حاولت ان اطرد فكرة المقارنة من عقلي فلم استطع،.. وجربت ان استعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأحول تفكيري لاتجاه آخر فلم اقدر، وقفز سؤال لذهني: هل اصبح قدر مصر أن مسؤوليها لديهم مشكلة في «سرعة» التحرك، وردود الفعل، و«فهم» طلبات ووجهات نظر الشعب المصري؟ عندما خرجت المظاهرات السلمية في 25 يناير الماضي، كان شعارها: الشعب يريد تغيير النظام – وهو الشعار الذي سبقنا اليه اخوتنا التونسيون – ولا اعتقد ان احدا ممن خرجوا صبيحة ذلك اليوم المبارك، كان في ذهنه ان يصل الامر الى الاطاحة بالرئيس، كانت طلبات المتظاهرين بسيطة: 1 – حل مجلس الشعب الذي جاء اعضاؤه عبر اكثر الانتخابات تزويرا في تاريخ مصر. 2 – تغيير وزارة د.أحمد نظيف، أو حتى بعض وزرائها الذين لا يختلف اثنان على فسادهم وطغيانهم، وربما لم يطالبوا حتى برحيل د.أحمد نظيف، الذي كان وقتها عريسا جديدا حديث الزواج! 3 – ايقاف مخططات توريث عزبة مبارك الشهيرة بالمحروسة لولده جمال، وإعلان ذلك بوضوح وصراحة. والطلبات البسيطة استغرقت 5 أيام كاملة قضاها المتظاهرون في ميدان التحرير، وبقية ميادين مصر تعرضوا خلالها لمهازل شرطة حبيب العادلي وعصيهم الغليظة، وخراطيم المياه، والطلقات المطاطية، وسقط المصابون والقتلى حتى قبيل منتصف الليل يوم 29 يناير، عندما خرج الرئيس المخلوع حسني مبارك ليعلن اقالة حكومة نظيف وتعيين حكومة شفيق، وتعيين اللواء عمر سليمان نائبا للرئيس، في منصب شغر منذ 1981. وبسبب التأخر في الفهم والاستيعاب، والتأخير في الاستجابة تصاعدت حدة الاحتجاجات ولم يعد لخطابات مبارك قيمة أو تأثير، وربما لو كانت استجابة مبارك أسرع من ذلك – والحمد لله انها لم تكن – لما تحول الأمر الى ثورة اطاحت به وبأعوانه. والأمر نفسه يتكرر الآن – ويؤسفني ان اقول ذلك – محاكمات قتلة المتظاهرين تسير ببطء السلحفاة، ولم يُدَن أيّ منهم حتى الآن، والتعامل معها يتم على انها قضايا عادية «تأخذ دورها في الرول». ايقاف الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين كان ينبغي ان يتم فورا، وطبقا للقانون، ولم يتم حتى اليوم مما منحهم الفرصة الكبيرة للتدخل في التحقيقات، حتى عرض «الدية» على ذوي الشهداء، مقابل تغيير شهاداتهم، بل ان الاشاعات تؤكد هروب بعض الضباط خارج البلاد. التعامل مع أسر الشهداء تعاملا روتينيا يشعر الجميع انهم يشحذون حقوقهم، ومئات المصابين لا يلقون الرعاية المحترمة في المستشفيات. البلطجة تسيطر على الشارع، وجهاز الشرطة «خارج نطاق التغطية». وبدأت طلبات الثوار واضحة وصريحة، لكنها احتاجت ايضا اسابيع طويلة حتى يخرج علينا د.شرف – الذي أحبه وأحترمه وأشفق عليه من طيبته في غير محلها – ببيانه الذي يعلن فيه اجراء التعديل الوزاري، وحركة المحافظين، واستبعاد الضباط المتهمين في جرائم ضد الثوار، وعلانية المحاكمات، ويتولى بنفسه رئاسة صندوق رعاية ضحايا الثورة. فهل كان من الضروري انتظار ما ستسفر عنه مليونية الجمعة الماضية؟ أم ما نجم عن اغلاق مجمع التحرير أمام المراجعين؟ أم قطع «السوايسة» للطرق والتهديد بإيقاف الملاحة في قناة السويس؟ حقيقة ما أشبه الليلة بالبارحة، نفس العقلية، ونفس تأخر الاستجابة، والخوف ان يرتفع ايضا سقف المطالب لنسمع الهتاف الشهير.. «ارحل.. ارحل». يا سادة يا كرام.. مصر في ثورة.. ولا إيه!! وحفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه. حسام فتحي [email protected] twitter@hossamfathy66 يَا شَعبْ إِلحَقْ، دَا أرضْ النِّيلْ قَلقَانِهْ وِفِيهْ وَطاوِيطْ، بلُؤمْ حَوِيطْ، كَرْهَانِهْ عَايْزِينْ يِخَلُّوا النِّظَامْ قَاعِدْ عَلَى قلوبْنِهْ وِتِبقى ثوْرِةْ بَلدْنَا، فِي خَبَرْ كَانَ د.توفيق ماضي – قصيدة وطاويط