استعدادات مكثفة بالجيزة لانطلاق انتخابات مجلس النواب غدًا    موفدو الأوقاف بالخارج يبادرون لأداء واجبهم الوطني في انتخابات مجلس النواب    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    رسميًا.. بدء إجراء المقابلات الشخصية للمتقدمين للعمل بمساجد النذور ل«أوقاف الإسكندرية»    وزير التموين يتابع توافر السلع بالأسواق استعداداً لشهر رمضان    شريف عامر: لا بد من التطور والتكيف ولكن بطريقه احترافية    رئيس الوزراء يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لمشروع مدينة «رأس الحكمة»    تفاصيل المشهد المعقد.. فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق يكشف أسرارا جديدة في "الجلسة سرية"    افتتاح قمة الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية وسط قلق بسبب التحركات العسكرية الأمريكية    وزير الصناعة والنقل يترأس الدورة (74) لاجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء النقل العرب    الزمالك يجري 3 تبديلات دفعة واحدة بين شوطي المباراة    ننشر أسماء ضحايا حادث تصادم القناطر.. سيارة تشتعل وأخرى تسقط بالمصرف| صور    غريق مجهول الهوية بمسطرد.. تفاصيل حادث صادم بجوار معدية البترول| صور    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    تصريحات دينا الشربيني عن «مفيش واحدة بتسرق راجل» تعود للمشهد بعد شائعات ارتباطها ب كريم محمود عبدالعزيز    دينا فؤاد تصل عزاء والد محمد رمضان بمسجد الشرطة    رئيس قطاع الأخبار بالمتحدة: مهمتنا تلبية احتياجات الجمهور وتقديم أفضل محتوى    بيحبوا يثيروا الجدل.. 4 أبراج جريئة بطبعها    «عبدالغفار» يبحث مع ممثلي منظمة الصحة العالمية تعزيز جهود مواجهة الكوارث    
نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى شبرا العام ويوجه بسرعة إصلاح الأجهزة المعطلة    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    هل أصدر الرئيس الروسي تعليمات بالتحضير لتجارب نووية؟.. الكرملين يجيب    الشروط الجديدة لحذف غير المستحقين من بطاقات التموين 2025 وتحديث البيانات    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    محافظ مطروح يتفقد مركز التدريب المدني.. ويؤكد الإعلان عن دورات تدريبية قريبا    ماذا قال ياسر جلال بعد كلمته بمهرجان وهران في الجزائر؟    الشيخ خالد الجندي: ربنا بيوريك نتيجة استخارتك في تيسير الطريق أو توقفه    الخزانة الأمريكية ترفع العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب    ضبط صانعة محتوى في الجيزة لنشر فيديوهات خادشة للحياء على مواقع التواصل    قومي المرأة يدعو سيدات مصر للمشاركة بقوة في انتخابات النواب    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    من يحضر تنفيذ العقوبة؟.. بعد حكم إعدام قاتلة زوجها وأبنائه ال6.. إنفوجراف    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    التنسيقية: إقبال كثيف في دول الخليج العربي على التصويت في النواب    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    «صرف الإسكندرية»: فرق طوارئ ومتابعة ميدانية استعدادًا لانتخابات مجلس النواب    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    الأهلي والزمالك.. تعرف على جوائز كأس السوبر المصري    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    مواعيد مباريات الأحد 9 نوفمبر - نهائي السوبر المصري.. ومانشستر سيتي ضد ليفربول    هل يفاجئ توروب الزمالك؟.. تشكيل الأهلي المتوقع في نهائي السوبر المصري    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد يحيى فى ذمة الله
نشر في المصريون يوم 14 - 08 - 2014

رحل عن عالمنا منذ أيام الأستاذ الدكتور محمد يحيى أستاذ الأدب الإنجليزى فى جامعة القاهرة والمفكر الإسلامى والمترجم العظيم .. رحل دون أن يشعر به أحد أو تذكره أى وسيلة من وسائل الإعلام العديدة، وهو الذى ملأ الأرض علما وكان متفوقا فى مجاله تدريس الأدب الإنجليزى فى أول وأعرق جامعة مصرية
– جامعة القاهرة - وهو رجل تحدى الصعاب واجتهد رغم ظروفه الصحية الصعبة ومرضه المزمن، التى لو تعرض لها غيره من التيارات لهلل له طوال الوقت، ولسودوا عنه آلاف الصفحات ومئات الكتب، ولنشروا كتبه وأعماله الكاملة، وجمعوا مقالاته وندواته وفرغوا أحاديثه ...هذا هو حال النخبة المصرية العنصرية التى تهمش الآخر وتنبذه وتحتقره ولا تؤمن بوجوده... والعجيب ألا يعلم برحيله إلا القلة القليلة من أصدقائه وفوجئ معظمهم بهذا الرحيل ..
كان الدكتور محمد يحيى نموذج حي لأصحاب الهمم العالية، فقد كان يعاني من ضمور في العضلات منذ الصف الأول الإعدادي على إثر ارتفاع في درجة حرارة وحمى نتج عنها ضمور جزئي في بعض العضلات، وظل الأمر في تفاقم ولم ينفع معه العلاج حتى انتهى إلى ضمور في كافة عضلات الجسم وهو ما يعني فقدان القدرة نهائياً على الحركة اللهم إلا حركة بسيطة في اليد- كرماً من الله بها يكتب ويدير بعض شؤونه، وقد كان والده يحمله ويذهب به إلى المدرسة، ويحمله مرة أخرى عائداً إلى منزله وظل الأمر هكذا حتى التحق بكلية الآداب وكان الأول على القسم طيلة سنوات دراسته، وأعجب به أستاذه الدكتور رشاد رشدي، أول من تولى رئاسة قسم اللغة الانجليزية بآداب القاهرة، وقرر تحدي قوانين الجامعة حتى تم تعيينه معيداً في القسم. بعد ذلك استكمل مسيرة التعليم العالي حتى صار الآن أستاذ في الجامعة ومترجما ومفكرا ومحللا وكاتبا إسلاميا مبدعا له العديد من الكتب، ومساهماته بارزة في الصحف والمجلات العربية.
وفى هذا يقول الدكتور محمد يحيى: "لقد استطعت أن أواصل تعليمي بصبر ودأب وعلمت نفسي خمس لغات هي: الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والأسبانية. وأنا الآن أشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في قسم الأدب الإنجليزي وأترجم أمهات الكتب ولا أجد وقتاً للفراغ أبداً والحمد لله تزوجت ورزقني الله ولداً وبنتاً". ويضيف د. محمد يحيى: "إن الإعاقة توجد حافزاً لدى الإنسان لتعويضها ومن ثم التفوق في مناحي الحياة المختلفة. فالله - سبحانه وتعالى - قد يحرم المعاق من شيء لكنه يعوضه أشياء أخرى كأن يكون لماحاً شديد الذكاء وقوي الذاكرة ودءوباً ونشيطاً ومحباً للعمل والإنتاج، وأن تكون لديه روح الزعامة والجاذبية الشخصية".
كان الأستاذ الدكتور محمد يحيى مهموما بقضايا أمته وهمومها فى الوقت الراهن الذى تكالب عليها الأعداء فى الشرق والغرب ينهشون فيها كالكلاب المسعورة والمسلمون كالأيتام على موائد اللئام ، وجند هؤلاء الأعداء جنودا لهم من بنى جلدتنا يريدون سلخ الأمة من ماضيها التليد لقاء الفتات الذى يتلقونه من هؤلاء فى صورة جوائز ورحلات فلقد قيض الله جنودا يدافعون عن شرف الأمة ضد خصومها فى الداخل والخارج منهم الدكتور يحيى الذى لم ينبطح كزملائه الذين كانوا يبشرون بكل ما يأتى من الغرب من ظلام، فعمل على تعلم اللغات الغربية الحية فأتقن العديد منها كى يتعرف على إنتاجهم مباشرة ويتسنى الرد المناسب عليهم، وظهر هذا جلياً فى مقالاته ومؤلفاته وترجماته.. وقد أثرى المكتبة العربية بالعديد من الكتب التى دلت على تبحره وغزارة ثقافته كما كان يكتب المقالات فى العديد من الصحف والمجلات منها مجلتنا الغراء "المختار الإسلامى"، و"لواء الإسلام"،و"الاعتصام"، و"الدعوة"، و"آفاق عربية"...
كان للدكتور محمد يحيى رأيه الصادع فيما يعرف بالحوار بين الأديان الذى كان هدفه إذابة الفوارق بينها وقد باء هذا الحوار مع الآخر بالفشل نتيجة إصراره على ضرورة تنازل المسلمين عن بعض ثوابتهم العقائدية وفى شأن الحوار مع الآخر قال الدكتور يحيى: "ما يحدث الآن ليس إلا جلسات تعقد بين أشخاص يفترض أنهم يمثلون الأديان - إما الكنيسة وإما الإسلام- ونحن معنيون بمن يقومون بمواجهة الآخر أو التحاور معه، حيث نؤكد أن هؤلاء الأشخاص في الغالب الأعم أشخاص معينون من جهات رسمية، وليست لديهم الحماسة الكافية في الحوار أو النقاش أو مواجهة الآخر، وهذا يحدث مع إمكانية وجود أشخاص من الكنيسة مثلا، لكنهم لا يتمتعون بالاستقلالية التامة عن أية جهات رسمية، وإنما يمثلون مراكز أنشئت في الغرب لهذا الغرض تتمتع بكثير من الخبرة والكفاءة.
ويضيف د. يحيى أن الواقع يؤكد أن تجارب المواجهة مع الآخر والحوار معه تجربة مليئة بالسلبيات ؛ لأنها على سبيل المثال سعت من جانب ممثلي الإسلام إلى الاعتراف بالكنيسة الغربية دون أن يكون هناك اعتراف منها بالإسلام، كما أنها تحولت إلى جلسات توجيه اتهامات إلى الإسلام ودفاع من ممثليه، وأصبحنا أمام جلسة تحقيق ومتهم وتهم!! والأخطر في الأمر أن المتهم "وهو الإسلام" يتم الدفاع عنه بنوع من الاعتذار ووعد بالإصلاح في المستقبل، وهذا طبعًا ليس حوارًا وليست مواجهة".

الأزهر فى وجدانه ورأيه فى الإمام فى الإمام عبدالحليم محمود:

رأى الدكتور محمد يحيى أن الأزهر هو حامى حمى الإسلام فى مصر إذا استقلت مؤسسته عن الحاكم الذى سخر شيوخه الرسميين فى العقود السابقة لمهاجمة خصومه السياسيين، وظل هكذا إلى أن تولى مشيخته الإمام الأكبر عبدالحليم محمود الذى قال عنه: "في عهد المرحوم الشيخ عبد الحلم محمود رحمه الله كان الأزهر نورا للإسلام ونار على أعدائه، وجمع الشيخ بين دعوة لإحياء القلوب بالتوبة والرجوع إلى الله ودعوة لإحياء العقول بالفكر الإسلامي النقي الواعي الذي كان هو رائده وتحرك بالأزهر إلى قلب الشعب والحياة فكانت عشرات المعاهد الأزهرية والمساجد والجمعيات وتزعم الأزهر في عهده تطبيق الشريعة الإسلامية ورعاها وزودها بالفكر والدراسات والأبحاث وإخراج مشروع الدستور الإسلامي وقانون إسلامي أصيل للأسرة وكرسي الشيخ الذي فقدناه علمه ومعه علم العديد رجالات الأزهر الشرفاء لحرب أعداء الإسلام فإذا الذين زعموا أنهم أصحاب الأفكار التي لا تقهر والفلسفات التي لا يأتيها الباطل ينكشفون كمجرد عملاء مدفعي الأجر لقوى كبرى غيرهم بالشعارات وبما يقرءون و تنسى أن تفسره لهم أو تعطيهم العقول اللازمة لشرحه . وانتعشت في ذلك العهد ومن جراء ذلك الجهد الأزهري الحركة الإسلامية فكانت النبات الأصيل للأزهر ورجاله كما كانت امتدادا لكفاح الشعب المصري المسلم وطلائعه من التيارات الإسلامية ودفع الشيخ عبد الحليم محمود ومعه الأزهر ثمنا غاليا جزاء هذا التحدي لأعداء الإسلام من طائفيين وعلمانيين وقوى داخلية وخارجية مختلفة فكان أن تعرض الرجل في حياته لأبشع هجوم وتشويه وشتم بذئ منحط وسخرت السلطة من "وراء ستار" مجلة يسارية أسبوعية للهجوم على الرجل ومن هنا بدأ الحديث عن تلقيه الأموال العربية لبناء المساجد وكأن بيوت الله جريمة ونسو مئات الكنائس التي بناها الأنبا شنودة واستحق لذلك وصف صاحب النهضة عند أبنائه وعند العلمانيين أنفسهم الذين يطبقون علمانيتهم على الإسلام وحده وهوجمت سياسة بناء المعاهد الأزهرية وأخذ وزير التعليم المزمن في تلك الفترة يتحدث عن ضرورة توحيد نظام التعليم في مصر أي إلغاء التعليم الأزهري وعندما مات الشيخ عبد الحليم محمود حرمت الجماهير من تشيع جنازته و منعت حتى الآن أحاديثه الكثيرة من وسائل الإعلام لأنها كانت مؤثرة في أحداث موجة التدين الذي يحاربونه وتحول الأزهر بعده إلى النقيض".

الكشف عن وثيقة "راند":
المؤامرة على الإسلام والمسلمين باتت من الوضوح بمكان.. الأمر الذي لا يمكن معه إنكارٌ أو تجاهل، وقد تنبه الدكتور محمد يحيى للخطة الأمريكية لتخريب الدين الإسلامي التى قدمتها مؤسسة راند، وذلك فى كتابه "خطة أمريكية لتحديث الدين الإسلامي" الصادر عن المكتب المصري الحديث. والتي تتضمن إعادة تقديمه للمسلمين بعد تنحيَة الشريعة الإسلامية، وإلغاء مظاهر الوجود الإسلامي، ووضع العلماء التقليديين والمؤسسات الدينية في مواجهة الحركات الإسلامية، ومنح العلمانيين والحداثيين منابرَ إعلاميةً واسعةً، وإعطاء المناصب الدينية لأصحاب التوجهات الصوفية، ويتوازى مع ذلك موجة إباحية من الموسيقى والرقص والغناء يتم توجيهها إلى الشباب والفتيات، هذا مع تقديم الأحاديث النبوية بقراءة جديدة، يتم من خلالها إلغاء الاعتماد على صحة ما رواه البخاري ومسلم.

وتبدأ فلسفة هذه الخطة بتوضيح أن الإسلام المعاصر في حالة تصعيد؛ حيث يدخل في صراع على قيَمِه وهويته ووضعه في العالم، وفي نسيج المجتمع الإسلامي يدور الصراع بين أصحاب الأفكار المختلفة؛ من أجل فرض آرائهم وأفكارهم على مجتمعاتهم؛ بهدف تحقيق السيادة السياسية والروحية على هذه المجتمعات، وفي الوقت نفسه فإن الولايات المتحدة والعالم الصناعي الحديث يفضِّل عالمًا إسلاميًّا يأتلف مع باقي النظام العالمي والغربي.

لذلك يجب أن يكون ديمقراطيًّا، ويتبع قواعد ومعايير التعامل الدولي والغربي، هذا مع الوضع في الاعتبار ضرورة اتقاء صِدام الحضارات، وزيادة الاضطرابات، والكفاح المسلَّح عبر العالم الإسلامي وتوابعه، التي تؤدي إلى الإرهاب وعدم الاستقرار، وعليه- كما في الخطة- يتأكد ضرورة تشجيع العناصر داخل الخليط الإسلامي الأكثر توافقًا مع السلام العالمي والمجتمع الدولي، والمحبة للديمقراطية والحداثة.

ولتشجيع العالم الإسلامي نحو الديمقراطية والحداثة تحتاج الولايات المتحدة- والغرب بصفة عامة- إلى التبصُّر بعناية شديدة في العناصر والاتجاهات والقوى داخل العالم الإسلامي؛ ولذلك ترى الخطر أن الاتجاه الأكثر فعالية في التعامل معها هو الآتي:

أولاً: دعم الحداثيين وذلك من خلال:
- نشر أعمالهم وتوزيعها.
- تشجيعهم على الكتابة للجماهير والشباب.
- تقديم آرائهم في مناهج التربية الإسلامية المدرسية.
- جعل آرائهم وأحكامهم في القضايا الكبرى للتأويل الديني متاحة للجمهور؛ بحيث يمكنها أن تنافس آراء وأحكام الأصوليين والتقليديين.
- وضع العلمانية والحداثة كخيار الثقافة المضادة للشباب الإسلامي الساخط.
- تيسير وتشجيع الوعي بالتاريخ والثقافة قبل الإسلام.

ثانيًا: دعم معركة العلماء التقليديين ضد الأصوليين، وذلك عن طريق:
- نشر نقد العلماء التقليديين للعنف والتطرف الأصولي، وتشجيع الخلافات ين التقليديين والأصوليين.
- تثبيط التحالفات التي يمكن أن تتم بين الطرفين السابقين ومنعهما بكل الصور.
- تشجيع التعاون ما بين الحداثيين والعلماء الأقرب إلى النطاق الحداثي.
- دعم العلماء التقليديين ضد الأصوليين، الذين قد يكونون أكثر قدرةً على التواصل مع الجماهير أو على مستوًى ببلاغتهم وإقناعهم.
- الحرص على حضور نماذج الحداثيين في المؤسسات التقليدية.

ثالثًا: مواجهة الطرح الأصولي للإسلام، وذلك على أساس:
- تحدي شروحهم للإسلام.
- الكشف عن صلتهم بالجماعات والأنشطة غير المشروعة.
- إظهار عدم قدرتهم على الحكم وتحقيق التنمية لبلادهم ومجتمعاتهم.
- تجنب إظهار الاحترام أو الإعجاب بأعمال العنف التي يقوم بها المتطرفون والأصوليون الإرهابيون.
- تشجيع الصحفيين على بحث قضايا الفساد داخل الدوائر الأصولية.
- تشجيع الانقسامات بين الأصوليين.

رابعًا: دعم العلمانيين بشكل انتقائي، وذلك بتأكيد أن الأصولية عدوٌّ مشتركٌ، وتثبيط التحالف مع القوى المضادة للولايات المتحدة، وكذلك دعم فكرة أن الدين والدولة يمكن أن ينفصلا في الإسلام أيضًا.
مع المهتدية الأمريكية مريم جميلة:
ألف الدكتور محمد يحيى كتابه الأهم عن مريم جميلة بعنوان "رحلتى من الكفر إلى الإيمان- قصة إسلام المهتدية الأمريكية مريم جميلة" .. وقد فوجئ الناس بإسلام الأمريكية مارجريت ماركوس التى ولدت فى نيويورك عام 1934م لأبوين يهوديين من أصل ألماني وكان لطريقة نشأتها في تلك البيئة المتلوثة بركام الجاهليَّة دليلٌ على عناية الله -تعالى- بها، فهي لم تذق الخمر في حياتها ولم تلتق بالرِّجال، ولم تحضر حفلات القوم، وكل هذا عجيبٌ من مثلها، وكانت وهي في طفولتها تحضر الدُّروس الَّتي تقيمها مدرسة الأحد اليهوديَّة، وتسمع الحاخام وهو يخبرهم بأنَّ العرب واليهود هم أولاد إبراهيم الخليل -عليه وعلى نبينا أفضل الصَّلوات وأتمُّ التَّسليم- فصارت تتمنى أن تذهب إلى فلسطين لرؤية أولاد عمها والاجتماع بهم، ثمَّ إنَّها صدمت بعد ذلك يوم أن رأت أبويها يحتفلان بقرار التَّقسيم سنة 1947م، ويجمعان التَّبرعات لإقامة الدَّولة المسخ، ثمَّ يحتفلان بانتصار اليهود سنة 1367ه/ 1948م، فصارت تناقش أبويها بقوَّةٍ في إقامة دولة اليهود على أحزان العرب وآلامهم، فعجبًا من كلامها.

منذ ذلك التاريخ وقررت الإطلاع على العلوم الإسلامية وراسلت فى هذا كبار العلماء منهم: البشير الإبراهيمى، وسعيد رمضان، ومعروف الدواليبى، وسيد قطب، ولكن نقطة التحول فى حياتها تعرفها إلى الأستاذ أبى الأعلى المودودى، ودار بينها وبينه مراسلات ثمَّ شرح الله صدرها للإسلام في سنة (1381ه 1961م) فذهبت إلى إمام مسجد بروكلين بنيويورك وسمت نفسها "مريم جميلة" وقد تعرضت بعد ذلك لمضايقات ورفض الكل تعيينها لما عرفوا أنها يهودية فأسلمت فيممت شطرها إلى باكستان واتصلت بالأستاذ المودودى واسكنها فى بيته سنتين، وعرضت عليه الزواج فاعتذر، وتزوجت من محمد يوسف خان وعاشت في «لاهور» من سنة 1383ه/ 1963م إلى أن أخذ الله روحها في يوم الأربعاء 31 أكتوبر 2012م..

كذلك رد على الكاتب الهندى سلمان رشدى فى دراسة قيمة بعنوان "الآيات الشيطانية الظاهرة والتفسير" بعد أن قرأ الرواية قراءة متأنية، وقد استفاد منها كل من كتب عن سلمان رشدى فيما بعد..

قالوا عن الدكتور محمد يحيى :
الدكتور خالد فهمى
انتقل إلى رحمة الله تعالى واحد من أعظم النفوس والعقول المنتمية للثقافة العربية الإسلامية ،كان من القليل الذي فهم أن التخصص في أدب لغة أجنبية وحضارتها وفكر مفكريها في الجامعات المصرية إنما هو لخمة مقدرات ثقافة الأمة، لا لضرب هذه الثقافة والتعالي على رموزها.
مات الدكتور محمد يحيى أستاذ الأب الإنجليزي الذي كان عقله صارم الوجهة في خدمة السماء ، وظلت الزاوية التي كان يطل على جمهور القارئين منها في المجلات الإسلامية شاهدا على أقرره بحقه.
رحم الله الفقيد النبيل ، وأسبغ عليه من رحماته!

الدكتور حلمى محمد القاعود
محمد يحيى عالم جليل وأستاذ كبير ، خدم العلم والمعرفة والإسلام في تؤدة وهدوء وإخلاص ، وكانت ظروفه الصعبة دافعا لإصراره على أداء رسالته أستاذا للأدب الإنجليزي في كلية الآداب جامعة القاهرة ، ومؤلفا في مجال تخصصه الأدبي والقضايا العلمية ، ومدافعا صلبا عن قضايا الإسلام بدأب وشجاعة . للأسف الشديد لم تتح لى فرصة اللقاء به في حياته ، ولكني تابعت كتاباته دفاعا عن الإسلام في مجلة المختار الإسلامي ومجلة الاعتصام وغيرهما من المجلات والصحف الإسلامية ، وهي كتابات لا تتوقف عند صورة الأحداث الخارجية التي تشغل كثيرا من الكتاب والمحللين ، ولكنه يبحث فيما وراءها وفي أعماقها ليكتشف العناصر أو العوامل الحقيقية في تحريكها وصناعتها . لقد كشف كثيرا من الحقائق حول ما يجري للمسلمين داخل مصر وخارجها ، ولهذا استُبْعد - مثل نظرائه - من المشهد الثقافي ، مع أنه يمتلك الكفاءة العلمية والقدرة الأدبية والأداء المنطقي المقنع . حدثني عنه الأستاذ محمد عبد الله السمان بتقدير واحترام كبيرين ، ولعله هو الذي استدعاه للكتابة في المجلات والصحف الإسلامية بحكم اقترابه منه . للأسف لم أعلم بوفاته إلا بعد فترة ، وربما لا يعلم كثيرون في الحقل الإسلامي بهذه الوفاة لأن الإعلام السائد لا يهتم إلا بالمعادين للإسلام والمرتزقة وأشباه الفنانين ، ولا يهتم أبدا بعظماء مصر الحقيقيين ، ولا يعنيه أمرهم . رحم الله محمد يحيي وجعله في الفردوس الأعلى وأثابه على ما قدم للإسلام والمسلمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.