لاشك أن أي نظام سياسي يحب أن ينجح ويود أن يكسب رضا الجماهير , ويضيف جديداً كل يوم إلى رصيد إنجازاته , وفي سبيل ذلك يُصدر دائما التوجيهات إلى مؤسسات الدولة لتحسين معاملة الجماهير , ولكننا في بعض الأحيان نجد أن هناك من مؤسسات الدولة من تسير في عكس الاتجاه فتصنع المشكلات عند تنفيذ القرارات , وتتسبب في إحراج الحكومة بارتكاب الأخطاء الفادحة وهي تتصور أنها تخدمها , فنجد – مثلاً – أن الإعلام المصري يفتقد بعض العاملين فيه إلى المهنية والموضوعية , فتراهم يهاجمون المعارضين للنظام بشراسة تجعل المشاهد يتشكك في صحة ما يقال جملة وتفصيلا , بل ربما انحاز إلى الرأي الآخر , وهناك أحكام قضائية كثيرة تصدر بالإعدام , وهذه الأحكام تتعرض إلى انتقادات محلية ودولية وتسئ إلى مفهوم العدالة في مصر , بل إنني أكاد أجزم أن النظام الحاكم لم يكن يريد هذا النوع من الأحكام القاسية لكونها ستكون عقبة أمامه , إلا أن تفادي ذلك يمكن تحقيقه من خلال محكمة النقض التي يمكنها أن ترفع الحرج وتلغي هذه الأحكام , ثم إنني أيضاً أتصور أن النظام غير راض عن الأداء الأمني تجاه المتظاهرين عندما يسقط المزيد من الضحايا , فالحكومة تريد تمرير المظاهرات بلا خسائر هنا أو هناك لأن ذلك أصبح يمثل عبئاً على النظام السياسي في مسألة التحقيقات , وأيضاً أصبح الأمر عرضة للإنتقادات الدولية من جانب حقوق الإنسان باعتبار استخدام القوة المفرطة في مواجهة متظاهرين عزل , كما أن أي نظام سياسي يتمتع بقليل من الحكمة لايمكنه أن يأمر بالقتل لأن له تداعياته الوخيمة , ولكون الشعوب تتعاطف مع المظلومين وتقف في مواجهة الظالمين بل وتثور عليهم . ولاشك أيضاً أن فكرة استبعاد كل من ينتمي إلى الإخوان أو يتعاطف معهم من كافة المؤسسات والجامعات وبعض الوزارات هي فكرة فاشلة وظالمة لأن هؤلاء مواطنون مصريون ومن الطبيعي في الدول الديمقراطية أن يكون هناك في المؤسسات من يعتنق فكراً سياسياً وحزبياً مخالفاً لنظام الحكم , وفي نفس الوقت لا يتعارض هذا مع مصلحة الوطن أو محبته , فالكل يعمل من أجله , ومن يثبت أنه على خلاف ذلك يكون من خلال تحقيق قضائي وليس بتقرير أمني حكومي , كما أن اعتماد هذه المبدأ يمكن أن يُدخل البلاد في صراعات بين طوائف المجتمع فكلما تولى فريق قام بعزل خصومه من الحياة السياسية والوظيفية وهو ما يعني قطع الأرزاق وتحويل المفصولين إلى خصوم وأعداء . أنه من الطبيعي أن نرى شعبية النظام تتناقص يوماً بعد يوم من جراء تلك الممارسات الخاطئة للمؤسسات الفرعية للنظام , فلقد رأينا من كان يدعم 30/6 يتحول إلى معارض قوي ل 3/7 وكل هذا نتيجة مباشرة لإصرار النظام على السير في الطريق منفرداً بغير مشورة شركاء الوطن, مع تجاهل تام للصوت المعارض , وعدم التصدي بشكل مباشر للمشكلات التي تمس المواطن , بل والتركيز على المشروعات القومية متوسطة المدى وبعيدة المدى وهو خلل جوهري في التوازن بين مستويات التخطيط وهو ما نشاهد نتائجه الآن من ندرة في احتياجات المواطن من السلع مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل لا يتناسب مع الأجور , وبالتالي حدثت صدمة لقطاع الفقراء الذين كانوا يأملون في إصلاح اقتصادي سريع يُحسّن دخلهم ويرفع من مستواهم المعيشي . إنني آمل أن تخرج مصر من أزمتها التي نعاني منها جميعاً ونشعر بالألم والمرارة في كل يوم يمر علينا ونرى فيه شهيداً يسقط , وجريحاً يتلوى , وسجيناً يشكو , وقنبلة تنفجر هنا , ومنشأة تحترق هناك ولا حول ولا قوة إلا بالله . والله المستعان