تحل يوم الأحد المقبل 21 أغسطس الجاري الذكرى الثانية والأربعين لإحراق المسجد الأقصى المبارك، ولا تزال تحفر في الأذهان ذكرى أليمة في تاريخ الأمة المثخن بالجراح، ووسط عملية تهويد شرسة تستهدف مدينة القدسالمحتلة لتغيير طابعها العربي والإسلامي وتفريغها من سكانها الأصليين. ففي مثل هذا اليوم من عام 1969 شهد المسجد هجومًا من المتطرف الصهيوني "مايكل روهان" الاسترالي الأصل أسفر عن إحراق الجناح الشرقي منه بالكامل وإحراق السقف الجنوبي ومنبر السلطان نور الدين ومحراب صلاح الدين بهدف طمس المعالم العربية والإسلامية في مدينة القدس العربية المحتلة. وقد بلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجماليَّة، حيث احترق ما يزيد على 1500 متر مربع من المساحة الأصلية البالغة 4400 متر وأحدثت النيران ضررًا كبيرًا في بناء المسجد وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية. وكانت جريمة الإحراق من أبشع الاعتداءات بحق المسجد الأقصى، كما كانت خطوة يهودية فعلية في طريق بناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى، وكانت الكارثة الحقيقية والصدمة التي أعقبت هذا الاعتداء الآثم أن قامت محاكم إسرائيل بتبرئة ساحة المجرم الاسترالي بحجة أنه "مجنون" ثم أطلقت سراحه دون أن ينال أي عقوبة أو حتى إدانة، ولم تكن جريمة الإحراق حدثًا عابرًا بل كانت خطوة على طريق طويل يسيرون فيه لارتكاب اعتداءات ضد المسجد الأقصى والإسراع في بناء الهيكل الثالث المزعوم. في إطار السياسة الاستيطانية الإسرائيلية المستمرة صادق وزير الداخلية ايلي يشاي في أغسطس الحالي على إقامة 4300 وحدة سكنية جديدة في بعض مستوطنات مدينة القدسالمحتلة وأعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلية انه سيتم بناء ألفي وحدة سكنية في مستوطنة جيفعات هامتوس في جنوبالقدسالمحتلة و1600 وحدة سكنية في مستوطنة رمات شلومو بشمال المدينة و700 وحدة سكنية في مستوطنة بسجات زئيف. ووصف نمر حماد المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني محمود عباس قرار حكومة الاحتلال ببناء المزيد من الوحدات الاستيطانية بأنه تحدي واضح للمجتمع الدولي الرافض لسياسة الاستيطان وتهويد الأراضي، مؤكدًا أن حكومة الاحتلال تسعى لتدمير ما تبقى من عملية السلام مطالبًا المجتمع الدولي بإيقاف تلك الممارسات وإجبارها على التراجع عن قراراتها التعسفية. كما تستعد سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإنفاق 15 مليار دولار لتنفيذ مخطط تهويد القدس وضم الكتل الاستيطانية ونقل 40 ألف يهودي إلى القدسالمحتلة وخفض الوجود الفلسطيني في المدينة بحيث يصبح 12 % فقط للفلسطينيين و88% لليهود عام 2020 الأمر الذي يعني تفريغ القدس تمامًا من سكانها الأصليين. ومن هنا، طالب الرئيس الفلسطيني بضرورة وقف الاستيطان بكافة أشكاله لأنه نقيض لعملية السلام، فيما يرى المحللون أن مسألة القدس لا يمكن الالتفاف عليها في إطار أي حل نهائي للقضية الفلسطينية لأنها ليست قضية فلسطينية فحسب إنما قضية عربية وإسلامية ومسيحية ذات أبعاد دينية وسياسية وتاريخية الأمر الذي بدون التوصل فيه إلى حل عادل ومقبول لمشكلة القدس بعيدًا عن الأطماع الإسرائيلية سوف يظل الصراع محتدمًا على مدى الأجيال المقبلة مهما تم إبرامه من اتفاقيات أو تفاهمات أو أي نوع من التسويات.