بعد خطاب المشير عبد الفتاح السيسي في افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة وتوجيهه رسالة غير مباشرة الى الإخوان بانه سيسمح لهم بالتواجد بفكرهم بشرط عدم ممارسة العنف والتخريب ..أستطيع ان أقول انه سيصدق تحليلي وتوقعي وخلاصته انه بعد فترة وجيزة ستعود معادلة العملية السياسية في مصر ( حزب وطني في مواجهة الاخوان .. صراعات وتحالفات مع بعضهما البعض كما كان يحدث من قبل 25 يناير ).. فشبكة المصالح والمؤسسات والمال و النفوذ والأجهزة الأمنية مع نظام الحزب الوطني ورجاله .. اما الاخوان فجماعة ضخمة ومنظمة ولديهم القدرة على الحشد الجماهيري وعمل تحركات شعبية على الارض تسبب أزمات اقتصادية وأمنية لأي نظام حاكم .. لذلك .. أتوقع ، وقد اصدق في توقعي او لا اصدق، ان يتصالح قطبا الصراع السياسي ، اولا السيسي ومعه الحزب الوطني ومن خلفهما مؤسسات الدولة العميقة الأمنية وغير الأمنية وثانيا الاخوان ، وسيكون الاتفاق بصورة غير رسمية اي من دون اتفاق معلن .. بل ما يشبه تهدئة غير معلنة من جانب الاخوان في الشوارع مقابل السماح لهم بالعمل مجددا .. اما باقي الأحزاب والتيارات السياسية خاصة المتواجدة والمشاركة في السلطة حاليا ( حزب النور واليساريون و الناصريون وبعض الإسلاميين المستقلين وغيرهم من الأحزاب الكرتونية الديكورية ) فسيعودون الى ما كانوا عليه قبل ثورة 25 يناير 2011 اي الى هامش المعادلة السياسية .. فهؤلاء لا يملكون شعبية جماهيرية ولا مالا ولا نفوذاً ولا تدعمهم اجهزة أمنية كأحزاب وتيارات سياسية بصورة مباشرة وان كانت تلك الأجهزة تدعم أفرادا منهم في النقابات والمؤسسات الصحفية وغير الصحفية ..
ومن الحقائق المرة ان السياسة في مصر لعبة الأقوياء فقط .. والأقوياء طرفان فقط الاول الحزب الوطني الذي يمثل شبكة المصالح والثاني الاخوان اصحاب الحشد الجماهيري.. ومصر كما قلت في مقال سابق نشرته في جريدة المصريون قبل عام تقريبا ، بها قطبان يتصارعان منذ ثورة يوليو 1952 وهما المؤسسة العسكرية والإخوان ... ومصر وقعت ضحية هذا الصراع فالقطبان بلا عقل سياسي .. وأخذ الصراع شكلا جديدا في عهد السادات ثم مبارك ليصبح بين الحزب الوطني ومن خلفه المؤسسة العسكرية وبين الاخوان .. والان منذ خلع مبارك وبعد الإطاحة بالدكتور محمد مرسي ، تقدمت المؤسسة العسكرية خطوة للإمام وخلفها الحزب الوطني ومؤسسات الدولة في الصراع السياسي في مواجهة الاخوان ... واعتقد ان الطرفين لن يتحملا فاتورة استمرار حالة الصدام وعدم حدوث خطوط تماس بينهما ..
فالمشير السيسي وخلفه المؤسسة العسكرية والحزب الوطني لن يتحملوا استمرار التظاهرات اكثر من ذلك لرغبة السيسي في تثبيت أركان حكمه وإيجاد حالة من الاستقرار الأمني والتقليل من تدهور الاقتصاد ... لذلك سيسعى الى احتواء غضب الاخوان باي صورة وبأي ثمن حتى لو كان تفكيك جزء من تحالف 30 يونيو و 3 يوليو 2013 .. اما الاخوان ووفقا لأدبيات الجماعة وهي أدبيات غير ثورية ووفقا لتجاربها السابقة مع المؤسسة العسكرية منذ 1952 فاعتقد انهم بعد فترة سيجدون صعوبة في تحمل حرب الدولة ضد الجماعة من قتل واعتقال ومحاكمات واستنزاف لقدرات الجماعة المالية والمعنوية والتنظيمية وسيسعى بعض قادتهم الى سرعة امتصاص صدمة خروجهم من السلطة بالقوة وهي الصدمة التي استغرقت وقتا طويلا نوعا ما بسبب الدماء و الاعتقالات والمحاكمات ...وسيرحبون بعقد اي اتفاق غير معلن يسمح لهم بالبقاء في المعادلة السياسية ...
وحتما ستصل جميع الأطراف خاصة الدولة والإخوان الى لحظة يتأكدون فيها انهم جميعا خاسرون من استمرار الصراع بينهم على الارض ، ووقتها سيتفقون اتفاقا غير معلن ، حتى لا يفقد السيسي ونظامه هيبته ويتمكن من تنفيذ مشاريعه التي أعلن عنها .. وحتى لا يخسر الاخوان المزيد من قوتهم الشعبية وكوادرهم ويحافظون على تواجدهم على الساحة السياسية في المستقبل ... هذه قراءة أولية لما بعد خطاب السيسي في افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة ...والقادم من الأيام وحده الذي سيحدد مصير العلاقة بين الدولة العميقة و الاخوان .. هل سيستمر الصدام الى مالا نهاية فيخسرون جميعا .. ام سيصلون الى نقطة التقاء يتحاورون عندها على اجراء هدنة التقاط الأنفاس ومراجعة النفس وإجراء مصالحة غير معلنة تحفظ ماء وجه كل طرف امام أنصاره و امام الرأي العام ..
* صحفي عضو نقابة الصحفيين عضو اتحاد الصحفيين العرب