قبل عدة أيام كنت في حوار مع بعض الأكاديميين وقال لي : ما يحدث هذه الأيام يجعلني أقول : الثورة قد فشلت !! . فصُدِمت حقا من كلامه ورُحت أرد عليه وأبين مبالغته . ثم جاء مقال الأستاذ محمود سلطان بالأمس ليتحدث عن مشهد تعذيب بعض المواطنين في التحرير ، فنكأ لي جرحًا عميقا وجعلني أتحسس ما قاله الأستاذ متسائلا أيضا : هل حقا فشلت الثورة ؟ وكانت إجابة السماء لي وللمصريين قمة في التحذير من هذا المصير المخيف الذي لا نتمناه أبدا لثورتنا . قال سبحانه : (( وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ )) . فنهى الله - جل وعلا - في هذه الآية عن التنازع، مبيناً أنه سبب الفشل، وذهاب القوة . وقوله : {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي: قوتكم .قال بعض العلماء: نصركم؛ كما تقول العرب: الريح لفلان إذا كان غالباً، ومنه قوله: "إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل عاصفة سكون . ووقوع النزاع سبب للفشل، وذهاب الريح، وتسلط الأعداء، وفي المقابل فإن من أهم أسباب النصر: الاجتماع، ووحدة الصف قال الله - تبارك وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} . ألا فليعلم المخلصون من شباب الثورة أن النزاع هو الطريق الأمثل لفشل الثورة ؟ وأن هذه الثورة المجيدة ما هي إلا إجابة لدعوة مظلوم ضد مستبد فتحت لها أبواب السماء ، وفي الحديث : (( إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته )) ، ولولا عناية السماء ما انخلع الطغاة ، فالشعب به الكثير من الطغاة الصغار الذين يضيع معهم كل أمل وانتصار ! * * * * قل على الثورة السلام : حين يغتر بعض الشباب الأرعن بفكره ويعجب برأيه فيريد أن يسقط الدولة كما سقط النظام ! فلو سرنا وراء بعض الثائرين غير المنضبطين ممن يريدون إسقاط المجلس العسكري فماذا ننتظر ؟ مليشيات ودمار وخراب وعراق أو صومال ثانية ؟ فنداء لشباب الثورة : لا يكفي الإخلاص فقط بل لابد من الصواب والرشاد ومراعاة المفاسد والمصالح فيما تقدمون عليه .. * قل على الثورة السلام : حين ترى المتاجرة بالثورة في كل مكان .. فهذا خطيب الثورة ... وهذا شاعر الثورة .. وهذا وزير الثورة .. إلخ * قل على الثورة السلام : حين يستجاب لكل جهة تدفع لتضخيم الخلافات بين التيارات بكافة صورها ! فكيف تسلم مصر ومن ورائها جهات تدفع للصدام ولا تنام لها عين من أجل وقف كل خير عنها . ما المانع أن يني المختلفون على المتفق عليه ويترك الخلاف لصناديق الاقتراع . * قل على الثورة السلام : حين ترى أصحاب التطلع للمناصب الزائفة يشعلون الحرائق طلبا للوصول للكراسي ! * قل على الثورة السلام : حين ترى الصحافة والفضائيات دكاكين للإيجار لمن يدفع أكثر ! * قل على الثورة السلام : حين يُؤَسس للفوضى كل انتهازي طامع في منصب من أجل متاع رخيص . نسأل الله أن يحفظ مصر من الفتن والله المستعان . [email protected]