وزعت وزارة الداخلية استمارات على المعتقلين السياسيين من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي تتضمن إقرارات بإعلان تبرؤهم من جماعة "الإخوان المسلمين"، مقابل الإفراج عنهم أو تخفيف الأحكام الصادرة ضدهم. يتضمن الإقرار تبرؤ المحبوسين من جماعة الإخوان، والتعهد بعدم المشاركة في المظاهرات التي تشهدها مصر منذ عزل مرسي، ونبذ العنف، وإبداء الرغبة في التصالح مع وزارة الداخلية والنظام الحاكم. ونص الإقرار: "أتعهد أنا (....)، والمحبوس على ذمة قضية... في أحداث... أني لا أنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، ولم أمارس أي أعمال عنف، وأني أريد بذلك التصالح مع الحكومة، وأرجو من إدارة السجن توصيل هذه الرسالة عني إلى المسئولين". البعض اعتبر أن هذه الوسيلة مجرد حيلة قديمة بائسة أقدم عليها نظام الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر مع الجماعة واستخدمها نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك مع الجماعة الإسلامية لمحاولة استقطاب بعض أفرادها والعمل على إحداث الانشقاقات وزعزعة الصفوف. ويقول قيادات تاريخيون من جماعة الإخوان، سجنوا في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر (23 يونيو 1956 - 28 سبتمبر 1970)، إن قيادات السجون، عرضت عليهم سياسة الباب المفتوح، ما يعني أنه من اعترف منهم بالسلطة الشرعية، يخرج ويمارس عمله كأي مواطن عادى، وتعرض الموقعون لانتقادات داخلية في الجماعة، بدعوى أنهم قدموا تنازلات أكبر من أجل الخروج. إبراهيم الزعفراني، القيادي المنشق عن الإخوان، قال في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعيس "فيس بوك"، إن "ابنه المحبوس أخبر محاميه أن ورقة توزع على المحبوسين من أنصار مرسي لكي يتبرأوا من الإخوان، ويتعهدوا بالمحافظة على الأوضاع القائمة". من من جانبه، قال اللواء هاني عبداللطيف، المتحدث باسم وزارة الداخلية: "لاوجود لمثل هذه الإقرارات، ونحن لم نرصد أي نوع من أنواع الإقرارات في السجون، وبالنسبة لنا لم نطلب ولم نرصد، ولم نسلم أو نستلم، إقرارات من السجناء". وأضاف: "ليست مهمتنا طرح مبادرات، لأننا لا نملك قرار الإفراج عن أحد أو إخلاء سبيله، فالمعني الوحيد بذلك، هي النيابة العامة والقضاء المصري". في المقابل، ووصف أحمد رامي، المتحدث باسم "الحرية والعدالة"، تلك الخطوة ب "الوسيلة الفاشلة المكررة، التي فعلها ناصر من قبل مع الإخوان ولم يف بوعده". وقال: "ولا يدرى مستشارو الطغاة في كل عصر أنه حتى مجرد كتابة تلك الكلمات حال كتابته (وهو ما استبعده مما يصلنا من صمود وإصرار المأسورين ظلمًا في السجون) لا يعنى تغيرًا لا في الاعتقاد ولاحتى في سلوك الأحرار فور خروجهم من محبسهم". وقال الدكتور ممدوح المنير، رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية، إن "النظام أفلس بامتياز ولم يعد لديه سوى هذه المحاولات الفاشلة التي قام بها جمال عبدالناصر سابقًا ولم تؤت أكلها إلا مع ضعاف النفوس". واعتبر أن "إجبار معتقلين لا يملكون من أمرهم شيئًا هو ابتزاز أخلاقي غير مقبول نهائيًا، ويدل على مدى وضاعة القائمين على الأمر". وأضاف المنير: " هناك عدد كبير من المعتقلين حاليًا تم اعتقاله عشوائيًا وليس له علاقة بالإخوان من قريب أو بعيد وليس لهم علاقة بموضوع الانقلاب.. هؤلاء سيكونون الأكثر استجابة لإقرارات التبرؤ من الإخوان". وقالت الدكتورة جيهان رجب، القيادي بحزب "الوسط"، إنهم سمعوا بتوزيع إقرارات على المعتقلين الورقة ولكن لم يسمعوا من وقع عليها قائلة: "من قام انتفاضًا لله لايثنيه إلا حكم الله.. وإذا أرادت الداخلية فعليًا أن تتعامل مع مثل هؤلاء الأحرار فعليها إقامة العدل". مع ذلك، قال مصدر باللجنة القانونية لجماعة "الإخوان المسلمين"، إن الجماعة تركت الحرية للسجناء من أعضائها أو أنصارها، في التوقيع من عدمه على "إقرارات للتصالح مع النظام، يتم توزيعها على المحبوسين في السجون المختلفة". ونقلت وكالة "الأناضول" عن المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "إقرارات توزع على المحبوسين في السجون المختلفة ومراكز الاحتجاز، من أنصار الرئيس مرسي، للتوقيع عليها، تفيد بأنهم ينبذون العنف ويرفضون المظاهرات الموجودة في الشارع المصري، ويتعهدون بعدم المشاركة فيها، ويريدون التصالح مع الحكومة والنظام الحالي". وتابع: "بعد مباحثات ومداولات، اتخذنا قرارًا بأن يترك الحرية لكل معتقل وقراره حسب ثباته وصبره، دون التدخل برفض التوقيع أو قبوله". وبرر المصدر موقفهم، بالقول إنهم "لا يستطيعون إجبار أحد على التوقيع أو الرفض، لأنهم لا يعرفون الخطوة التالية للتوقيع أو الرفض، في ظل عدم الحديث عن مقابل هذا التوقيع، ولا جزاء الرفض، وفي ظل وجود قطاع كبير من المحبوسين لا ينتمون للجماعة تنظيميا، وآخرين يعانون وذويهم من حالة سيئة". وبحسب المصدر، فإن "هناك نسبة محدودة وقعت على الإقرار- أغلبهم ممن لاينتمون فعلاً للإخوان - بينما رفض آخرون، وحاولوا دفع زملائهم إلى عدم التوقيع". وأضاف أن "هذه الإقرارات لا تعد دليلًا على الاقتناع بما فيها، وإنما وسيلة للفرار من السجن بأي شكل"، مشيرًا إلى أن "هذه الإقرارات لا تسمح للموقع عليها من الناحية القانونية، بالخروج الفوري من السجن، لكنها تمثل إشكالية كبرى، تضع الموقع على الإقرار في موقف قانوني صعب أمام هيئة محاكمته، لأنه بمثابة اعتراف بارتكاب أفعال ضد القانون".