أكد البنك الدولي أن سوء التغذية يسبب أكثر من نصف وفيات الأطفال فى العالم، ويكلف الدول الفقيرة حوالي 3 في المائة من إجمالي إنتاجها المحلي السنوي ويفقد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أكثر من 10 في المائة من دخولهم مقارنة بالأصحاء من جيلهم. كما حذر البنك فى تقرير جديد وزعه مكتبه بالقاهرة من أن سوء التغذية قد يزيد من مخاطر الإصابة بفيروس الإيدز.. في الوقت الذي يؤدي إلى زيادة معدل وفاة الأطفال والأمهات بعد الإصابة بمرض الملاريا. التقرير ، الصادر بعنوان " تغيير وضع التغذية لتكون في صميم عملية التنمية" ،قال إنه يمكن الوقاية من أخطار سوء التغذية لدى الأطفال وأن أفضل فرصة لذلك هى الفترة التي تمتد من بداية الحمل وحتى سن 24 شهرا. وحث المجتمع الدولي ومعظم حكومات دول العالم النامية على جعل التغذية في صميم عملية التنمية بشكل نهائي بحيث يمكن التحسين من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعتمد على التغذية، معتبرا أن سوء التغذية لا تعد أشد صور الفقر بروزا فحسب بل يطلق التقرير عليه "وجه الفقر غير المرتبط بالدخل" لأنه يساعد في تقويض النمو الاقتصادي وإدامة الفقر. كما اعتبر التقرير أن الاستثمار في مجال التغذية واحد من أفضل الاستثمارات التي تمكن دول العالم النامية من تخفيض أعداد الفقراء وتحسين معدلات النمو الاقتصادي.. مؤكدا أنه يتعين على واضعي السياسات والاقتصاديين إدراك الارتباط الوثيق بين ضعف الحالة الصحية وبين العوامل البيئية ، حيث أنه يمكن تفادي وفاة حوالي 60 في المائة من الأطفال الذين يموتون بسبب الإصابة بأمراض شائعة كالإسهال والملاريا إذا لم يكونوا يعانون من سوء التغذية في المقام الأول. وفى هذا الاطار .. قال جان-لوي ساربيب، النائب الأول لرئيس البنك الدولى ورئيس شبكة التنمية البشرية بالبنك إن تحسين أوضاع التغذية يمكن أن يؤدي إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2 - 3 في المائة في الدول الفقيرة. وأوضح تقرير البنك الدولى حول " تغيير وضع التغذية لتكون في صميم عملية التنمية" أن أسباب استمرار سوء التغذية ليست ناجمة عن عدم وفرة المواد الغذائية بل عن نقص الخدمات الصحية والأساليب الخاطئة في إطعام الرضع ورعايتهم مثل التخلص من "اللبأ" وهو أول حليب بعد الوضع يقوي الجهاز المناعي للطفل وتقديم بعض الأطعمة للطفل دون الستة أشهر. وأضاف التقرير أن عدم توفر الوقت الكافي لدى السيدات أثناء الحمل وكذلك المرضعات للعناية بأنفسهن وإهمالهن تناول القدر اللازم من السعرات الحرارية والبروتين وإصابة البعض منهن ببعض الأمراض التى تؤدي إلى نقص وزن المولود يعد أيضا من أسباب استمرار سوء التغذية. وأشار إلى أن أشد تأثيرات سوء التغذية ضررا أثناء فترة الحمل وما بعد الولادة هو التأثير على نمو المخ والذكاء، كما تشير الشواهد الأولية إلى أن أصول السمنة والأمراض التي لا تنتقل بالعدوى كأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري قد تكمن أيضا في الطفولة المبكرة .. مؤكدة أن سوء التغذية وفيروس ومرض الإيدز يعززان بعضهما البعض وأن نجاح برامج مكافحة الإيدز في أفريقيا يعتمد بشكل جزئي على إعطاء مزيد من الاهتمام للتغذية. من جهتها .. قالت ميرا شيكار كبيرة أخصائيات التغذية في شبكة التنمية البشرية بالبنك الدولي وكبيرة واضعي التقرير إنه من المستحيل إصلاح الضرر الذي يحدث في هذه الفترة الزمنية، وإذا ضاعت هذه الفرصة السانحة فسوف تضيع فرصة علاج جيل بأكمله من الأطفال. وقال التقرير إن أفريقيا وجنوب آسيا أشد منطقتين في العالم تضررا من جراء سوء التغذية.. حيث لازال حوالي ثلث الأطفال دون سن الخامسة في دول العالم النامية مصابين بنقص الوزن أو التقزم، كما أن 30 في المائة من سكان هذه الدول مازالوا يعانون من نقص شديد في الفيتامينات والمعادن وإن ومعدلات سوء التغذية آخذة في التزايد في أفريقيا جنوب الصحراء. من جانبه .. رأى برافول براتل نائب رئيس البنك الدولي لشئون منطقة جنوب آسيا أن ما يبرزه هذا التقرير يمثل حقيقة مفزعة حيث تبلغ معدلات نقص التغذية في جنوب آسيا حوالي ضعفي المعدلات السائدة في أفريقيا جنوب الصحراء. وحول كيفية تحقيق نتائج أفضل لمقاومة سوء التغذية حث التقرير الجديد للبنك الدولى الدول التي تريد التصدي لسوء التغذية بصورة أكثر فعالية على تطبيق الدروس المستقاة من دراسات الحالات المبتكرة حتى تتمكن من "توسيع نطاق" برامج التغذية المحلية بعيدة المدى التي يمكن أن تساعد ملايين البشر في أنحاء العالم. وتشمل الطرق الأخرى لتحسين أوضاع التغذية القيام بحملات التوعية لتفادي الأسباب المؤدية للمرض وتسهيل التحويلات النقدية التى تستهدف تحسين خدمات الرعاية الصحية والتغذية كما هو الحال فى المكسيك حيث أتاحت للفقراء إمكانية تحسين أوضاع الأطفال الغذائية بصورة كبيرة.. إضافة إلى نجاح دول أخرى مثل بنجلاديش وهندوراس ومدغشقر في تعبئة المجتمعات المحلية للتصدي لمشكلة سوء التغذية عن طريق التعاون مع المنظمات غير الحكومية لاستخدام أكثر من نهج ترتكز على المجتمعات المحلية. وتشير التقديرات الأولية إلى أن تكلفة تناول أجندة المغذيات الدقيقة في أفريقيا تبلغ 235 مليون دولار تقريبا في السنة.. كما تقدر التكاليف العالمية لجرعتين في السنة من المكملات المحتوية على فيتامين " أ " حوالى 750 مليون دولار خاصة أن حوالي 450 مليون طفل يتلقون الآن هذه الكبسولات لمعالجة النقص وما بين 1- 5ر1 مليار دولار للملح المعزز باليود لتعويض نقص اليود الذي يؤثر على حوالي 5ر3 مليار شخص خاصة من النساء والأطفال في أكثر من 100 بلد.. ويشمل ذلك ما بين 800 مليون إلى 2ر1 مليار دولار ينبغي توفيرها من القطاع الخاص بالإضافة إلى عدة مليارات من الدولارات لبرامج التغذية في المجتمعات المحلية. وأشار التقرير إلى الحاجة إلى تمويل صندوق مشترك للمنح لتحفيز اتخاذ الإجراءات الضرورية لبناء ودعم روح الالتزام والقيام بإجراء البحوث العملية لإكمال المنحة التي قدمها البنك مؤخرا بمبلغ 6ر3 مليون دولار للمساعدة في جعل التغذية جزءا لا يتجزأ من برامج صحة الأم والطفل. وأكد التقرير على ضرورة الموافقة على والعمل بموجب خطة بهذا الشأن من قبل جميع دول العالم النامية وأوساط الجهات العاملة في مجال التنمية إضافة إلى ضرورة وجود إجراءات منسقة ومركزة لتحقيق تقدم ملحوظ في مجال التغذية أو تخفيض أعداد الفقراء.