الموقعون على «دعوة التوحد»: قلق من الاصطفاف.. أيمن نور: تأجيج للصراع.. حسن نافعة: ضاعت همزة الوصل لم يكن غريبًا أن يتم القبض على القيادى الإخوانى محمد على بشر بعد ملاحقات أمنية طالت جميع أعضاء الجماعة بلا استثناء، إلا أن التوقيت الذى تم القبض عليه بعد قرابة عام ونصف ظل حرًا طليقًا يمارس عمله بالجامعة، طرح علامات استفهام عدة فسرها محللون بأنها مناورة من النظام لإرسال رسائل عدة للجماعة، فيما راح يؤكد آخرون أن الاعتقال أغلق جميع أبواب المصالحة بين السلطة الحالية وجماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، وفتح باب تأجيج الصراع وتقديم المبررات للداعين إلى الصدام والعنف. وأرجع محللون القبض على بشر، مسؤول ملف المفاوضات داخل الجماعة، والذى يقوم بمثابة دور المرشد، منذ اعتقال الدكتور محمد بديع، المرشد العام، إلى رغبة النظام فى ضرب العناصر الفاعلة داخل كيان "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، قبل مظاهرات 28 نوفمبر الجاري، التي دعت إليها "الجبهة السلفية" تحت شعار "انتفاضة الشباب المسلم"، ودفع الشباب المعارض للتنازل عن السلمية، لتكون محطة فيما بعد لتبرير الانتهاكات. الدكتور أحمد رامي، المتحدث باسم حزب "الحرية والعدالة"، والقيادي بجماعة "الإخوان المسلمين"، قال إن "اعتقال بشر رسالة لابد أن يعيها الجميع، خاصة وإنه جاء بعد توقيعه على البيان الذي وقعته قوى وشخصيات عامة للتوحد، قبل إلقاء القبض عليه، وهو الأمر الذي يفسر سبب اعتقاله. واتهم رامي، النظام الحالي بتطبيق نظرية "فرق تسد" للقضاء على معارضيه، مضيفًا: "فالطاغية المستبد لا يطغى ولا يستبد إلا على شعب فرقه هو شيعًا، وبالتالي من أوجب أسباب الإطاحة به عدم الفرقة والتنازع (ولا تنازعوا فتفشلوا)". وتابع: "لذلك بعدما تحدد طرف اللعبة أو الصراع السياسي الذي يتناقض معك تناقضًا أساسيًا، ومن يتناقض معك تناقضات ثانوية عليك أن تقبل بل وتسعى جاهدًا للتحالف معه". ودلل على ذلك بتصريحات حمدين صباحي، زعيم "التيار الشعبي"، والمرشح الرئاسي السابق، إذ أنه "أعلن صراحة قبل إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو من العام الماضي بأنه لا مانع من التحالف مع الحزب "الوطني" المنحل، لأنه وقتها كان قد حدد مع من (الإخوان) يتناقض تناقضه الأساسي، ومع من يتناقض تناقضاته الثانوية (نظام مبارك)، ثم مرت الأحداث لتبين أنه قبل بالفعل أن يمول جزءًا من تحالف دولة مبارك في ثورتهم المضادة لمجرد أن الإخوان أتت بهم ثورة يناير". من جانبهم، أعرب الموقعون على بيان "دعوة للتوحد"، التي دعا لها عدد من الكيانات الثورية والرموز الوطنية، بمناسبة ذكرى أحداث محمد محمود؛ من أجل مستقبل مصر وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير عن تضامنهم الكامل مع الدكتور محمد علي بشر أحد الموقعين علي البيان، والقيادي ب "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، الذي تم اعتقاله فجر الخميس. ودعوا في بيان حصلت "المصريون" على نسخة منه "الشعب المصري وأبناء ثورة يناير بكل انتماءاتهم ومشاربهم إلى القراءة الصحيحة لاعتقاله بتلك الهمجية والسرعة، مع توجيه حزمة من التهم الجاهزة والظالمة له، بعد ساعات فقط من توقيعه باسمه الشخصي وباسم التحالف الوطني لدعم الشرعية على بيان "دعوة للتوحد". وكان الموقعون على البيان أعلنوا إدراكهم لأخطاء الماضي ودعوة الجميع للاعتبار والمراجعة واستعادة مطالب ثورة يناير برايتها الواحدة واستيعابها للجميع وجعل الثورة أساس كل رؤية وكل خارطة طريق، "إنقاذًا للوطن من القمع والفساد والعجز الذي يحكمه ويغامر بحاضره ومستقبله". ومن بين الذين وقعوا على البيان الدكتور محمد علي بشر، ما جعل الموقعين يربطون بين اعتقاله من منزله فجر الخميس وتوقيعه على البيان باسم "التحالف الوطني لدعم الشرعية". وتابعوا قائلين: "لم تقدم سلطة الانقلاب على ذلك إلا قلقًا منها لتحول دعوة الاصطفاف إلى اصطفاف حقيقي ولإدراكها إن يوم استعادة الشعب المصري للحمته وأبناء ثورة يناير لاصطفافهم هو يوم سقوط الانقلاب المدوي واستعادة مصر لكل أبنائها دون تمييز أو إقصاء". فيما رأى الدكتور أيمن نور، زعيم حزب "غد الثورة"، أن "اعتقال بشر، رسالة مضمونها اعتقال فكرة الاعتدال والعقل، فهو كان إطفائيًا لأزمات دائمة، وبالتالي اعتقاله رسالة من النظام أنه لا يدعم هذا التوجه". وقال نور إن "اعتقال بشر توجيه لدعاوى العنف، لأنها توفر للنظام مبررات لكثير من أفعاله لتغطية سوءاته"، مشددًا على أن "بشر لم يكن له أدنى صلة بالدعوة الخاصة بانتفاضة 28 نوفمبر التي دعا لها قوى إسلامية، عكس ما رددته بعض المواقع والصحف. وأضاف: "كما أنه لم يكن متورطًا في أي أحداث لها علاقة بالتحريض على العنف، بدلالة بقائه منذ 3 يوليو وحتى الآن حرًا طليقًا بغير اتهام أو ملاحقة". وتابع: "ننظر بعين القلق تجاه هذا التوجه الذى يضرب قوى الاعتدال بكل توجهاتها خارج معسكر دعم الشرعية قبل داخله، ونعتبر أن اعتقال بشر مثله مثل اعتقال أبوالعلا ماضى، (رئيس حزب الوسط) فهو ضربة موجهة لقوى الاعتدال العقلانية والوسطية، ورغبة من النظام فى تأجيج وتفعيل دعاوى العنف التى تزايدت – للأسف الشديد". واتهم زعيم غد الثورة، النظام الحالى، بتأجيج الصراع وتقديم المبررات للداعين إلى الصدام والعنف، لأن هذه الأفعال توفر له غطاء الأخطاء التى تمارسها والانتهاكات التى تتورط فيها، وتنسف أى طريق للمفاوضات. الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أبدى أسفه لاعتقال الدكتور محمد على بشر، القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، مطالبا السلطات بضرورة الإفراج عنه فى أسرع وقت. وتساءل نافعة عن مدى جدية اعتقال بشر، ومبررات القبض عليه التى اعتبرها مثيرة للدهشة، خاصة أنه كان حرا طليقا طوال الفترة الماضية، ولم يوجه له أى اتهام على خلاف قادة الجماعة المعتقلين منذ أحداث عزل الرئيس محمد مرسى فى 3 يوليو من العام الماضي. وقال نافعة: "أتمنى الإفراج عن بشر فى أسرع وقت، ونحن نكّن له كل التقدير والاحترام، وأنا كنت على اتصال به طوال الفترة الماضية، لأنه زميل جامعى له منا كل الاحترام". وبخصوص تفسير البعض لعملية الاعتقال على أنها محاولة من جانب النظام لفرض عملية تفاوض إجبارى على "تحالف دعم الشرعية" و"الإخوان"، قال نافعة إن "هذه تفسيرات خاطئة وحمقاء، لأن من يريد التفاوض لن يعتقل أحدًا، ولو كانت السلطة تفكر بهذه الطريقة فأمامها من هم أكثر ثقلاً من "بشر" داخل المعتقلات"، بحسب تعبيره. وأكد أستاذ العلوم السياسية، أن بشر كان بإمكانه أن يلعب دورًا مهمًا فى ملف المفاوضات بين النظام والإخوان، خاصة أنه كان همزة الوصل بين الأطراف، لكن بعد اعتقاله لا أستطيع أن أخمن مع من يتم الاتصال من جماعة الإخوان المسلمين، ويبدو أن كل المفاوضات السابقة كانت تخمينات. وأرجع الدكتور ممدوح المنير، رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية، اعتقال بشر إلى عدة أسباب، أبرزها أنه ضابط لإيقاع القوى الثورية سواء فى التحالف أو غيره. وقال المنير إن "هناك تفسيرات كثيرة يمكن تقديمها لاعتقاله، خصوصًا أن الرجل لم يختف منذ انقلاب 3يوليو، فهو يمارس عمله بشكل طبيعى كأستاذ جامعى وينام فى منزله كل يوم، وبالتالى عدم اعتقاله طيلة الفترة الماضية كان اختيارًا من النظام وليس حرصًا من الدكتور بشر". وأوضح أن "بعض التفسيرات قد تقول إنها للضغط عليه لمعرفة ترتيبات انتفاضة 28نوفمبر، والتى لم يعلن التحالف حتى الآن موقفه بشكل رسمى منها، وإن كان متوقعا أن يكون يومًا ثوريًا للتحالف أيضًا بكل تأكيد". وطرح المنير عدة تساؤلات بخصوص اعتقال بشر، قائلاً إنها "قد تجيب عنها الأيام المقبلة، ومن هذه التساؤلات: اعتقال ممثل الإخوان فى التحالف والرجل الأقوى به، هل يعنى أن النظام قرر أن يرفع سقف الصراع لأقصى مدى ممكن؟ تساؤل آخر، هل عملية الاعتقال هى تعبير حقيقى عن حالة الترهل والتخبط التى وصل إليها النظام فى الفترة الأخيرة؟ تساؤل ثالث، هل يكون الاعتقال محاول لفرض عملية (تفاوض إجباري) على التحالف وخصوصا توقيت الاعتقال الذى جاء بعد ساعات من بيان السعودية والذى أعقبه رد النظام المصرى ببيان آخر، ثم بعدها بساعات يعتقل بشر"؟ وأضاف المنير، "بكل تأكيد نحن مقبلون فى 28 نوفمبر و25 يناير القادمين على محطات ثورية هامة، وعلى ما يبدو أنه لن يكتفى فيها بالتظاهر وهو ما يخشاه النظام، ولكن ما يخشاه النظام أكثر، هو إحساسه بأن المحطات الثورية القادمة لن تكون حكرًا على المتظاهرين التقليديين". وتابع: "هناك خلف الكواليس خطط أخرى بمشاركة أطراف ليست فى الحسبان قد تكون جزءًا من حالة التثوير الميدانى القادمة، وربما يؤكد حالة الفزع هذه، المعلومات التى تتحدث عن اجتماع تم فى أحد فنادق القاهرة هذا الأسبوع بين قيادة أمنية شهيرة وكبار موردى البلطجية للاستعداد للتصدى للمتظاهرين فى 28 نوفمبر القادم، إنها أجواء ما قبل يناير 2011 تعود من جديد".