بعد فشل كل المحاولات لتشويه صورة السلفيين لدى الرأي العام الداخلي باتهامهم بقطع أذن قبطي تارة و حرق كنيسة تارة أخرى وهدم ضريح و غيرها من التهم التي كشفت التحقيقات أن لا علاقة للسلفيين بها و أن من يقف وراءها هم البلطجية و فلول النظام السابق ضمن خططهم للثورة المضادة، و بدل أن تتراجع الصحف و الفضائيات التي أثارت تلك المواضيع عن سقطاتها المهنية في أفضل تقدير و تعتذر عن أخطائها و تفندها استمرت في نسب تلك التهم إليهم ، الأمر الذي يثبت حقيقة الخلفية التي تنطلق منها و أكثر من ذلك انتقلت إلى البحث و التفتيش في الأرشيف عن أي شيء أو تهمة جديدة لتشويه صورة السلفيين فكانت الخرجة الإعلامية الأخيرة ضد الشيخ أبو إسحاق الحويني باتهامه بالدعوة لسوق نخاسة للخروج من أزمات مصر الاقتصادية ، ومرة أخرى جاءت النتائج عكس ما هدف إليه ناشرو مقطع الفيديو المبتور من سياقه إذ انتشر رد الشيخ المفحم في الكثير من الفضائيات و المواقع الإلكترونية و كانت ردود القراء في معظمها مؤيدة ليس لكلام الشيخ و إنما للحق و الحقيقة وهنا تكمن القوة الناعمة للسلفيين. نعم القوة الناعمة للسلفيين تكمن في قوة الحق و الاعتزاز به و الثبات عليه و الرجوع إليه عند الخطئ، لأن المنهج السلفي لا يجامل الأشخاص و لا يقدس العلماء كما يفعل غيرهم و إن شوهدت ممارسات من تلامذة بعضهم ورفضهم الشديد لأي نقد لشيوخهم لتعلقهم بهم و حبهم لهم فإن ذلك يتفهم من هذه الزاوية مع العلم أنه غالبا ما يكون في البدايات الأولى للالتزام و سرعان ما يزول إذا استمر في طلب العلم و المطالعة بمرور الأيام و إدراك عمق المنهج السلفي و منه الدوران مع الدليل حيث يدور و العلماء في كل العصور لم يختلفوا على هذا المبدأ ، فالكل يؤخذ من كلامه و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،كما أن اجتهادات العلماء و مواقفهم الشرعية تصدر بعد تثبت و تعمق في الأدلة من الكتاب و السنة وفق منهج علمي متكامل و محيط بكل الجوانب، لذلك فإن المواطن عندما لا يكتفي بالمصادر الإعلامية و يعود إلى المنبع الحقيقي لأصحاب الموقف و يستبينه منهم يكتشف الحقيقة . و هذا ما أثبتته التجارب السابقة التي أتهم السلفيون فيها بالتكفير و إباحة دماء المسلمين و العنف المسلح رغم كل الشواهد التي تنفي ذلك ، و تعرضوا لهجوم إعلامي مزدوج داخلي و خارجي و لكن الضربات تلك كلها زادتهم قوة و انتشارا، و السر في ذلك أن كل تلك الإدعاءات و التهم كانت باطلة كما أثبتته الوقائع الميدانية. صحيح أنه حصلت الكثير من الأخطاء و التجاوزات و التصرفات و لازال البعض منها موجودا ولكن كل ذلك كان بين الأفراد و ليس العلماء و حجم الأخطاء كان في المجتمعات التي يقل فيها العلماء و الدعاة ما يبين أن المشكل كان على مستوى الأفراد لا على مستوى المنهج و هذا الخطأ المتعمد الذي يقع فيه خصوم السلفيين حين يحاكمون السلفيين على تصرفات فردية معزولة بل و مكذوبة أحيانا . و لا شك أن المحاولات و الحملات الإعلامية ستستمر لتنفير المجتمع منهم باستعمال كل الأساليب الغير أخلاقية و هذه نقطة الضعف التي ستفشلها مرة أخرى ، غير أن هذا لا يعني استرخاء السلفيين و صمتهم على كل التهم و الأباطيل و إنما عليهم الانتقال من حالة الدفاع إلى الهجوم بتبيان أخطاء غيرهم بأسلوب علمي هادئ قصده المنفعة العامة للوطن و ليس الإثارة الإعلامية . - كاتب وباحث جزائري