عاشت مصر ليل الجمعة أجواء إيمانية خالصة أخرجتها من ضجيج السياسة، حيث توحدت قلوب ملايين المصريين بينما كانوا يحيون "ليلة القدر" التي توافق ليل السابع والعشرين من رمضان وهم يرفعون أكف الضراعة الدعاء إلى الله آملين منه العفو والمغفرة وأن يعتق رقابهم من النار، وأن يرزق مصر حاكمًا عادلاً وبطانة صالحة، وأن يرد كيد أعدائها في نحورها. واكتظت المساجد بالملايين ليل الذين أحيوا ليلة القدر وقاموا بأداء صلاة التراويح والتهجد وصلاة التساييح التي استمرت حتى أذان الفجر, وخاصة في المساجد الكبرى والتي كان أشدها ازدحما بالقاهرة عمرو بن العاص والأزهر والحسين والنور والفتح، بالإضافة إلى مساجد السلفيين والجمعية الشرعية. وأدى أكثر من مليوني مصل من الرجال والنساء والأطفال الصلاة بمسجد عمرو بن العاص الذين افترشوا الشوارع المحيطة بالمسجد بمنطقة مصر القديمة بعد أن ضاق المسجد بالزاحفين للصلاة من جميع أنحاء القاهرة وخارجها، وأم المصلين الشيخ محمد جبريل في صلاة التراويح، والشيخ محمد حسان في صلاة التسابيح والتهجد. وتسببت هذه الأعداد الغفيرة في توقف حركة المرور تماما بمنطقة مصر القديمة، حيث أصيب شارع صلاح سالم وجميع الشوارع المحيطة بالشلل التام وقد امتد ذلك إلى باقي مناطق القاهرة والجيزة. واستمرت صلاة التروايح إلى ما بعد منتصف الليل حيث اهتزت أرجاء المنطقة بأصوات المصلين وهم يرددون: "آمين" خلف الشيخ محمد جبريل بينما هو يدعو بالعزة والنصر والتمكين لمصر وأن ينصرها الله على أعدائها من الظالمين والبلطجية بالداخل والمتربصين بحدودها وأمنها بالخارج بعد نجاح ثورتها فى 25 يناير, وأن يوفق الشعب المصرى إلى اختيار رئيس جديد يتقي الله ويرزقه البطانة الصالحة التى تساعده فى الحكم. كما ارتفعت أصوات المصلين وهم يلهجون بالدعاء خلف الشيخ جبريل بالنصر والتوفيق والنجاح للجيش في الدفاع عن مصر وحمايتها فى الجيهتين الداخلية والخارجية, وأن يوفقه الله في القضاء على جميع الظالمين الذين ظلموا الشعب المصرى طوال العقود الماضية, وأن ينصره على الصهاينة ومؤيدوهم، وأن يرزق الله مصر الامن والاستقرار وأن يوفق قضاتها فى أن يراعوا حقوق الله والعباد في أحكامهم. وكان للثورات المشتعلة في سوريا وليبيا واليمن نصيب وافر من الدعاء، وذلك من خلال الدعاء لهم بأن يمن الله على شعوب هذه البلاد الشقيقة بالنصر على الطغاة في هذه الأيام المباركة، وفي القلب منها فلسطين والمسجد الأقصى الأسير. وأبكى الشيخ جبريل المصلين المصلين بدعائه الذي استمر ساعة كاملة. وبعد النتهاء من صلاة التروايح بعد منتصف الليل, قام الشيخ محمد حسان للمرة الأولى في مسجد عمرو بن العاص بإمامة الناس في صلاة التهجد والتسابيح التي استمرت حتى آذان الفجر.