يلجأ عديم الحيلة إلى الاغتيال السياسي كطريقة للتخلص من الخصوم والأعادي بعد أن احتار في كيفية التغلب عليهم , وقد يبدو للمشاهد للوهلة الأولى أن القائمين على الاغتيالات قد كسبوا جولة بشطب أشخاص من تعداد الأحياء وأضافوهم إلى قائمة الأموات !! ولكن الحقيقة أكبر من ذلك بكثير , فالفكر الراسخ لا يموت بموت شخص معين , كما أن الناس لا يتعاطفون مع قاتل النفس , خاصة إذا كان الخلاف من النوع السياسي الذي يكون فيه الرأي والرأي الآخر . ولا شك أننا في هذه الآونه نمر بمرحلة عصيبة يتصارع فيها فريقان حول مسار المستقبل , فالاستحقاقات لدى الطرفين تحتكم إلى الصندوق الانتخابي , ولكن ضربة البداية عند كل فريق مختلفة , فالحكومة المؤقتة تسعى إلى تعديل الدستور ثم طرحه على الاستفتاء , كما تدعو إلى انتخابات المجالس النيابية ثم الرئاسية وهي تؤكد في نفس الوقت أنها ستكون شفافة , وأن العالم سيشهد بنزاهتها , ومن أراد أن يراقب فالأبواب أمامه مفتوحة , أما الطرف المقابل فيرى أن ما جرى في 3/7 هو خروج عن آليات العمل الديمقراطي ولابد من العودة إلى المربع الأول لنبدأ منه مسيرة إستحقاقات انتخابية يحتكم فيها الجميع إلى الصندوق الانتخابي . إذاً فالمساحة المشتركة بين الفريقين هي الاحتكام إلى الصندوق الانتخابي والتسليم بما تقرره الإرادة الشعبية , أما الخلاف الثابت بينهما فهو في كيفية الوصول إلى المسار الصحيح , فالنظام الحاكم الحالي يؤكد أنه كان مضطراً إلى أخذ هذه الإجراءات لتصحيح المسار بعد أن انعدمت كل طرق الإصلاح , وبات الأمر ينذر بخطر احتراب أهلي يضر بأمن الوطن وسلامته , أما أنصار النظام السابق فيتمسكون بشرعية الرئيس المنتخب , ويؤكدون أن الأغلبية كانت معهم وأن من خرجوا في 30/6 هم بالتأكيد أقلية بشهادة بعض مؤسسات الرصد العالمية المحايدة , وهنا مكمن الأزمة التي بدأ في استغلالها أعداء الوطن بهدف إدخال مصر في صراع داخلي دائم تظل فيه دولة ضعيفة القدرة , وبالتالي مسلوبة الإرادة في مواجهة الأخطار الخارجية المحدقة , وعلى كل الأحوال بقي لنا أن نؤكد على أن فكرة الاغتيال السياسي لا تغير دولاً , ولا تُعطب مساراً ولكنها تضيف إلى قائمة المآسي الكثير من القتلى , والمزيد من الأحزان والضغائن والثارات , وهو ما ينعكس سلباً على حياة المواطنين , وذلك أمر لا نريده لوطننا العزيز . إننا نأمل أن نصل إلى حل سياسي قريب يجعلنا ننطلق في أمان وسلام إلى الصندوق الانتخابي في منافسة شريفة يقف فيها المشرفون على الانتخابات موقفاً مشرفاً لحماية الإرادة الشعبية , ومنع أي جهة من أن تتدخل لإفساد العملية الانتخابية , كما نتمنى أن تنتهي المنافسة في جميع مراحلها على خير ما يحبه المواطن , فنجد أمامنا دستوراً يرضى عنه غالبية الشعب ومجلساً نيابياً يمثل القوى السياسية تمثيلاً حقيقياً بقدر الحضور في الشارع , كما نحب أن نرى رئيساً للبلاد ترضى عنه الغالبية , يدفع بعجلة التنمية مع حكومة قوية نحو الأمام , وهنا يجب على الجماهير أن تحتشد خلف هذه المؤسسات المنتخبة وتعمل كيد واحدة تبني وتعمر كي نرتقي بمصرنا إلى مكانها الطبيعي بين دول العالم . والله المستعان