قال سكان إن القوات السورية قصفت حيًا سكنيًا في اللاذقية اليوم الإثنين وهو اليوم الثالث من الهجوم على الأحياء التي يقطنها السنة في المدينة الساحلية التي تشهد احتجاجات متصاعدة ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد. ووسع الأسد الذي ينتمي للأقلية العلوية في سوريا نطاق الهجوم العسكري لسحق الانتفاضة المستمرة منذ خمسة أشهر للمطالبة بإنهاء حكمه منذ بداية شهر رمضان في الأول من اغسطس آب حين بدأت الاحتجاجات على حكم أسرة الاسد القائم منذ 41 عامًا تكتسب قوة دافعة. واللاذقية أحدث مدينة يقتحمها الجيش بعد حماة التي كانت شهدت مذبحة للجيش في عام 1982 ومدينة دير الزور الشرقية وعدد من المدن في محافظة أدلب المتاخمة لتركيا. ومثلما حدث في المدن الأخرى التي هاجمتها القوات السورية قال سكان إن الدبابات والعربات المدرعة انتشرت حول أحياء المعارضة وقطعت الخدمات الأساسية قبل المداهمات والاعتقال والقصف. وقال أحد السكان لرويترز عبر الهاتف "تجدد القصف في حي الرمل الفلسطيني وحي الشعب، هناك إطلاق كثيف للنيران من الدبابات على أحياء الصليبة والاشرفية وقنينص والقلعة." وقال شاهد آخر "يحاول السكان الفرار ولكنهم غير قادرين على مغادرة اللاذقية لأنها محاصرة. أفضل ما يمكنهم فعله هو الانتقال من منطقة لأخرى في المدينة ذاتها." وقال اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إن رجلا يدعى أحمد صوفي ويبلغ من العمر 22 عامًا قتلته قوات الأسد أمس الإثنين ليرتفع إجمالي عدد القتلى في ثلاثة أيام من الهجوم البحري والبري على اللاذقية إلى 31 مدنيًا على الأقل بينهم طفلة عمرها عامان. وقال سكان في مدينة اللاذقية الساحلية وجماعات حقوقية إن المدينة تعرضت للقصف بنيران الدبابات والسفن الحربية أمس الأحد، وذكر شاهد عيان وهو طالب جامعي أن 20 ألف شخص في المتوسط يتظاهرون يوميًا للمطالبة بإنهاء حكم الأسد في مناطق مختلفة من المدينة بعد صلاة التراويح. ونفت الوكالة العربية السورية للانباء تعرض اللاذقية للهجوم من البحر وقالت إن شرطيين وأربعة مسلحين مجهولين قتلوا، وقالت "ما يجري هو ملاحقة من قبل قوات حفظ النظام للمسلحين الذين يروعون الأهالي ويعتدون على الأملاك العامة والخاصة ويستخدمون الرشاشات والمتفجرات من خلف السواتر ومن على أسطح الأبنية." وعلى عكس معظم المدن السورية الأخرى التي تقطنها غالبية سنية توجد أعداد كبيرة من العلويين في اللاذقية لقربها من جبال العلويين إذ شجع الاسد وأباه العلويين على ترك مناطقهم الجبلية التقليدية وقدما لهم أراضي رخيصة ووظائف في القطاع العام وأجهزة الأمن. ولميناء اللاذقية أهمية كبيرة بالنسبة إلى هيمنة عائلة الأسد على الاقتصاد حيث كان الراحل جميل الأسد عم الرئيس بشار يسيطر فعليا على الميناء وتولى من بعده جيل جديد من أفراد العائلة وأصدقائهم السيطرة على المنشأة. وقالت منظمات حقوقية إن قوات الأسد هاجمت قرى في سهل الحولة شمالي حمص اليوم وقامت بعملية تمشيط للمنازل واعتقالات إضافة إلى ما لا يقل عن 12 ألف شخص اعتقلوا منذ بداية الانتفاضة وآلاف من السجناء السياسيين محتجزين منذ قبل بدء الانتفاضة. وذكرت الوكالة العربية السورية للانباء أن الأسد عين محافظًا جديدًا لمحافظة حلب اليوم الإثنين عقب اندلاع احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في مدينة حلب وهي مركز تجاري رئيسي وعاصمة المحافظة. وقال ناشط "نظام الأقلية يلعب بالنار، نحن نقترب من الوصول إلى مرحلة سيحمل فيها الناس في الشارع أي سلاح يقع في أيديهم ويقاتلون بدلا من أن تطلق عليهم النار أو يعتقلوا او يتعرضوا للاذلال." وأضاف "نحن نشهد حربًا أهلية في سوريا لكنها من جانب واحد، الأمل هو أن تسقط احتجاجات الشوارع والضغط الدولي النظام قبل أن يقتل المزيد من السوريين ويدفعهم إلى حمل السلاح." وتلقى هجمات قوات الامن السورية انتقادات دولية متزايدة. ونقل دبلوماسيون في نيويورك يوم الاربعاء عن نائب رئيس الشئون السياسية للأمم المتحدة أوسكار فرنانديز تارانكو قوله إن قوات الاسد قتلت نحو ألفي مدني منذ مارس آذار ومن بينهم 188 شخصًا قتلوا منذ 31 يوليو تموز و87 في يوم الثامن من اغسطس آب وحده. وتنحي القوات السورية باللائمة على "هجمات إرهابية" في العنف وتقول إن 500 من أفراد الشرطة والجيش قتلوا. ودعت منظمة المؤتمر الاسلامي التي تضم 57 عضوًا يوم السبت إلى وقف فوري للحملة العسكرية على المحتجين، وكرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما والعاهل السعودي الملك عبد الله مطالبتهما بوقف حملة القمع. وقال البيت الابيض إن أوباما تحدث مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وان الزعيمين طالبا أيضا بوقف فوري لهجمات القوات السورية على المحتجين المطالبين برحيل الأسد. وتابع أن أوباما وكاميرون "سيتشاوران بشأن مزيد من الخطوات في الأيام المقبلة"، وقد تسفر المشاورات عن فرض مزيد من العقوبات على الأسد مع دعوة واشنطن لأوروبا والصين إلى بحث فرض عقوبات على صناعة النفط في سوريا المصدر الرئيسي للعملة الصعبة للنظام الحاكم. وينتمي الأسد الى قرية القرداحة التي تقع على بعد 28 كيلومترا جنوب شرقي اللاذقية والتي دفن فيها والده الرئيس الراحل حافظ الاسد. وكانت المظاهرات ضد حكم الأسد تستعر في أحياء تسكنها أغلبية سنية في اللاذقية مثل الصليبية في وسط المدينة والرمل الفلسطيني والشعب على شاطئها الجنوبي. ويقول سكان إن الجنود تدعمهم الدبابات يحاصرون المنطقتين منذ شهور مع تراكم القمامة وانقطاع الكهرباء بشكل متواتر، وطردت السلطات السورية معظم وسائل الإعلام المستقلة منذ بدء الانتفاضة الأمر الذي يصعب معه التحقق من الأحداث.