وقعت اشتباكات بين المشاركين في مسيرة متجهة إلى مقر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمقر وزارة الدفاع بكوبري القبة وبعض الأهالي من أفراد اللجان الشعبية بمنطقة العباسية مساء أمس، ما أسفر عن سقوط أكثر من مائتي مصاب، وهو ما يؤشر على إصرار بعض أجنحة الثورة على توتير الأوضاع وبث حالة من الفوضى في الشارع السياسي ، مع اقتراب استحقاقات المرحلة الانتقالية، وعلى رأسها إجراء الانتخابات المحددة في نوفمبر، وهو ما يطرح تساؤلات حول وجود أجندة لأهداف تسعى بقوة لإطالة أمد العملية الانتقالية، رغبة منها في فرض قائمة مطالبها. وفشلت المسيرة التي انطلقت من ميدان التحرير في الوصول إلى مقر المجلس العسكري، بعد أن أقامت القوات المسلحة الحواجز لاعتراض المسيرة ووضعت بعض المتاريس لمنع المحتجين من الوصول إلى مقر المجلس، ما دفع المتظاهرين إلى العودة إلى ميدان التحرير حيث مقر الاعتصام. وانطلقت المسيرة التي شارك فيها الآلاف من المعتصمين بميدان التحرير نظمتها حركات وائتلافات معتصمة عصر السبت من الميدان إلى مقر المجلس الأعلى للقوات المسلحة للمطالبة بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين وتنفيذ جميع مطالب الثورة، وسار المتظاهرون على أقدامهم إلى أن وصلوا العباسية حيث حدثت احتكاكات بين الأهالي والمتظاهرين، الذين وصفوا بدورهم المهاجمين ب "البلطجية". وحدث تراشق بالحجارة بين الجانبين، وتوقف الرشق بالحجارة خلال آذان المغرب، لكنه استؤنف بعد أداء الصلاة، بالرغم من نداء إمام مسجد النور المجاور للمتظاهرين عبر مكبرات الصوت قائلاً لهم: "أيها المصريون شعبا وجيشا كونوا يدا واحدة"، وحذر من إن "إهدار الدم المصري حرام. الفتنة نائمة ملعون من أيقظها". وأكد مصدر عسكري مسئول أن عناصر القوات المسلحة من الشرطة العسكرية تعاملت مع المتظاهرين بأقصى درجات ضبط النفس، بالرغم من قيام متعصمي ميدان التحرير برشق رجال القوات المسلحة بالزجاجات والحجارة. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن المصدر، أنه أثناء تقدم معتصمي ميدان التحرير في طريقهم إلى مسجد النور، قام أفراد من اللجان الشعبية بمنطقة العباسية بعمل حاجز ما بين المعتصمين وقوات الجيش، فقام المتعصمون بإلقاء الحجارة والزجاجات على أفراد اللجان الشعبية ورجال القوات المسلحة، الأمر الذي أدى إلى وقوع إصابات، وقامت سيارات الإسعاف بنقل المصابين إلى المستشفيات. وأضاف المصدر إن المعتصمين قاموا أثناء ذلك في مشهد يثير التساؤل، بالدخول إلي الشوارع الجانبية بمنطقة العباسية أمام مسجد النور ومهاجمة المواطنين من أفراد اللجان الشعبية، وأشعلوا النار في عدد من السيارات والمارة أيضًا. وأكد أن عناصر القوات المسلحة لم تتعامل مع المعتصمين بأي شيء من القوة، ولم تخرج طلقة واحدة تجاه المواطنين. وأشار إلى أن المنطقة بدأت تشهد حالة من الهدوء عقب مغادرة الأغلبية منهم، موضحا أن أعداد المعتصمين تراوحت في بادئ الأمر ما بين ثلاثة إلى أربعة آلاف. وأكد الدكتور عبد الحميد أباظة مساعد وزير الصحة للشئون الفنية والسياسية أن عدد المصابين في الاشتباكات بلغ 231 مصابًا. وأوضح أباظة أنه تم إسعاف 192 مصابا من بينهم في مكان الحادث، وتم تحول 39 مصابا إلى 4 مستشفيات، وأنه تم تحويل 33 مصابا إلى مستشفى الدمرداش و2 إلى مستشفى كوبري القبة العسكري و2 إلى مستشفى دار الشفاء و2 إلى مستشفى عين شمس التخصصي، مشيرًا إلى أن الإصابات تراوحت ما بين إصابات بالرأس وجروح عميقة وسطحية وكدمات فب مناطق مختلفة من الجسم وغيرها. وأوضح أن فرق المسعفين قامت بإسعاف المصابين في موقع الحادث، وقامت الفرق الطبية بتقديم الإسعافات اللازمة للمصابين في المستشفيات، وأنه سيتقرر خروجهم بعد أن تطمئن الفرق الطبية على استقرار حالاتهم. وكان ائتلاف شباب الثورة دعا إلي المشاركة في مسيرتين، أحدهما تخرج من ميدان التحرير في الرابعة عصر السبت الموافق ذكرى ثورة 23 يوليو 1952 والثانية في الساعة الخامسة عصرا من أمام مسجد النور بالعباسية إلي مقر وزارة الدفاع. يأتي ذلك غداة مسيرة توجهت مساء الجماعة من ميدان التحرير إلى مقر المجلس العسكري، إلا أن قوات الجيش منعت استكمال المسيرة عند ميدان العباسية. وكانت حركة "شباب 6 أبريل" (الجبهة الديمقراطية) أعلنت تراجعها عن في المسيرة التي دعت إليها من ميدان التحرير إلى مقر وزارة الدفاع في الرابعة والنصف من عصر السبت، ما أرجعته للتشاور فيما بين أعضائها من جهة وبين الحركة والقوى السياسية الأخرى المشاركة في الاعتصام. وقال طارق الخولي المتحدث باسم الحركة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن القرار بالتراجع عن المسير تم اتخاذه بالاتفاق والتنسيق مع جبهة (أحمد ماهر)، حيث رأينا عقب المؤتمر الصحفي الذي عقدته حركة شباب 6 أبريل (جبهة ماهر) بميدان التحرير أمس ضرورة عدم المضي قدما في هذه المسيرة. في المقابل، اتهم المجلس العسكري - في رسالته رقم (69) على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" السبت- حركة "6 أبريل" بالسعي للوقيعة بين الجيش والشعب. وقال إن "الفتنة التي تسعى إليها حركة شباب 6 أبريل للوقيعة بين الجيش والشعب ما هي إلا هدف من الأهداف التي تسعى إليها منذ فترة وقد فشلت بسببي الخطوات التي أُتخذت أخيرًا". ودعا المجلس "كافة فئات الشعب إلى الحذر وعدم الانقياد وراء هذا المخطط المشبوه الذي يسعى على تقويض استقرار مصر والعمل على التصدي له بكل قوة". واعتبر أن الخطوات الإيجابية التي تحققت في الأيام الأخيرة والتي تهدف إلى تحقيق مطالب ثورة 25 يناير المشروعة تعارضت مع المصالح الشخصية لبعض الحركات السياسية ذات الأجندات الخاصة". وأوضح أن "هذه الحركات بدأت في التحريض لزرع الفتنة بين الشعب والقوات المسلحة". وكان اللواء حسن الرويني، قائد المنطقة المركزية العسكرية، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة كشف عن معلومات تتعلق ب "حركة 6 أبريل" وغيرها من الحركات حول ارتباطاتها الخارجية وحصولها على دعم وتمويل من الخارج. وأضاف في مداخلة مع قناة "الجزيرة مباشر مصر"، أن هناك بعض الشباب من أعضاء حركة "6 أبريل" تدربوا في صربيا، وأن الحركة لها فيلا مشهورة في وسط البلد يجتمعون فيها، وتحركاتهم مرصودة منذ 2009 لدى جهات الأمن بالتفصيل، مشيرًا إلى قيام 600 جمعية بتقديم بطلبات بتلقي دعم من الجهات الأمريكية. وكشف أن الصهيوني جورج سورس، وفريدوم هاوس متورطان في تمويل عدد من المنظمات داخل مصر، وأكد أن هذه الاتهامات ليست مرسلة وسيعرض للبيانات في وقتها. وربط الرويني بين ما جرى في ميدان التحرير من إغلاق للمجمع، وتهديد للمترو، والعصيان المدني، وتهديد للبورصة، والاعتصام أمام مبني الإرشاد بقناة السويس، وتصوير الأمريكان لمجرى الملاحة، وضبط أمريكي يقوم بتصوير المنطقة المركزية العسكرية، وتفجير خط الغاز للمرة الرابعة، وأشار إلى أن هذه الأحداث تستدعي التوقف معها. وفيما يخص أحداث الجمعة، 22 يوليو، أكد الرويني أن القوات المسلحة تسلمت قيادة البلاد بشرعية وضعها، وليست بشرعية من الثوار، وأنه لم يصدر قانون من المجلس الأعلى بتجريم الاعتصامات والمظاهرات، وقال "أي اعتصامات أو مظاهرات في ميدان التحرير، تُترك للمتظاهرين ولا تدخّل من القوات المسلحة إلا للتأمين من بعيد فقط". وأضاف "بالأمس (أمس الأول) تحرك الثوار وبدون مقدّمات - حوالي1500 إلى 2000 شخص- الساعة 10.30 مساء بعد اجتماع تم في أحد الخيام، وتحركوا دون إخطار مسبَق متجهين نحو مقر وزارة الدفاع ووصلوا حوالي 11.30 إلى 12.00 منتصف الليل". وكشف أنه تم اجتماع الساعة 12 ظهرًا بعده حصل التحرك في الساعة 4 عصرًا باتجاه المجلس العسكري مع تجميع مجموعة من البلطجية معهم قنابل "مولوتوف". وشبه الرويني وضع المعتصمين بميدان التحرير بأنهم تسلقوا شجرة ووصلوا لقمّتها ولا يعرفون كيف ينزلون، ويحتاجون إلى سلم ينزلون به، لكنه لم يغلق الباب أمام إمكانية التفاوض قائلا: "نقبل الاجتماع مع لجنة من الميدان بشرط أن يكون لها تأثير على الجموع هناك".