يرتبط الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية بعلاقات وطيدة، بقادة السلطة الحاكمة في مصر، وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو ما بدا جليًا من خلال ظهوره في مناسبات عدة معه عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في يوليو 2013، ما حدا بالبعض إلى اعتباره "المرجعية الدينية الأولى" لقائد الجيش السابق. وربط مراقبون بين العديد من فتاوى جمعة خلال الفترة الماضية وخصومته ل "الإخوان المسلمين" الذي وصفهم ب "الخوارج عن الإسلام"، وهي الفتوى التي ترجمها في رسالة حاسمة إلى الجيش والشرطة حاسمة دعاهم فيها إلى "الضرب في المليان"، كما جاء في فيديو مسرب عقب فض اعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ب "رابعة العدوية" و"النهضة" في 14أغسطس من العام الماضي. ومع تعدد فتاوى عضو هيئة كبار العلماء المثيرة للجدل، جاءت فتواه بعدم تكفير "الشيعة الإمامية" الذين يطعنون في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ويقومون بسبهم ولعنهم، على خلاف رأي كثير من علماء أهل السنة في مصر والعالم الإسلامي، قائلاً إنهم "لا يكفرون بهذه المخالفات غير المقبولة، لأن المسلم لا يكفر بسب المسلم ولعنه". غير إن جمعة أفتى بتكفير فرق شيعية أخرى متعددة "منها ما تطرف في التشيع حتى خرج عن ربقة الإسلام بمزاعم مُكَفِّرة ومعتقدات باطلة، فمنها فرقة تزعم أن الإله قد حلَّ في علي وأولاده وأنه قد ظهر بصورتهم ونطق بألسنتهم وعمل بأيديهم، ومن هذه الفرق التي ضلت الإسماعيلية والبهرة، والدروز". وطائفة "البهرة" التي أدرجها جمعة ضمن الفرق الشيعية التي أفتى بتكفيرها، كانت دار الإفتاء المصرية قد اعتبرتها خارجة عن الإسلام طبقًا للفتوى الصادرة عنها في 1أكتوبر 2013 برقم 261071 على الموقع الرسمى لها. ويقول نص الفتوى: "إنهم طائفة تابعة للفرقة الإسماعيلية الشيعية التي تعتقد بأمور تفسد عقيدتها وتخرجها عن ملة الإسلام والتي من أهمها الاعتقاد بأن النبي صلى الله عليه وسلم انقطع عنه الوحي أثناء فترة حياته وانتقلت الرسالة إلى الإمام على رضى الله عنه". "كما أنهم لا يعترفون بوجود الجنة والنار على الحقيقة بل ينكرن الحياة الآخرة والعقاب الأبدي ويعتقدون أن نهاية النفس بالعودة إلى الأرض مرة أخرى ويرمزون الجنة بحالة النفس التي حصلت العلم الكامل والنار بالجهل ويقدسون الكعبة باعتبارها رمزًا للإمام على رضى الله عنه"، بحسب الفتوى التي تم حذفها من على الموقع الرسمي للدار. وعلى الرغم من هذه الفتوى وتصريحات المفتي السابق التي تقطع بتكفير طائفة "البهرة"، إلا أن زعيمها السلطان مفضل سيف الدين، سلطان طائفة البهرة بالهند، يرافقه نجلاه الأميران جعفر الصادق، وطه سيف الدين، والأمير عبد القادر نور الدين، زوج كريمته، ومفضل حسن، ممثل سلطان البهرة بالقاهرة حظوا باستقبال رسمي اليوم بقصر الرئاسة بمصر الجديدة، حيث استقبلهم الرئيس عبدالفتاح السيسي. وبحسب المتحدث باسم الرئاسة، فإن الرئيس رحب بسلطان البهرة فى زيارته الأولى إلى مصر منذ توليه هذا المنصب فى يناير 2014 خلفا لوالده، مشيدًا بالجهود التي تبذلها طائفة البهرة لترميم المساجد الأثرية فى مصر. وأشار إلى أن سلطان البهرة قدم مساهمة فى صندوق تحيا مصر للنهوض بالاقتصاد المصرى، تقدر بعشرة ملايين جنيه، منوها إلى العلاقة الروحية التي تربط بين أبناء الطائفة ومصر التي تضم فى رحابها الكثير من مساجد آل البيت. وتعكس الحفاوة الرسمية بزعيم طائفة البهرة مع الفتاوى الرسمية في مصر، تناقضًا مع الفتوى "الرسمية" بتكفير تلك الطائفة، ما يخشى معه مراقبون من تمدد الطائفة المعروف بثرائها الفاحش في مصر، خاصة وإنها تركز بشكل كبير على شراء العقارات بشارع المعز بحي الجمالية، ويهتمون كثيرًا بالمساجد التي بنيت خلال الحكم الفاطمي لمصر. وأفراد الطائفة الموجودون في مصر يؤدون صلاة المغرب بمسجد الحاكم بأمر الله يوم الخميس من كل أسبوع حيث تتوافد مجموعات قبيل المغرب بدقائق ترتدي زيًا موحدًا أشبه بالزى الهندي وتعتزل المصلين فى صلاة الجماعة ولا يتوضأون من الميضة التي في وسط المسجد بل يتباركون بالوضوء من بركة معينة فى الصحن وتؤدى صلاتها منفردة طبقًا لطقوس معينة يؤدونها فى الصلاة ولا يعرفها أحد حيث يختبأون خلف ستارة محذور الاقتراب منها أو التصوير أثناء ممارسة هذه الطقوس. كما أن للبهرة في مصر أماكن أخرى يرتبطون بها منها ضريح "مالك الأشتر" الموجود في منطقة المرج الذي يعتقدون أن الإمام الأشتر مدفون هناك يأتون كل عام إليه ويحتفلون بمولده، وأما مسجد الحاكم بأمر الله فهو لا يخضع لنفوذ وإشراف البهرة، فهو مسجد تابع لوزارة الأوقاف المصرية، لكن الوزارة تغض الطرف عنهم، باعتبار أنهم لا يمثلون خطرًا سياسيًا وأمنيًا علي الدولة، شأنهم شأن الطرق الصوفية والجماعات الشيعية التي تمارس شعائرها في منطقة القاهرة المكتظة بالأضرحة ومساجد آل البيت النبوي، مثل مساجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وغيرها.