استنكر الدكتور راغب السرجاني، الداعية الإسلامي، ردود الفعل من جانب جماعة "الإخوان المسلمين" ومعارضي السلطة الحالية على مقاله الذي نشره على موقع «قصة الإسلامي» الإلكتروني، الذي يشرف عليه، بعنوان «والله أعلم بالظالمين»، والذي يدعو فيه إلى طاعة الحاكم ولو كان ظالما درءًا للفتنة، في إشارة للمطالبة بالاعتراف بشرعية الرئيس عبدالفتاح السيسي. وكان السرجاني تحدث في مقاله عن عدم الخلط بين ظلم الكفار وظلم المسلمين فقال إن «من أخطر هذه المخالفات أن نخلط بين الظلم الواقع من كفار لا يُؤمنون بالله واليوم الآخر وبين الظلم الواقع من المسلمين أنفسهم»، وحذر من الخلط بين دفع الفساد الواقع علي المسلمين من حاكم مسلم مثلهم وبين آخر كافر، داعيًا إلى التدبر في معاملات الرسول صلي الله عليه وسلم، قائلاً إن «هذه المعادلة يصعب فهمها لمن ينظر إلي معاملات الرسول مع ملف الكفار فقط دون ملف الحاكم المسلم». وتعرض السرجاني المحسوب على التيار الإسلامي إثر ذلك لموجة هجوم واسع من جانب أنصار "الإخوان" وحلفائهم من معارضي السلطة الحالية، الأمر الذي أثار استياءه، مطالبًا «جماعة الإخوان» في رسالة جديدة بعنوان «ولكن لا تحبون الناصحين»، بقبول النصيحة وتدريب أنفسهم على ذلك. وقال السرجاني، "هالني ما رأيتُه من خروجٍ عن آداب الحوار، وأفزعتني حالة الصمم عن سماع النصيحة"؛ محذرًا جماعة الإخوان من التكبر عن تعديل المسار إن تبين لهم الخطأ فيه، موضحًا في الوقت ذاته أن لديه «ردًّا علميًّا مُوثَّقًا ومتينًا على كل ما ذكره العلماء، أو كل ما علَّق به أبنائي على الموقع، ولكني لا أريد أن نعيش في جوِّ المناظرات والتشتُّت». وفيما يلي نص الرسالة: يتوتَّر كثير من الناس إذا تقدَّم لهم أحدٌ بنصيحة! خاصة إذا كانت النصيحة تدعوهم إلى تغيير مسارٍ قضوا فيه فترة من عمرهم، ولو كانت فترة قصيرة؛ لأنهم لا يحبون التغيير بشكل عام، أو يخافون منه، أو يكرهون اكتشاف أنهم كانوا على خطأ طوال هذه الفترة؛ فيدفعهم كل ذلك إلى ردِّ النصيحة؛ بل والهجوم على الناصح، ولو كان أمينًا. درِّبوا أنفسكم على سماع النصيحة، واقبلوا من هذا وذاك نصحه، فإن أعجبكم فبها، وإن كرهتموه رددتموه بأدب، ولا تحرموا أنفسكم من خبرات الآخرين، ولا تحرقوا مراكبكم، ولا تُطلقوا الأحكام على قلوب الناس فإنها سرٌّ بين الله وعباده..تَفَكَّروا في نصيحة المحبين لكم، واخرجوا من معسكركم المغلق؛ فالخير ليس محدودًا في داخله؛ إنما يعيش في الكون معنا الآلاف ممن ينصحوننا بحبٍّ، ويُريدون لنا الخير بصدق؛ فوَسِّعوا مدارككم، وارصدوا المقدمات والنتائج، وراجعوا النصائح القديمة من هذا وذاك؛ لتعلموا صحَّة طريقكم من عدمه. إياكم من التكبُّر عن تعديل المسار إن تبيَّن لكم الخطأ فيه، يعلم الله أنَّ عندي ردًّا علميًّا مُوَثَّقًا ومتينًا على كل ما ذكره العلماء، أو كل ما علَّق به أبنائي على الموقع، ولكني لا أريد أن نعيش في جوِّ المناظرات والتشتُّت، ويعلم الله كذلك أني كنتُ أتمنى أن تكون لي معكم في هذه الفترة -أيها الأبناء الفضلاء- كلماتٌ كثيرة أتناول فيها ما أراه صالحًا لزماننا وأحوالنا -على الأقل من وجهة نظري وواقع دراستي للسيرة والتاريخ- ولكن هالني ما رأيتُه من خروجٍ عن آداب الحوار، وأفزعتني حالة الصمم عن سماع النصيحة؛ خاصة من أبنائي الذين هم في أول طريق العلم، ثم الجدل المقيت الذي يقود إلى الشحناء والبغضاء، إضافة إلى حالة الاستنفار التي قادها بعض رجال الدعوة والعلم على صفحات الإنترنت والفضائيات، وعن طريق البيانات والتصريحات. يُهاجمون فيها شخصي، ويتعرَّضون -في غيابي- لاسمي؛ مع أني على مدار ما يقرب من ثلاثين سنة من العمل الدعوي لم أُصَرِّح قطُّ بنقد عالمٍ بعينه، أو داعية بشخصه؛ بل كنتُ أحفظ للجميع -من كافة الاتجاهات- هيبته، وأُوَقِّر للكلِّ ذِكْرَه، ومع أني ذكرتُ رأيًا لي على موقعي، ولم أقتحم موقع أحد، ولم أُهاجم الآراء الأخرى، مع أن الجميع يُشاهد آثارها.