دخلت أحد المتاجر، فوجدت مناقشة ساخنة بين ثلاثة أشخاص بينهم رجل مسن حول رفع الحد الأدني للأجور وجدلية ال 700 جنيه التي طرحها وزير المالية سمير رضوان عضو المجلس الأعلى للسياسات بأمانة السياسات بالحزب الوطني المنحل، وعضو مجلس الشعب المعين من قبل حسني مبارك، ورئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب المنحل قضائياً لعدم شرعيته. النقاش كان حادً بين أطراف النقاش، وأخذوا في التماس الأعذار لحكومة شرف متعللين بأن مصر بنظرهم تمر بأزمة فعلية في تدبير رواتب الموظفين متأثرين في طرحهم بتصريحات وزير المالية، الذي يظنون أن الثورة أتت به، والذي سود الدنيا اقتصادياً ومالياً فجأة، وأخذ يطير إلى أمريكا وأوروبا كي يستدين بالفوائد المركبة المصحوبة بشروط التبعية المهينة والمذلة ما يدفع به الرواتب للمصريين، رغم أنه بعد تعيين مبارك له في مجلس الشعب بأيام، وقبل الثورة بساعات ردد كلام بطرس الهارب وقال أن الدنيا المالية والاقتصادية بخير، وأننا سائرون على درب الرفاهية والنمو. دخلت في الحوار وقلت للرجل المسن الفاضل، لو عندك ولدان تعطي للكبير مصروفا مائة جنيه، وتعطي للصغير مصروفا خمسة جنيهات، وطلب منك الصغير رفع مصروفه إلى خمسة وعشرين جنيهاً، فأيهما أوقع أن تظل تستدين بالربا عشرين جنيهاً كي ترفع مصروف الإبن الصغير إلى خمسة وعشرين جنيهاً، وتظل أسير مذلة الديون الربوية ذات الفوائد المركبة المذلة، وشروط الدائن المهينة، أم تعدل بين الأبناء قدر الإمكان وتخفض مصروف الإبن الكبير إلى خمسين جنيهاً باعتبار التزاماته، وترفع مصروف الصغير عشرين جنيهاً فيصير خمسة وعشرين جنيهاً كما طلب وبما يلبي احتياجات المرحلة التي يمر بها، وفي ذات الوقت تنعش بيتك بالثلاثين جنيهاً الباقين. فقال طبعاً وبلا تردد أعدل بين الأبناء ولا استدين بالفائدة نهائياً، فقلت له هكذا الدولة، أنت تقبض ألف جنيه، وهناك أناس في الدولة يبلغ دخلهم من خزينة الدولة، مائة ألف ومائتين وثلاثمائة ألف، بل مليون وأثنين وثلاثة ملايين، في الشهر، فصعق الرجل، وصعق مشاركيه في الحوار. وقالوا في نفس واحد هكذا تحل القضية، لماذا إذن يورطنا شرف ورضوان في هذه الديون من الأمريكان والأمريكان هم من هم في صناعة الأزمات، ولماذا لا يقطع شرف ورضوان دابر أباطرة الرواتب الخيالية، ويتم التوازن داخلياً، والمتبقي يتم إنعاش المجتمع المصري به، وآخر كلمة سمعتها منهم ( كده فيه حاجة غلط). شرف ورضوان، يديرا الأمور بذات منهجية نظيف وبطرس الهارب، ورمانة الميزان بين الأربعة هي وزيرة ومسئولة ملف الديون والقروض والمنح الدولية فايزة أبو النجا. وما ألحظه كباحث أن بعض الفئات المصرية الطيبة والبعيدة تماماً عن المطبخ السياسي بدأت تلمس أن هناك "حاجة غلط". وأنا أعلم يا دكتور شرف خاصة وأن مبارك اختارك لتخدم في حكومة نظيف بجوار بطرس الهارب وفايزة أبو النجا، وكنت قريباً جداً من جمال مبارك بكونك عضواً بالمجلس الأعلى للسياسيات بأمانة السياسات بالحزب الوطني المنحل، أعلم أنك تدرك يا دكتور شرف معنى تولد انطباع " فيه حاجة غلط" لدى المصريين الطيبين، ودور هذه العبارة في انفجار بركان ميدان التحرير. "ترى" ما هي أسباب ال " الحاجة الغلط" يا دكتور شرف يا دولة رئيس الوزراء؟