رغم إعلان قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال لويد أوستن في 18 أكتوبر أن الضربات الجوية على مر الأسابيع الماضية أضعفت قدرات تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على الحركة والتخطيط لشن هجمات, إلا أن بعض وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية ترى عكس ذلك. وكان أوستن قال في مؤتمر صحفي بواشنطن إن الضربات التي شنتها الطائرات الأميركية وطائرات قوات التحالف الدولي أجبرت تنظيم الدولة على تغيير سير عملياته، كما قلل القائد العسكري الأميركي من أهمية المكاسب التي حققها التنظيم في محافظة الأنبار غربي العراق. وفي المقابل, نشرت شبكة "سي ان ان" الإخبارية الأميركية في 19 أكتوبر تصريحات لعضو مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين أعرب فيها عن اعتقاده بأن تنظيم الدولة الإسلامية ينتصر، وأنه قادر على فرض سيطرته على مطار بغداد. واعتبر ماكين أن تنظيم الدولة قادر على اختراق بغداد باستخدام المتفجرات والهجمات الانتحارية, وقال إن على الولاياتالمتحدة مراجعة ما تقوم به, لأن القصف الجوي لا يجدي نفعا, ولا بد من وجود مزيد من القوات البرية على الأرض، وفقا لتقديره. كما طالب بتسليح قوات البشمركة الكردية لأنهم يستخدمون أسلحة قديمة في محاربة التنظيم الذي حصل على أسلحة نوعية بفضل استيلائه على مخازن أسلحة. وحذر ماكين من إقامة التنظيم دولة الخلافة، واعتبر أن هذه الخطوة من شأنها أن تشكل تهديدا حقيقا للولايات المتحدة, داعيا إلى "إعادة تقييم جذري" للاستراتيجية الأميركية، في ظل زحف تنظيم الدولة نحو العاصمة العراقيةبغداد. وبدورها, نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية مقالا للكاتب فريد زكريا في 19 أكتوبر قال فيه إن سياسة الرئيس باراك أوباما في سوريا فشلت، وذلك بسبب الفجوة بين الكلام والفعل، وإن أوباما يعيد الكرة نفسها مع تنظيم الدولة بشكل عام حينما يعلن عن نيته "إضعاف ومن ثم القضاء على تنظيم الدولة". وأضاف الكاتب أن على إدارة أوباما الكف عن الخطابات والبدء بالعمل باستراتيجية مركزة من أجل احتواء تنظيم الدولة, وأشار إلى أن نجاح أي استراتيجية في سوريا يعتمد على وجود عوامل عسكرية وسياسية، ولكن العامل العسكري في الوقت الراهن ضعيف وأما السياسي فلا وجود له، وأن الطريق الوحيد للقضاء على تنظيم الدولة يتمثل في احتوائه, وبمساندة الدول المجاورة, التي تكون على استعداد لأن تقاتله عسكريا وسياسيا. كما نشرت "واشنطن بوست" أيضا مقالا للكاتبة جنيفر روبين انتقدت فيه سياسة أوباما فيما يتعلق باستراتيجيته للتحالف الدولي, التي تمثلت حتى الآن بشن حملات جوية على مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في كل من سورياوالعراق. وقالت الكاتبة في 19 أكتوبر إن إصرار البيت الأبيض على أن الحملة الجوية ضد تنظيم الدولة تحرز "نجاحا" يدل على أن أوباما لا يعلم ما الذي يفعله، فقادة أوباما العسكريون ووسائل الإعلام الغربي يدركون أن الحملة الجوية لوحدها لا تكفي للقضاء على تنظيم الدولة. وأشارت إلى أن خبراء استراتيجيين يرون أن العدد الضئيل من الضربات الجوية على تنظيم الدولة يظهر أن هناك عجزا معلوماتيا لدى قوات التحالف الدولي. وأضافت أن الأميركيين يعلمون أن الولاياتالمتحدة لا تحرز تقدما أو انتصارات في القتال ضد تنظيم الدولة، ونتيجة لذلك فهم يتوقعون إرسال قوات أميركية برية للقتال هناك. ومن جانبها, نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية مقالا للكاتب بروس فين أشار فيه إلى أن تدريب خمسة آلاف مقاتل من قوات المعارضة السورية المعتدلة كل عام لمواجهة مقاتلي تنظيم الدولة ليس بالخيار الصائب، وذلك لأنهم جميعهم من السنة ولديهم عدو مشترك ممثل بالشيعة. وأضاف أن قضاء مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة على تنظيم الدولة سيعمل على تقوية الجبهة الشيعية ممثلة بالرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله وإيران، وأن مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة على يقين من أنهم سيغيرون وجهتهم في القتال، وأنهم سيعملون على إنهاء النظام السوري بدلا من مقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية. وقال الكاتب إن مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة منقسمون إلى أكثر من عشر مجموعات، وإنه سيكون من الصعب توحيدهم تحت قيادة واحدة. وأضاف أن ظلم واضطهاد نظام بشار الأسد، وليس تنظيم الدولة، هو السبب الذي جعل الثوار السنة السوريين يحملون السلاح، ولذلك فهم لن يفوتوا الفرصة على أنفسهم، وهي المتمثلة في قضائهم على النظام السوري. وفي السياق ذاته, نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في 19 أكتوبر مقالا للكاتب تشارلي وينتر قال فيه إن الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي على مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراقوسوريا أسهمت على العكس في تعزيز قوة التنظيم, وجعلت الجماعات الإسلامية الأخرى تتضامن معه, وينضم بعض مقاتليها إليه. وأضاف الكاتب أن التنظيم يحقق أيضا مكاسب كبيرة في محافظة الأنبار غربى العراق, وبات قريبا جدا من دخول بغداد. وتقود الولاياتالمتحدة تحالفا دوليا يضم أكثر من 40 دولة، بهدف القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية, الذي سيطر منذ يونيو الماضي على مناطق واسعة من العراق وسوريا