أجمل إحساس تشعر به الفتاه التي صارت زوجة حديثا هو شعورها أنها حامل وتستعد لاستقبال مولودها الأول وسوف تصبح أما ، مشاعر لا يمكن وصفها كما أنها لا تتكرر بنفس القوة بعد ذلك ، تشعر الزوجة الصغيرة بتلك النقلة الهائلة التي فكت ضفائرها وألقت شرائطها ولعبها وعرائسها لتتحول من فتاه مدللة لاهية في بيت بابا وماما إلي أم ، تغيرات متسارعة في جسدها ونفسيتها وتعب لذيذ مصحوب بإحساس خفي بالانتصار والنشوة وأنها صارت بالفعل ملكة بيتها وتنتظر ولي العهد . عند قدومه تستقبله بفرحة غامرة ترفعها بالفعل فوق السحاب ، هناك قوة خفية تحملها لأعلي كأنها تطير وتسبح في السماء ثم تنتبه فإذا هي علي سريرها وبجوارها ذلك المخلوق الرائع ابنها ، لا تمل من تأمله وتعجب كيف يبدو صغيرا جميلا ولكنه مؤثر جدا فهو يجلب الفرحة والسعادة لوجوه كل من يراه ، هاهي عيناه التي تدور في كل اتجاه وشفتاه التي يمطها بشكل مضحك ويداه المطبقتان الصغيرتان وقدماه ذات اللون الوردي وصوته الذي يشبه مواء القطط . سوف تجتهد في تربيته أحسن تربية سوف تكون هي الأم الأفضل فلا تعتقد أن هناك من أحبت طفلها مثلها من قبل ، وتستمتع بالتهنئة ( يتربي في عزك وعز أبوه ) ولكن بعد سنوات قليلة وربما شهور تبدأ في الشكوى منه والقلق عليه ، شاهد أي برنامج يستضيف طبيب أطفال واستمع لشكاوي الأمهات الصغيرات التي توجع القلب ، هذا الطفل لديه ( توحد ) ( مرض حديث ينتشر بسرعة البرق بين الأطفال ويعزلهم في قوقعة النفس بعيدا عن العالم ) وهذا ( لين عظام ) أو ( نقص في النمو ) أو ( تشتت في الانتباه ) أو ( فرط حركة ) أو ( تبول لا إرادي ) أو ( تأخر في الكلام ) لماذا ؟؟ يقول الطبيب بأسي وحزن بسبب أمه ، نعم كانت تركز في تربيته والعناية به كما أنها شابة مجتهدة وملتزمة وطيبة ولكن كيف أخطأت ؟ عزلته عن فطرته دون قصد ، الفطرة هي خلقة ربنا في الإنسان وكلنا نحتاج دائما للتجاوب معها ولكن احتياج الطفل في مرحلة النمو والتأسيس أشد وأكثر أهمية ، يحتاج الطفل طعاما فطريا غير مصنع ، منتجات ألبان وخضراوات وفواكه طازجة وبروتين وحبوب ، ولكن أمه تعوده علي تلك الأشياء شديدة الخطورة التي تباع في أكياس ملونة ويعلن عنها التليفزيون ليل نهار فهو يعتاد مذاق ( الشيبس والمياه الغازية والمقرمشات والحلوي والعصير الصناعي ) تدريجيا يرفض أن يأكل سواها وهكذا تتراكم في جهازه العصبي البادئ في النمو والتشكل تلك المواد السامة ( مكسبات اللون والطعم والرائحة والمواد الحافظة ) هذا فضلا عن المواد الرديئة التي صنعت منها تلك الأغذية وتظهر الأعراض والأمراض الغريبة عليه والتي لم نكن نعرفها من قبل . كما أن هذا الطفل يقضي وقته في التسلية إما بمشاهدة التليفزيون أو الكمبيوتر والألعاب الألكترونية ، لايحتمل جهازه العصبي وتركيزه ومخه ونظره ذلك الضغط الهائل ، ولأن هذا ما يشغل وقته ولأنه محبوس دائما في المحمية التي تفنن والديه في زخرفتها وهي شقته فهو لا يختلط بغيره من الأطفال وربما لا يري من الناس سوي والديه فينشأ انطوائيا هيابا خجولا ولا تكتمل شخصيته كما يجب . كل تلك السلوكيات هي أساليب حديثة مكلفة ماديا يتباهي الناس في توفيرها للطفل وتعتقد الأم الصغيرة أن الشقة الرائعة واللعب الغالية والمأكولات الفاخرة التي تمتلأ بها الأكياس والعلب هي الطريقة المثلي للتربية في وفرة ورفاهية وعز بينما هي الوسيلة الحتمية لعزله عن فطرته وإعاقة نموه الطبيعي . الطريقة المثلي هي ما يحدث في الريف والمناطق الشعبية ، طفل غير مدلل وغير محاط بحماية زائدة ، يأكل طعاما طبيعيا تماما حتي أنه لا يستسيغ الشيكولاتة والأطعمة عالية السكريات ، يلعب ويجري ويعيش في الواقع وليس في العالم الافتراضي ويتواصل مع الحياة بشكل مباشر فينشأ رجلا سويا فعالا . أحيانا أشعر أن الأم الشابة تريد أن تقتني أشياء ترضي تطلعاتها هي لتحيط بها طفلها ، لمصلحة طفلك دعك من المظاهر واتركيه لفطرته ويتربي في عزك . [email protected]