قالت صحيفة فايننشال تايمز إن الأحزاب الإسلامية في العالم العربي عليها أن تتعلم من الانتخابات التركية الأخيرة، بأن تجعل قاعدتها أكثر اعتدالا مع وجود انتخابات حرة ووسائل إعلام مستقلة وأحزاب معارضة قوية. وبنت الصحيفة موقفها هذا على نتيجة الانتخابات التركية العامة التي فاز بها حزب العدالة والتنمية للمرة الثالثة على التوالي منذ عام 2002، وقالت إن الحزب حقق إنجازا ببقائه في الحكومة لأطول مدة منذ تحول تركيا إلى دولة ديمقراطية تعددية عام 1946. وأضافت الصحيفة، أن البداية المتعثرة للحزب بمزجه الإسلام السياسي بالديمقراطية تستحق التأمل والنظر عن قرب، خاصة وسط الاضطراب الذي يضرب المنطقة ودولها ذات الأغلبية المسلمة. وأوضحت الصحيفة أن الحزب فاز بالسلطة واستمر فيها عندما تحول إلى الوسط نحو الليبرالية الاقتصادية، لأن رجب طيب أردوغان أسس حزب العدالة والتنمية على أنقاض حزب الرفاه الإسلامي ووعد بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وتطبيق إصلاحات اقتصادية والقضاء على الفقرات المقيدة لحرية الصحافة في قانون العقوبات التركي. وواصلت الصحيفة تقول إن الإصلاحات سارت في طريقها وفاز حزب العدالة والتنمية ب34% من الأصوات عام 2002، وفي عام 2007 كانت ثمار الإصلاحات الاقتصادية أكبر وهو ما سمح للحزب بالفوز مرة أخرى، وتقول الصحيفة إن هذا الفوز منح أردوغان قدرة على مضايقة خصومه والسعي لتعديل الدستور. وتساءلت الصحيفة عن الوجهة التركية بعد الآن، وقالت: إنه رغم فوز حزب العدالة والتنمية فإنه يخسر للمرة الأولى منذ 2002 أغلبية ال330 مقعدًا اللازمة لتمرير القوانين في البرلمان، وهذا يعني أنه سيحتاج إلى التوافق مع الأحزاب الأخرى لإصدار قوانين جديدة، وقالت إن أردوغان اعترف بهذه الحقيقة قائلا إنه "سيحترم أسلوب حياة جميع الأتراك"، وهذا تصريح واضح بالتعاون مع المعارضة. وقالت الصحيفة إن وجود ليبرالية قوية شرط لا غنى عنه لنجاح التحالف بين الديمقراطية وسياسة الإسلاميين. ويمكن للأحزاب العلمانية في هذه الحالة ألا تنقذ الديمقراطية التركية فقط، ولكن أيضا ستنقذ حزب العدالة والتنمية نفسه من الغرق في الاستبداد. واعتبرت الصحيفة، أن هذا درس لبقية دول الشرق الأوسط: تستطيع الأحزاب الإسلامية أن تعدل برامجها، ولكن فقط في ظل انتخابات حرة، ووسائل إعلام مستقلة ووجود طرف ليبرالي قوي يواجه رغبة الإسلاميين في سلطة ديمقراطية بدون رادع.