجذب أعدادًا كبيرة من الزوار الأوروبيين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    «التموين» تنتهي من صرف مقررات نوفمبر بنسبة 94%    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار المتوقعة: رعدية ببعض المناطق    قرار هام من المحكمة في واقعة التعدي على أطفال داخل مدرسة خاصة بالسلام    كيف ترخص السيارة بديلة التوك توك؟.. الجيزة توضح الإجراءات والدعم المتاح    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    جوزيه جوميز: كنا نستحق نقطة واحدة على الأقل أمام الهلال    إطلاق قافلة زاد العزة ال78 إلى غزة بحمولة 220 ألف سلة غذائية و104 ألف قطعة ملابس    مصطفى كامل: محدش عالج الموسيقيين من جيبه والنقابة كانت منهوبة    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    11 شرطا للحصول على قرض مشروع «البتلو» من وزارة الزراعة    غرف السياحة: كريم المنباوي ضمن أقوى 50 شخصية مؤثرة بسياحة المؤتمرات عالميا    مصر تستحق صوتك.. انزل شارك في انتخابات مجلس النواب من أجل مستقبل أفضل لبلدنا (فيديو)    "أنا متبرع دائم".. جامعة قناة السويس تنظم حملة التبرع بالدم للعام ال15    أول لقاح لسرطان الرئة فى العالم يدخل مرحلة التجارب السريرية . اعرف التفاصيل    اليوم.. الزمالك يبدأ رحلة استعادة الهيبة الأفريقية أمام زيسكو الزامبى فى الكونفدرالية    موعد مباراة ريال مدريد أمام إلتشي في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    هيئة الاستثمار: طرح فرص استثمارية عالمية في مدينة الجلالة والترويج لها ضمن الجولات الخارجية    وزير الرى: تنفيذ خطة تطهيرات للترع والمصارف خلال السدة الشتوية    «هنيدي والفخراني» الأبرز.. نجوم خارج منافسة رمضان 2026    ضايل عنا عرض.. عندما يصبح «الفرح» مقاومة    بدء فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا- 14» بجمهورية مصر العربية    وزارة الصحة: معظم حالات البرد والأنفلونزا ناتجة عن عدوى فيروسية    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاحد 23112025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    أسعار الخضروات اليوم الاحد 23-11-2025 في قنا    إرشادات القيادة الآمنة لتجنب مخاطر الشبورة    جولة نارية في الدوري الإيطالي.. عودة نابولي وتعثر يوفنتوس    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا اختفت مليونيات الاحتجاج والتأييد في مصر؟
نشر في محيط يوم 20 - 08 - 2014

بعد سيولة في المشاركة في المظاهرات الحاشدة احتجاجًا أو تأييدًا، خلال السنوات الثلاث التالية لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، اختفت خلال الأشهر الأخيرة هذه الفعاليات التي يطلق عليها إعلاميا "مليونيات" رغم أن الأسباب التي سبق ودفعت المصريين للمشاركة لا تزال موجودة.
فمن تظاهروا العام الماضي احتجاجًا على انقطاع الكهرباء، أحجموا عن النزول للشارع هذا العام، رغم أن ذلك كان أحد أسباب غضبهم من الرئيس الأسبق محمد مرسي، وكذلك رفضت قطاعات شعبية كبيرة التجاوب مع دعوات النزول للاحتفال التي أطلقت في مناسبات مختلفة ومنها الذكرى الثالثة لثوة 25 يناير/كانون الثاني، والذكرى الأولى لمظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، التي عقبها تم عزل مرسي من قبل الجيش وبمشاركة قوى سياسية وشخصيات سياسية ودينية.
"الأناضول" رصدت ثمانية شواهد تكشف غياب تلك "المليونيات" في الاحتجاج والتأييد من قبل قطاعات كبيرة من المصريين خلال الأشهر الأخيرة، وهي:
1-الحرب الإسرائيلية على غزة
في المرتين السابقتين عندما تم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2008 ابان حكم مبارك، وفي 2012 خلال حكم مرسي، كان العدوان على غزة دافعًا لتظاهرات حاشدة في مصر حُرق فيها "العلم الإسرائيلي"، ولكن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع والتي بدأت في 7 يوليو / تموز الماضي، مرّت دون أي فعاليات جماهيرية كبيرة.
2- ذكرى فض اعتصام رابعة
رغم خروج المظاهرات في 90 مدينة مصرية، بحسب رصد لمراسلي الأناضول، يومي 14 و15 أغسطس/آب الجاري في الذكرى الأولى لفض القوات الحكومية اعتصامين لمؤيدي مرسي بميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة) والنهضة (غرب)، إلا أنها لم تحظ بزخم شعبي؛ لأنها لم تنجح في ضم فئات جديدة لهذه الفعاليات الاحتجاجية.
3- التفاعل مع قرار رفع أسعار الوقود
لم يحدث مع قرار رفع أسعار الوقود في 6 يوليو / تموز الماضي، بنسبة تتراوح بين 40 و78 %، أي مظاهرات أو احتجاجات شعبية، باستثناء بضعة وقفات لبعض سائقي الأجرة، وذلك رغم أن خطوة شبيهة اتخذها قائد حرب 6 أكتوبر (مع إسرائيل عام 1973) الرئيس الراحل، أنور السادات، في يناير/كانون الثاني 1977، أدت إلى احتجاجات واسعة.
وأدى هذا القرار إلى ارتفاع معدل التضخم (الأسعار) الشهرى بنسبة 3.3% في يوليو/ تموز الماضي، وهو نفس الشهر الذي اتخذ فيه قرار رفع أسعار الوقود، وذلك وفق النشرة الشهرية للتضخم التي يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وعبّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن سعادته بالمرور الهادئ لهذه التطورات، وقال في خطابة للمصريين يوم 23 يوليو / تموز الماضي في ذكرى الاحتفال بذكرى ثورة يوليو/تموز 1952: "الكثيرون نصحوني بأن هذه الخطوة لن تمر، لكن كانت ثقتي في المصريين كبيرة".
4- رفع أسعار الكهرباء رغم كثرة الانقطاع
ارتفعت أسعار الكهرباء بنسبة 27.9 بالمائة، وفق ما جاء في النشرة الشهرية للتضخم الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في شهر يوليو/تموز الماضي، وصاحب الارتفاع انقطاع متكرر للتيار الكهربائي.
لكن قطاعات الشعب التي خرجت في 30 يونيو/حزيران 2013، ضد مرسي مطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وكان أحد دوافعها تدني الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء، لم تنزل الشارع مع انقطاع الكهرباء ورفع أسعارها، رغم وجود حالة من الغضب المكتوم.
5- ذكرى 30 يونيو/حزيران 2013
وكما لم يتفاعل المصريون مع دوافع الاحتجاج، لم يتفاعلوا - أيضًا - مع دوافع الاحتفال والتأييد، ومرت الذكرى الأولى لمظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، دون أن تحظى بزخم شعبي كبير، والتفاف شعبي وجماهيري حولها، رغم أن الذين دعوا لهذه المظاهرات، قالوا إن أكثر من 30 مليون مواطن شاركوا فيها، وهو الرقم الذي اعترض عليه مؤيدو مرسي وقالوا إن تلك المظاهرات شارك فيها الآلاف فقط.
6- الاحتفال بفوز السيسي بانتخابات الرئاسة
انتشرت دعوات للاحتفال بفوز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ميدان التحرير وغيره من الميادين في 4 يونيو/ حزيران الماضي، غير أن الدعوة لم تحظ بإقبال واسع، واقتصرت على الآلاف، رغم أن أكثر من 23 مليونًا أعطوه صوتهم في الانتخابات، وفق النتائج الرسمية للجنة الانتخابات المصرية.
7- الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011
لم تحظ الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير/كانون الثاني بمشاركة شعبية، واقتصر إحياؤها على مجموعات شبابية، سواء من أنصار السيسي الذين تجمعوا يومها في ميدان التحرير، أو من معارضيه الذين خرجوا في مظاهرات في عدة أماكن شهدت اشتباكات مع الأمن خلّفت قتلى وجرحى.
8- تراجع الاحتجاجات العمالية والفئوية
انخفضت الاحتجاجات العمالية والفئوية بشكل ملحوظ، خلال الأشهر الأخيرة، ورصد مركز المحروسة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (مركز أهلي غير حكومي) في يونيو/ حزيران الماضي، انخفاضًا ملحوظًا في عدد الاحتجاجات العمالية التي شهدها الربع الثاني من العام الجاري، حيث بلغت 231 احتجاجا عماليا، في مقابل 1420 احتجاجا في الربع الأول من العام نفسه.
فما الذي تغيّر منذ 25 يناير/كانون الثاني 2011، ودفع المصريون إلى الإحجام عن المظاهرات الحاشدة؟.. هناك ثمانية أسباب يمكن رصدها في هذا الإطار، وهي كالآتي:
أولا- كلفة الدم والسجن
أصبحت كلفة التظاهر في مصر عالية في معظم الأحيان، فهي إما السجن بعقوبات مغلظة يقرّها قانون "التظاهر" الصادر في نوفمبر/تشرين ثاني 2013، أو الإصابة أو الوفاة في حال حدوث أعمال عنف.
فلا تكاد تخلو مظاهرة في مصر من سقوط ضحايا أو مصابين أقربها ما حدث يومي 14 و15 أغسطس/ آب الجاري خلال مظاهرات إحياء ذكرى فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، حيث سقط 14 شخصًا ، وفق بيان لتحالف دعم الشرعية المناهض للسلطة الحالية في مصر، فيما قالت وزارة الصحة إنهم 9 أشخاص قتلوا بينهم فرد بالشرطة.
وإلى جانب ذلك، ألقي القبض على 307 أشخاص خلال اليومين، بتهم من بينها التظاهر بدون ترخيص، بحسب بيانين لوزارة الداخلية.
وفي ذكرة ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2014، وثّق موقع "ويكي ثورة" (موقع حقوقي يقوم عليه ناشطون ويختص برصد إحصائيات تتعلق بالفعاليات الثورية) وفاة 103 أشخاص وإصابة 277، وإلقاء القبض على 1341، خلال فعاليات اليوم.
ثانيا- الخوف الجماعي من "الدعشنة " و"اللبينة"
المواطن المصري الذي عاش سبعة آلاف سن، وذلك في كنف دولة مركزية تمثل له كل شيء، تربى على مدار كل هذا التاريخ الطويل ولديه حساسية ضد أي مخاطر تهدد كيان ووجود هذه الدولة.
بهذه الحساسية يتفاعل المواطن المصري مع ما يحدث في الدول القريبة من حدود مصر، لاسيما " ليبيا"، وكذلك ما يفعله تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا باسم "داعش" بالعراق بمزيد من الخوف والقلق، ليس على استقرار مصر وأمنها، ولكن على "وجودها".
ويظهر هذا الخوف واضحًا في أحاديث المصريين، فلا تخلو أحاديثهم في وسائل المواصلات العامة واللقاءات الأسرية من أن استمرار المظاهرات، قد يؤدي لدخول مصر إلى نفق مظلم يسمح بتواجد جماعات مسلحة تأجج الصراع في مصر، كما حدث في ليبيا والعراق.
وأظهر استطلاع رأي أجراه مركز " بيو" الأمريكي للدراسات خلال شهري أبريل / نيسان، ومايو/ أيار الماضيين، أن الخوف من انتقال "داعش" إلى مصر ينتشر بين المصريين بنسبة 69 %.
ودعّم الخطاب الرسمي هذه المخاوف، وفي مقدمتها تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي، كان أبرزها في المؤتمر الذي جمعه مع رئيس وزراء إيطاليا، ماتيو رينزى، يوم 2 أغسطس / آب الجاري، حيث قال: "انظروا لليبيا وما يحدث بها، وما حدث فى سوريا، فنحن أنقذنا مصر من هذا المصير".
ووصف السيسي في كلمته للمصريين بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو/تموز هذه التحديات بقوله: "نحن في مواجهة صعبة وأمام تحدي وجودي دون مبالغة".
وسيطرت نفس المخاوف على الخطاب الإعلامي في عمومه، من خلال استضافة خبراء أمنيين ومتخصصين في الجماعات الاسلامية يتحدثون عن خطر "دعشنة " و"ليبينة" الأزمة المصرية.
ثالثا- إعلام "التصبير" و"التبرير"
يتواجد الإعلام كلاعب مهم في المنظومة التي تسببت في إحجام المصريين عن التظاهر، فبينما كان معظمه في عهد مرسي إعلامًا داعيا للتظاهر، تحوّل في الوقت الراهن إلى إعلام مبرر للأزمات ومصبر على تحملها.
ففي أزمة الكهرباء، على سبيل المثال، تحول الإعلام 180 درجة في تعامله معها، فبينما كان ينعت الحكومة سابقا بأقسى الألفاظ بسبب عجزها عن الحل، مطالبًا بإقالتها، لم يعد لديه مشكلة الآن في أن يتحمل المصريون الأزمة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، خرج الإعلامي خيري رمضان، الذي طالما انتقد أداء حكومة رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل، إبان حكم محمد مرسي، في تعاملها مع أزمة الانقطاع المتكرر للكهرباء، مطالبًا المصريين ب"التحمل".
وقال في برنامجه على فضائية "سي بي سي" الخاصة في 28 فبراير/ شباط 2014 : "عندنا أزمة في الوقود وأزمه في الكهرباء لازم كلنا نتحمل ونساعد ونوفر في الإضاءة".
واحتفى الإعلام المصري بتصريح وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بضرورة وقف المظاهرات لفترة، لخطورتها على الأمن القومي المصري.
رابعا- شيطنة المتظاهرين والمعترضين
لعبت معظم وسائل الإعلام المصرية على شيطنة الصورة الذهنية للمتظاهرين والمحتجين لدى عموم الناس، وأصبحت مصطلحات "الإرهابيين" و"المخربين" و"العملاء" و"معطلي الاستقرار والإنتاج"، مرادفة للمتظاهرين في معظم وسائل الإعلام.
وأصبح "الانتماء للإخوان" تهمة يلصقها الإعلام بكل متظاهر، حتى صار البعض يسخر من مقوله "والله أنا مش ( لست ) إخواني"، التي باتت تتردد على لسان من لا ينتمون للجماعة، ويحاولون إقناع الآخرين بمبررات وأسباب رأيهم المخالف للرأي العام الجمعي.
ويرجع ذلك، إلى كون الانتماء للإخوان، صار تهمة في حد ذاته، بعد أن صارت جماعة "إرهابية"، في نظر الحكومة.
وصنّفت الحكومة المصرية في ديسمبر/كانون أول 2013 جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية"، وقامت السلطة الحاكمة بمساعدة الإعلام في الربط بين التظاهر والإخوان، فأصبحت أول تهمة توجه لأي شخص يشارك فيالمظاهرات هو الانتماء لجماعة إرهابية.
خامسا- ضعف جماعات الرفض السياسي
منذ أن فرّقت المواقف السياسية بين الكتلة الثورية بسبب مواقفهم المتباينة، بدءًا بالاستفتاء على تعديلات الدستور في مارس / آذار 2011 ، ثم أحداث "محمد محمود " في 19 نوفمبر /تشرين الثاني2011 ، مرورا بالانتخابات البرلمانية "من 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 حتى 11 يناير/كانون الثاني 2012 (أقيمت على 3 مراحل)"، والإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وانتهاءً بالاستفتاء على الدستور في ديسمبر/كانون أول 2012، زادت الهوة بين الكتل المختلفة.
ولم تفلح محاولات إعادة الوحدة بين الصف الثوري، وهو ما ترك أثرًا بشكل كبير على أدائه، وصار أكثر ضعفًا وأقل قدرة على جذب قطاعات كبيرة من الشعب بما يجعلها مؤثرة في المشهد.
ومرت أحداث كثيرة مثل رفع أسعار الوقود وما ترتب عليه من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة دون أن يكون لها أي تأثير في الشارع.
وأصبحت المجموعات الشبابية والثورية تلجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتفريغ طاقة الغضب لديهم، كبديل عن النزول إلى الشارع.
سادسا- الملل من كثرة التغيرات السياسية
بسبب كثرة التغيرات السياسية خلال ثلاث سنوات ونصف السنة، شعر المصريون بالملل وعدم الرغبة في المشاركة السياسية، سواء كان ذلك في شكل استحقاقات انتخابية أو مظاهرات.
ورصدت الأناضول هذه التغيرات منذ ثورة يناير/كانون الثاني وحتى الآن في الآتي :
أ: سبعة اقتراعات (4 انتخابات و3 استفتاءات) خلال ثلاث سنوات ونصف السنة.
ففي عهد المجلس العسكري (الذي تولي السلطة عقب الإطاحة بمبارك) حدث استفتاء علي تعديلات دستورية وثلاثة انتخابات: اثنان برلمانية (شعب ، وشوري)، وثالثة رئاسية.
وفي عهد مرسي تم الاستفتاء على دستور 2012، وفي عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور تم الاستفتاء على دستور 2014، والانتخابات الرئاسية في مايو/أيار 2014.
ب : تعاقب على مصر في ثلاث سنوات ونصف 4 رؤساء، فشهدت مصر بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك مجلسًا عسكريا انتقاليا(اطلع بدور الرئيس في إدارة شؤون البلاد) والرئيس الأسبق محمد مرسي، والرئيس المؤقت عدلي منصور، والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
ج : تعاقب على مصر 6 حكومات مصرية: اثنان تم تشكيلها في عهد المجلس العسكري برئاسة كل من عصام شرف وكمال الجنزوري، والثالثة حكومة برئاسة هشام قنديل تم تشكيلها في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، والرابعة برئاسة حازم الببلاوي في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، ثم حكومتين برئاسة ابراهيم محلب الأولي في عهد منصور، والثانية في عهد السيسي.
وينتظر أخرى سابعة بعد انتخاب البرلمان الذي لم يحدد له موعدًا، بجسب الدستور.
وظهر أثر تلك التغييرات المتعاقبة في إحجام فئة الشباب الواضح عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، رغم أنهم يمثلون الشريحة الأكبر في جداول الناخبين " 31 مليونا و756 ألفا و571) مواطنا "، وفق إحصائيات اللجنة العليا للإنتخابات.
وانعكس ذلك على نسبة المشاركة إجمالا في الاستحقاقات الإنتخابية، فبينما شارك 51 % من إجمالي عدد الناخبين المسجلين في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2012 بين محمد مرسي وأحمد شفيق (آخر رئيس وزراء في عهد مبارك)، شارك في الانتخابات التي فاز بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مايو/أيار 2014، 47 % من إجمالي عدد الناخبين، فيما قدرتها جهات غير رسمية بأنها لم تتعد 10%.
سابعا- وسائل وأدوات المتظاهرين
لم تعد الأدوات التي يستخدمها المتظاهرون جاذبة لقطاعات عريضة من الشعب المصري، بل بالعكس تجعل البعض يتخذ مواقف مضادة لهم.
" ه . خ " الصحفي في إحدى الصحف اليومية الخاصة، واحد من هؤلاء، ورغم ما عرف عنه بين أقرانه من دماثه خلق كما تكشف تعليقاتهم على صفحته بالفيس بوك، إلا أنه استخدم على صفحته ألفاظا قاسية لوصف ما شهدته مظاهرات يومي 14 و 15 أغسطس الماضيين في ذكرى فض اعتصام رابعة العدوية من وضع للزيت على الطرق، حيث كاد أن يفقد حياته بسبب ما واجهة من صعوبة في التحكم في سيارته.
وخلال المظاهرات استخدم مجهولون وسائل أثارت غضبًا بين المواطنين بسبب تعطيلها لحركة مرور السيارات، ومنها قطع الطرق بحرق إطارات السيارات ووضع الزيت على الطرق، بما يهدد حياة سائقي السيارات.
وكشفت إحصائية للأناضول عن أن البلاد شهدت 60 حالة لقطع أو تعطيل لطرق رئيسية وفرعية قام بها مجهولون خلال 14 و15 أغسطس الجاري.
ثامنا- الخطاب "الحميمي" للسيسي
وبخلاف النبرة الحماسية المميزة للخطاب الإسلامي، التي تحاول إظهار القوة حتى في أكثر اللحظات ضعفًا، فإن خطاب السيسي يبدو مقنعًا لقطاعات عريضة من المصريين، والتي تتعاطف مع من يخاطبهم بنبرة هادئة تحمل مفردات "حميمية".
ويلاحظ متابعو خطاب السيسي استخدامه مفردات تعكس هذه الحميمية مثل "أنا بقول المصريين رجالة"، "المصريون هم من قضوا على الفكر الديني المتطرف فى الوطن".
وبينما يتحدث الرئيس المصري بهذا الخطاب، لا يعد بما هو فوق قدراته، ولعله استفاد في ذلك من خطأ مرسي، حينما وعد المصريين بتحقيق إنجاز في خمس ملفات (النظافة والوقود والخبز، والمرور، الأمن) خلال 100 يوم، ولم يوفق بحسب معارضيه.
وفي كثير من خطاباته، يعد السيسي المصريين بالتغيير خلال عامين، مطالبهم بتحمل أي قرارات خلال تلك الفترة، مستخدما في تلك الدعوة مفردات حميمية.
كما يعمل في الوقت ذاته على تحقيق إنجاز يعطيه "شرعية الإنجاز" إلى جانب "شرعية الانتخاب"، ويظهر ذلك من الاهتمام الحكومي بمشروع قناة السويس الجديدة، والتي طلب من القائمين عليها أن يتم تنفيذها خلال عام واحد فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.