دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اليوم الحكومة والجيش في لبنان إلى "اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حزب الله والجماعات المسلحة الآخري من الحصول علي أسلحة وبناء قدرات شبه عسكرية، في انتهاك صارخ للقرار 1559 لعام 2004". و أعرب الأمين العام عن خيبة الأمل إزاء عدم احراز مزيد من التقدم صوب تنفيذ بقية أحكام القرار 1559 لعام 2004، والذي يطالب ب "حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، وبسط سيطرة حكومة لبنان على جميع أراضي الدولة، وانسحاب جميع القوات الأجنبية المتبقية من البلاد". وقال الأمين العام، في تقريره نصف السنوي العشرون، والذي ناقشه أعضاء مجلس الأمن الدولي اليوم بشأن تنفيذ قرار المجلس رقم 1559، إن "لبنان لا يزال يواجه تحديات خطيرة تهدد استقراره وأمنه، سواء علي الصعيد الداخلي أو علي طول حدوده مع سوريا، بما في ذلك من جراء الإرهاب وأنشطة الجماعات المتطرفة وتهريب الأسلحة واستمرار تدفق اللاجئيين". وفي تقريره، الذي يغطي الفترة من أبريل/نيسان الماضي وحتى الأول منسبتمبر / أيلول الماضي، والذي اطلعت عليه وكالة الأناضول، أدان الأمين العام "الانتهاك المستمر لسيادة" لبنان "من جراء الأعمال التي تقوم بها الأطراف المتحاربة في سوريا"، لافتا إلى أن الفترة المشمولة بالتقرير شهدت "أخطر تهديد لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية نتيجة للأوضاع السادة في سوريا حاليا". وأردف قائلا: "إنني أدين بشدة الغارات الجوية التي يقوم بها سلاح الجو السوري علي الآراضي اللبنانية، وهو ما يشكل انتهاكا آخر للسيادة اللبنانية، وما زلت أدعو جميع الأطراف، بما فيها الحكومة السورية، إلى احترام سيادة لبنان وسلامته الإقليمية، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 1559 لعام 2004". وحذر كي مون من استمرار مشاركة حزب الله وعناصر لبنانية آخري في القتال الدائر في سوريا، وقال إن ذلك "يبرز الحاجة إلى التمسك بمبادئ إعلان بعبدا، وبسياسة النأي بالنفس، وضرورة تراجع الأطراف اللبنانية عن تدخلها في الشأن السوري". وتوافق الزعماء اللبنانيون في جلسة الحوار التي عقدت في يونيو / حزيران 2012 على عدد من البنود ضمن ما عُرف ب "اعلان بعبدا". ونص البند الثاني عشر في الإعلان على "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية". ومع قرار حزب الله إرسال عناصره للقتال في سوريا، تنصل الحزب من "اعلان بعبدا"، وقال رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد، ان إعلان بعبدا ولد ميتا ولم يبق منه إلا "الحبر على الورق". ويتهم الحزب تيار المستقبل بأنّه أول من تنصل من هذا الإعلان من خلال اقحام نفسه بالأزمة السورية عبر مساندة قوى المعارضة عسكريا، وهو ما ينفيه "المستقبل" جملة وتفصيلا. وأشار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم، إلى تزايد المخاوف إزاء دخول مقاتلين مسلحين قادمين من سوريا إلى لبنان، وقال إن "الأعمال الوحشية التي ترتكبها تلك الجماعات، بما في ذلك قطع رأس جنديين لبنانيين علي يد تنظيم داعش واعدام فرد ثالث من قبل جبهة النصرة، يبعث المخاوف في صفوف الطوائف اللبنانية". وتابع قائلا: "لقد سبق وحذرت مرارا من أن انتشار الأسلحة خارج سيطرة الدولة اللبنانية، إلى جانب وجود ميليشيات مسلحة تمتلك كميات ضخمة من السلاح، يقوضان أمن اللبنانيين، ولا يزال حزب الله يحتفظ بقدرات عسكرية متطورة خارج سيطرة الدولة اللبنانية، وهو مبعث قلق شديد، خاصة أنه يخلق جو من الترهيب ويشكل تحديا رئيسيا لسلامة اللبنانيين ولحق الدولة دون سواها في استخدام القوة بشكل شرعي. ولذلك فإنني أحث الحكومة والقوات المسلحة (الجيش) في لبنان علي اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حزب الله والجماعات المسلحة الآخري من الحصول علي أسلحة وبناء قدرات شبه عسكرية، في انتهاك صارخ للقرار 1559 لعام 2004". وتطرق تقرير الأمين العام إلى أحوال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأعرب عن قلقه البالغ ازاء تدهور ظروفهم المعيشية في المخيمات، وازاء تزايد الضغوط علي الموارد المحدودة المتاحة داخل تلك المخيمات. وناشد بان كي مون الدول المانحة تقديم الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئيين الفلسطينيين (أنروا) من أجل توفير الخدمات الضرورية لهؤلاء اللاجئين. كما تحدث في تقريره عن "انتهاكات إسرائيل المتواصلة لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية"، وأبرزها تحليق الطائرات الأسرائيلية في الأجواء اللبنانية، وأعرب الأمين العام عن "أسفه لاستمرار مثل تلك الانتهاكات"، مجددا مطالبة إسرائيل بضرورة سحب قواتها من الجزء الشمالي من قرية الغجر ومن المنطقة المتاخمة لها شمال الخط الأزرق، وأن توقف تحليق طائرتها في الأجواء اللبنانية. والخط الأزرق هو الخط الفاصل الذي رسمته الأممالمتحدة بين لبنان من جهة وإسرائيل وهضبة الجولان المحتلة من جهة أخرى في 7 يونيو/ حزيران 2000. وحول إخفاق القادة اللبنانيين علي مدار الشهور الأربعة الأخيرة في انتخاب رئيس جديد للبلاد، أعرب كي مون في تقريره عن شعوره ب "خيبة الأمل جراء الفشل في انتخاب رئيس جديد ضمن الأطار الزمني المحدد في الدستور اللبناني". وجدد دعوته لكافة السياسيين البنانيين الي انتخاب الرئيس الجديد دون مزيد من التأخير؛ وذلك تحقيقا لمصلحة كافة الطوائف في لبنان. ودعا الأمين العام في تقريره الدول والمؤسسات المكانحة الي الإسراع بالوفاء بتعهداتهم المالية لمساعدة لبنان علي تحمل آثار التدفقات الهائلة للاجئيين الفارين من العنف الدائر في سوريا، وقال إنه "في ظل استضافة لبنان أكبر عدد من اللاجئين في العالم (بالنسبة لعدد سكانه) فقد سببت التطورات الأمنية الأخيرة، لاسيما في المنطقة الحدودية الشرقية، المزيد من الضغوط بالنسبة لللاجئيين والمجتمعات المضيفة لهم داخل البلاد بشكل عام".