جاءني من الاستاذ اسلام فارس عضو النادي الأهلي رسالة رقيقة ومبشرة عن الروح الجميلة التي أصبحت تسود مجتمعنا الرياضي كنتيجة لهذا التلاحم غير المسبوق الذي رأيناه أثناء بطولة كأس الأمم الأفريقية. لقد جاءت هذه الروح لتنقذنا من وضع سيئ ومتوحش عشناه في الأسابيع التي سبقت البطولة بفعل استعراضات بهلوانية لبعض الأشخاص غزت التعصب والعداء، كأننا في حروب أو غزوات وليس في مباريات كرة قدم تحتمل الفوز والهزيمة والتعادل ومن آيات جاذبيتها وجمالها أن يفوز فريق بضربة حظ او بأداء راق في الملعب أو أن يفوز الفريق الأسوأ! سمعنا في ذلك الوقت سبابا وشتائم على الهواء، وتهديدات متبادلة، ووصلت الأمور الى اشتعال معارك داخل النادي الوحيد واستعمال الأسلحة في مشهد مؤذ أمام الأعضاء الذين ذهبوا لقضاء أوقات جميلة في النادي مع أبنائهم، وليس خافيا بالطبع أنني أخص نادي الزمالك في عهد صدامات مرتضى منصور مع نائبه! الأستاذ اسلام يتحدث عن اجتماع دعت إليه رابطة مشجعي الأهلي، جمعية محبي الزمالك، ودعت أيضًا عددا من النقاد والمعلقين منهم الزميلان أشرف محمود ومحمد سيف. ويقول اسلام إن اللقاء كان عبارة عن أظهار الود والاحترام المتبادل بين الطرفين توطئة لحضور مباراة الأهلي والزمالك، ومحاولة توجيه الجماهير لتشجيع الفريق دون التعرض للفريق الآخر والحرص على الروح الرياضية. بالطبع هذا حدث مفرح لنا جميعا، ونتمنى أن نراه يظلل استاد القاهرة بل وكل حواري وأزقة وشوارع مصر، ومقاهيها وبيوتها. فريقا القمة هما صفوة المنتخب العظيم الذي حصل على البطولة الأفريقية باقتدار، وجماهيرهما هي معظم الجماهير التي أدخلت الرعب والفزع في قلوب المنتخبات التي لعبت معنا، وظهرت في غاية الروح الرياضية والانسجام والتشجيع المثالي الذي لم نر له مثيلا من قبل. لقد رأينا طبقات جديدة تمثل العائلات والجنس الناعم، ومن الضروري الحفاظ عليها في مدرجات ملاعب الكرة، لأن أي كلام سوء أو خارج عن الأدب سيجعلها تولي الأدبار ولا تعود مرة ثانية! ويرحم الله شيخ المعلقين المرحوم الكابتن لطيف الذي كان يتقزز من هتافات تقليدية لجماهير الكرة في زمنه رأى فيها خروجا عن الروح الرياضية وأذى يطارد أذان المشاهدين في المنازل، ولم تكن تلك الهتافات إلا من نوعية "قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا" أو "شيلوا الرف (الحكم) وحطوا عصاية"!! ولا زلت أذكر صيحته المستنكرة "ايه ده.. عيب. هناك ناس في البيوت تتفرج"!! ماذا لو عاد الكابتن لطيف الى الحياة وسمع شتائم الجماهير التي تؤذي العفة والشرف والفضيلة وتنال من الآخرين وتسبهم بأحقر الألفاظ! الحمد لله دخلنا مرحلة جديدة بدءا من 20 يناير الماضي، أول مباراة خاضها منتخبنا في كأس الأمم الأفريقية، ووصلت إلى أوج صورها الحضارية والحماسية والوطنية ليلة حصولنا على البطولة في العاشر من فبراير الماضي. هل رأيتم استاد القاهرة يومها، وشوارعها وحواريها ومقاهيها؟! بالطبع أنا سعيد جدا يا أخي اسلام.. تفرحني هذه الروح وتحيتك الجميلة للزمالك وتهنئنتك له بعودة الروح لناد عريق، وقيام مجلس ادارته بتهنئة شقيقه الأهلي بعد حصوله على كأس السوبر الأفريقي. أتمنى ألا تهمنا كثيرا النتيجة يوم السبت القادم وان نرى تشجيعا مثاليا من جماهيرنا لا يؤذي المشاعر أو العائلات.. وأن نقول مبروك لمن سيفوز، وحظا أفضل لمن سيخسر، وان نعيش ليلتها جميعا مبتهجين فرحين، نداعب بعضنا بعضا بالطريقة اللذيذة لخفة دم المصريين. لا نريد أن نشيع الروح الرياضية التي اكتسبناها في بطولة أفريقيا إلى مثواها الأخير، بل نطمع في أن تصير مثل الأهرامات والنيل وكل شئ جميل لا يموت في بلدنا. [email protected]