يهاجم الإعلام بكل ضراوة جسد الدولة، المتمثل فى المحافظين والوزراء، ولا يجرؤ على تقديم انتقاد واحد لرأس الدولة المتمثل فى الرئيس عبد الفتاح السيسى وذلك سيرًا على نفس نهج الرئيس الأسبق حسنى مبارك فرأس النظام بعيدة عن أى انتقاد والجسد متاح للنقد . فأصبح الإعلام مجرد أداة فى يد السلطة. ولعل أشهر المواقف التى تمت فيها مهاجمة المحافظين دون مهاجمة رأس الدولة عندما قام الإعلامى يوسف الحسينى مقدم برنامج "السادة المحترمون"على فضائية"أون تى في"، بحلق شعر رأسه"زيرو"، وذلك اعتراضًا على بقاء محافظ الإسماعيلية فى منصبه بعد أن قام بالتلويح للمواطنين بإشارات بذيئة بإصبعه. كما انتقد الإعلامى محمود سعد محافظ الإسماعيلية، فى التعامل مع المواطنين، مضيفًا خلال برنامجه بإحدى المحطات الخاصة، هذه الطريقة التى تحدث بها المسئول عيب "وطالبه بتقديم الاستقالة مشكورًا، وترك غيره لمواجهة المشكلات". ويأتى على رأس الوزراء الذين أخذوا نصيبهم من النقد الإعلامى الدكتور محمود أبو النصر وزير التعليم، والذى واجه انتقادات لاذعة خلال الفترة الأخيرة، نتيجة مسلسل الحوادث المتتالية لطلاب المدارس، وكان آخرها تفحم 18طالبًا بأحد أتوبيسات مدارس البحيرة، مما طالب العديد من الإعلاميين من المطالب بإقالته، لاسيما أن تعامله مع هذه الأزمات كان باهتًا، حتى إن رئيس الوزراء طالب الإعلاميين بالكف عن انتقاده. وقد نال الممثل خالد أبو النجا، انتقادات رهيبة وقوية من الإعلاميين بسبب تطاوله على الرئيس السيسى وذلك بعد أن أعلن عن استيائه تجاه تأجيل المهرجانات الفنية فى مصر بحجة الوضع الأمني، إذ يعتبر أن هذه الحجة غير منطقية متوجهاً بلهجة حادة إلى الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى قائلاً: "لو أردت أن تثبت أن الوضع الأمنى فى مصر مستقر، يجب أن تسمح بإقامة المهرجانات فى موعدها، التفكير الأمني، هو أخطر ما نواجه، وعندما لا تستطيع إدارة البلد، عليك التنحي، نحن عملنا ثورة لنعيش باستقرار، أنت لست قادرًا أن تقوم بعملك" وقد نال أبو النجا، العديد من الانتقادات من الإعلاميين من أبرزها انتقاد الإعلامى توفيق عكاشة، الذى وصف أبو النجا ب«الممثل الأصفر» كما قام أحمد موسى بانتقاده قائلاً «هو خالد أبو النجا يعرف إيه عن السياسة، وأتعلمها فين؟». وعلق المذيع أحمد موسي، على تصريحات خالد أبو النجا قائلاً«أبو النجا أظهر أنه عنده خلفية عسكرية وتاريخ قيادي، فلازم يروح الشيخ زويد يشوف بنفسه الوضع هناك». كما هاجمه أيضًا الإعلامى جمال عنايت قائلًا: "فنان عايش فى أرض المهرجان وعاوز يكون له رأى سياسى لكن التحليل السياسى الذى طرحه ساذج ولا علاقة له بالحقيقة هو فاكر نفسه بطل لكن الجراءة ليها حدود". فإعلام السيسى مازال يسير على نهج مبارك فى مهاجمة جسد نظام الدولة دون الرأس وإذا اقترب أحد من الرأس فليذهب إلى الجحيم. "المصريون" رصدت أراء القوى السياسية والمحللين فى أسباب استمرار إعلام السيسى فى السير على نهج مبارك ومهاجمة جسد الدولة وعدم مهاجمة رأس النظام. عبد المنعم: الانتقاد يبدأ من رئيس الجمهورية إلى أصغر مسئول فى مصر فى البداية يقول علاء عبد العظيم الأمين العام للحزب الجمهورى الحر، إن الإعلام له دور رئيسى فى متابعة المجتمع وعليه إظهار السلبيات والإيجابيات بشيء من التوازن، مؤكدًا أن تأهيل المحافظين وتدريبهم على كيفية التعامل مع إدارة الشئون المحلية وإظهار سلبياتهم وقصورهم شيء مهم ويهدف إلى سرعة تقويمهم أو تغييرهم من قبل القيادة السياسية دون مجاملتهم والإبقاء عليهم, ودور الإعلام الإيجابى يتركز على إظهار هذا القصور مبكرًا حتى لا تتسبب إدارته فى تفاقم المشكلات بين المواطنين. وأوضح الأمين العام للحزب الجمهوري، أنه لا يوجد منصب سياسى فوق النقد سواء من قبل الإعلام أو المواطنين لأن سياسات مبارك التى كانت تعتمد على نقد أصحاب المناصب الصغيرة دون توجيه النقد للوزراء أو حتى لشخصية مبارك ثبت فشلها بعد أن أزاحه الشعب عن الحكم نتيجة تولد ضغوط نفسية لدى الشعب لأن إظهار السلبيات لدى المسئولين هو بداية لتحويلها إلى إيجابيات ومن ثم تعميم هذه الإيجابيات على جميع أفراد المجتمع. فالشفافية والمصداقية لابد أن تكون أساس عمل الإعلام المصرى خاصة الخاص منه والذى ربما لا تكون عليه قيود كبيرة والابتعاد عن التجريح المتعمد ولا يوجد أحد بدءًا من رئيس الدولة وحتى أصغر مسئول فيها معصوم من النقد والتوجيه حتى تتم حماية البعد الاجتماعى وتصحيح الأخطاء الموجودة فى المجتمع المصرى مثلما فعل فى تركيزه على محافظ الوادى الجديد وإظهار سلبياته وكذلك محافظى أسوان والإسكندرية وإظهار ايجابياتهما. القلا: بعض المحافظين مقصرون وفضحهم أمام المجتمع ضروري ويشير اللواء عادل القلا رئيس حزب مصر العربى الاشتراكي، إلى أن الإعلام قد يهتم ببعض الأمور ويترك أمور أخرى ولكن دوره مهم فى تسليط الضوء على أخطاء المسئولين خاصة إذا كان هناك قصور متعمد من بعضهم وعدم فهم لوظائفهم الحقيقية فعلى سبيل المثال عندما يتنصل محافظ الجيزة، من إزالة القمامة التى تغطى الطريق الدائرى ويقول إنه ليس له علاقة بالأمر فهذا فشل لابد أن يظهره الإعلام. وأكد القلا، أن كشف القصور لابد أن يكون مطبق على جميع المسئولين دون استثناءات حتى وإن كان المقصر هو رئيس الدولة فواجب الإعلام هو إظهار الحقائق للشعب دون تزييف أو انحياز . فالتطرق إلى المسئولين الكبار بالنقد لا يجب أن يكون بنفس الحدة التى يواجه بها المسئول التنفيذى لأن الخطأ دائمًا ما يتم من قبل المسئول عن التنفيذ والقريب من مواقع الإهمال وليس المسئول القيادى الذى يوجه ويخطط وهذا ليس هروبًا من مواجهة المسئولين الكبار وإنما هو من باب تحقيق العدالة، فيجب توجيه السهام لكل فاسد فى الجمهورية وعدم السير على طريقة مبارك الذى كان يدافع الإعلام فيه عن الوزراء الفاسدين على حساب صغار المسئولين. راشد: الحرب الإعلامية ضد المحافظين نوع من الخداع بأن هناك انتقادًا للمسئولين ويقول سامح راشد الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن الهجوم على الوزراء والمحافظين ما هو إلا نوع من تصدير المشكلات والأزمات وهو أمر متعارف عليه لدى بعض النظم الحاكمة التى دائمًا لا تحمل القيادات العليا أى مسئولية فيترجم فى شكل السماح للإعلام بمهاجمة المسئولين التنفيذيين بدلاً عن تحميل القيادات المسئولية السياسية. وأكد راشد، أن القيادات هى التى اختارت هؤلاء المحافظين والوزراء ولابد أن تتابع عملهم ومراقبتهم فالحملات الإعلامية الحالية ضدهم مفتعلة فى ظل تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية و فى ظل تردى مستوى المعيشة لدى مختلف الشرائح لتخفيف الاحتقان فى الشارع المصرى فهذه الحرب الإعلامية نوع من إثارة أن هناك حرية فى التعبير وانتقاد للمسئولين التنفيذيين وأن هناك مراقبة مستمرة على هؤلاء الأشخاص. طالب: من الضرورى أن يكون هناك نقد إعلامى للمسئولين ويقول الدكتور حسن أبو طالب الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن الحرب الإعلامية التى يتبناها مجموعة من الإعلاميين على عدد من المسئولين المصريين فى الوقت الحالى تختلف عن الحرب الإعلامية التى أثيرت ضد المسئولين التنفيذيين فى عهد المخلوع مبارك فلابد أن يكون للإعلام دور قوى وبارز فى انتقاد السلطات فى مصر حتى تستطيع أن تبرز لها عيوبها . هاشم: انتقاد رئيس الجمهورية حق يكفله الدستور والقانون ومن جانبه يقول الدكتور صلاح هاشم رئيس الشبكة المصرية للحماية الاجتماعية، إن مصر الآن تشهد موجات نقدية ضد النظام الحالى وأقربها الانتقاد الموجه إلى محافظ الإسماعيلية، بالإضافة إلى انتقاد العديد من المحافظين والوزراء بل وصل الأمر إلى انتقاد الرئيس عبد الفتاح السيسى نفسه فى بعض الأوقات . وأضاف هاشم، أن الجميع يسعى دائمًا لمساندة النقد الإيجابى وليس النقد السلبى والاصطياد فى الماء العكر موضحًا أن نقد رئيس الجمهورية حق يكفله الدستور والقانون ولكن لابد أن تكون الانتقادات بشكل قوى وفق معايير مهنية للانتقاد. وأشار هاشم، إلى أنه لابد أن يكون الجميع يسعى حاليًا إلى مصلحة الوطن سواء إعلاميين أو محافظين أو رئيس الجمهورية وذلك لأن مصر تمر حاليًا بمرحلة تعتبر من أصعب المراحل فى مصر الحديثة.