يبدو أن الاحتفاء داخل إسرائيل بتبرئة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك, غير بعيد عن التقارير الغربية, التي رأت في الأمر نهاية "الربيع العربي", الذي طالما أرق مضاجع الكيان الصهيوني منذ 2011 . وكان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بنيامين بن اليعازر سارع لتهنئة مبارك بحكم البراءة، معتبرا إياه رجلاً وطنيًا بذل خلال سنوات طوال قصارى جهده من أجل بلاده واستقرار الشرق الأوسط، وعمل على ترسيخ معاهدة السلام مع إسرائيل. ونقلت القناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلي عن بن اليعازر قوله في 29 نوفمبر: "مبارك رجل وطني وبطل مصري عمل خلال سنوات طوال من أجل بلاده واستقرار الشرق الأوسط, ورسخ معاهدة السلام مع إسرائيل، من منطلق كونها مصلحة مصرية، وليست مصلحة إسرائيلية فقط". وبدورها, ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن تل أبيب هي الرابح الأكبر من براءة مبارك. ونقلت الصحيفة في تقرير لها في 3 ديسمبر عن يرون فريدمان رئيس قسم الدراسات الشرقية بجامعة تل أبيب, قوله: "تبرئة مبارك تعني أن مصر عادت بقوة إلى سابق عهدها, فيما يتعلق بالتعاون الوثيق مع إسرائيل, وتشديد الخناق على قطاع غزة وحركة حماس". كما نقلت الصحيفة عن عاموس يادلين، مدير مركز أبحاث الأمن القومي, قوله إن قرار تبرئة مبارك يرسل رسالة واضحة للعالم، ولإسرائيل بشكل خاص, أن مصر غادرت مربع الربيع العربي, ولن تعود إليه. وأوضح يادلين أن قيمة تبرئة مبارك بالنسبة لإسرائيل كبيرة جداً، على اعتبار أن صدور هذا القرار يعني إضفاء شرعية على النهج السياسي والأمني والإقليمي الذي انتهجه مبارك, خلال 30 عاماً، وضمن ذلك علاقاته الوثيقة جداً مع إسرائيل. وأشار يادلين إلى أن تبرئة مبارك ستؤثر على الوعي الجمعي للمصريين وللعرب عموماً, وستفتح الطريق أمام تكريس نهج سياسي وفكري, سيضمن استقرار البيئة الإقليمية لإسرائيل. وفي السياق ذاته, نقلت صحيفة "هآرتس" ما جاء على لسان أبناء الحاخام الإسرائيلي المتطرف الراحل عوفاديا يوسف، من أن حكم البراءة الذي ناله مبارك, في القضية المعروفة إعلاميًا ب"محاكمة القرن"، جاء بفضل البركات والدعوات, التي منحها والدهم لمبارك. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 3 ديسمبر أن إسحاق يوسف، الابن الأكبر لعوفاديا والحاخام الأكبر لليهود الشرقيين أعرب عن سعادته هو وأخوته بهذا الحكم، مؤكدًا أن والدهم قدَّم دعوات لمبارك بالبراءة, في إحدى دروسه الأسبوعية. وبالتزامن مع التصريحات السابقة, ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن "الربيع العربي قد أعلنت وفاته ويشيّع الآن في جنازة عسكرية على ضفاف النيل". وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 3 ديسمبر " تبرئة ساحة مبارك من تهم الفساد وقتل المتظاهرين، جاءت في سياق عودة مصر إلى حكم الاستبداد, وبشكل أكثر وحشية". كما كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في افتتاحيتها في 2 ديسمبر أن حكم تبرئة مبارك, ربما ختم آخر فصل في الربيع العربي. وأضافت الصحيفة " بعد محاولة مصر الوجيزة والمعيبة في الديمقراطية, عادت بسرعة إلى حكم الاستبداد والفساد". واعتبرت الصحيفة أنه "بإطلاق سراح مبارك, لن تكون هناك عدالة لأولئك الذين قضوا في ثورة يناير, أو محاسبة على عقود من انتهاكات حكومته لحقوق الإنسان". وتابعت "في الوقت الذي يريد فيه المصريون الاستقرار, سيؤدي القمع وعدم محاسبة المسئولين إلى المزيد من السخط على النظام الحالي في البلاد, واحتمال تفجر الأمور إلى ما هو أسوأ بكثير من الوضع الحالي". وكانت محكمة جنايات القاهرة قضت السبت الموافق 29 نوفمبر ، بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية المقامة ضد مبارك في قضية قتل المتظاهرين. كما برأت المحكمة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من مساعديه من تهمة الاشتراك في جرائم القتل العمد. وحكمت المحكمة أيضا ببراءة مبارك في قضية التربح في تصدير الغاز إلى إسرائيل, كما حكمت بانقضاء الدعوى الجنائية على رجل الأعمال الهارب حسين سالم ومبارك ونجليه علاء وجمال, في تهمة تلقي رشى من حسين سالم. وكان القضاء المصري قد حكم على مبارك أواخر 2012 بالمؤبد بعدما أدانه في قضايا تتعلق بقتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير 2011, إلا أنه تم نقض الحكم مطلع عام 2013 , لتعاد المحاكمة من جديد.