محافظ أسيوط : المعلم هو أساس بناء الإنسان وصانع الأمل في مستقبل الوطن    بتكلفة 34 مليون جنيه.. محافظ الغربية يفتتح مدرسة الفرستق الإبتدائية    بدء أعمال لجنة الكشف الطبي للمتقدمين لعضوية مجلس النواب بسوهاج    رئيس اقتصادية قناة السويس يشهد توقيع عقد مشروع شركة للتكنولوجيا الطبية    توقيع بروتوكول تعاون بين "صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري" و"بنك نكست"    وزير العمل و "هواوي مصر" يبحثان التحول الرقمي و تنظيم ملتقى توظيفي    11 شهيدًا في قصف إسرائيلي على غزة.. وتصعيد عسكري رغم الدعوات الأمريكية    الحكومة السودانية: استهداف الدعم السريع «الأبيض» بالمسيرات انتهاك خطير    القاهرة تعوّل على اجتماع الإثنين لتنفيذ خطة ترامب وإنهاء الحرب في غزة    بعد تسليم نفسه.. رحلة فضل شاكر المتأرجحة بين العنف والغناء    بعد الفوز كهرباء الإسماعيلية.. الأهلي راحة «3 أيام»    موعد مباراة برشلونة أمام إشبيلية في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    تشواميني: ألعب في أفضل فريق بالعالم منذ 4 سنوات وأتمنى الاستمرار    محافظة الجيزة ترفع الاشغالات بطريق المريوطية واللبيني بحي الهرم    محافظ المنوفية يلتقى المتضررين جراء ارتفاع منسوب مياه النيل لحل مشاكلهم    ضياء الميرغني يتلقى التكريم متكئًا على زملائه.. ويكشف عن معاناته    بيومي فؤاد ينضم لأبطال مسلسل من أول وجديد بطولة عمرو سعد    أمين المجلس الأعلى للجامعات يشارك في احتفالية اليوم العالمي لسلامة المريض    انخفاض طفيف بأسعار الأسماك في أسواق المنيا وسط تذبذب في بعض الأصناف اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    الأهلي: الشحات لا ينتظر حديث أي شخص.. وهذه كواليس تألقه في القمة    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    "الجمهور زهق".. أحمد شوبير يشن هجوم ناري على الزمالك    وزيرة البيئة تبحث مع محافظ الفيوم الموقف التنفيذي للمشروعات التنموية والخدمية    جرّوها من شعرها وفعلوا بها كل ما يمكن تخيله.. كيف عذّبت إسرائيل الناشطة جريتا ثونبرج بعد احتجازها؟    وفد من الوزارة لمناقشة ما يخص مدارس التعليم الفني لتطوير البرامج الدراسية    طفل يقود سيارة برعونة في الجيزة.. والأمن يضبط الواقعة ووالده المقاول    اللجنة المصرية بغزة: المخيم التاسع لإيواء النازحين يعد الأكبر على مستوى القطاع    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    قصور الثقافة في الأقصر وأسوان وقنا والبحر الأحمر تحتفل بذكرى نصر أكتوبر المجيد    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    هل قصّ الأظافر ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي    واعظة بالأوقاف توضح كيفية التعامل مع «مشكلة الخيانة الزوجية»    سعر صرف العملة الخضراء.. أسعار الدولار مقابل الجنيه اليوم الأحد 5-10-2025    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام بيرنتفورد.. غياب مرموش    فاتن حمامة تهتم بالصورة وسعاد حسني بالتعبير.. سامح سليم يكشف سر النجمات أمام الكاميرا    بعد توليه رئاسة تحرير مجلة «الفكر المعاصر»: د. مصطفى النشار: أقتفى خطى زكى نجيب محمود    نجوم المشروع الوطني للقراءة يضيئون معرض دمنهور الثامن للكتاب    نائب وزير الصحة يشيد بخدمات «جراحات اليوم الواحد» وموقع مستشفى دمياط التخصصي    بالتعاون مع «الصحة».. مطار القاهرة الدولي يطلق خدمة لتعزيز الجاهزية الطبية    موعد مباراة يوفنتوس ضد ميلان والقناة الناقلة    أسعار مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    الخميس المقبل إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر    «تعليم القاهرة» تهنئ المعلمين في اليوم العالمى للمعلم    بدء أول انتخابات لاختيار أعضاء مجلس الشعب في سوريا منذ سقوط نظام الأسد    تركت رسالة وانتحرت.. التصريح بدفن عروس أنهت حياتها بالفيوم    إصابة 9 فتيات في حادث تصادم بطريق بني سويف – الفيوم    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    مسئول فلسطيني: إسرائيل تصادق على مخطط استيطاني جديد شرق قلقيلية    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    صحة الأقصر... بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    أيقونات نصر أكتوبر    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    "فيها إيه يعني" يكتسح السينمات.. وماجد الكدواني يتصدر الإيرادات ويحقق 14 مليون جنيه في 4 أيام فقط    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد الجدل حول مقاومة إسرائيل فى العالم العربى

تحولت المقاومة ضد إسرائيل من عمل مقدس لدى الشعوب العربية إلى دائرة الجدل والاستخفاف والشك فى فعاليتها. وقد بدأت المقاومة الفلسطينية المسلحة امتداداً للمقاومة النفسية للمشروع الصهيونى عام 1965 بمساعدة عبدالناصر الذى رأى أن المقاومة حق للشعب الفلسطينى فاضطر الآخرون فى العالم العربى إلى مجاراة عبدالناصر، وأدركت ذلك إسرائيل فقضت على عبد الناصر ومشروعه .ولذلك كانت هزيمة 1967 هى أكبر ضربة للمقاومة الفلسطينية لأن المقاومة تعمل عادة فى حماية الوسط العربى والجيوش العربية وبديلاً عن هذه الجيوش فى مهام معينة وعند عوائق معينة لإستخدام الدول لجيوشها. عندما قامت المقاومة اللبنانية عام 1982 ضد غزو إسرائيل لبيروت التف اللبنانيون والعرب حولها وتوج نصر المقاومة بطرد إسرائيل من جنوب لبنان دون مقابل سياسى، وهنا أدركت إسرائيل أن حزب الله وسوريا وإيران هم الخطر الأكبر ولابد من اقتلاعهم جميعاً فبدأت الخطط الفعلية بضرب حزب الله وتأليب الوسط اللبنانى ثم العربى عليه، والدليل على ذلك مقارنة صورة السيد حسن نصرالله عام 2006 عندما تصدى لإسرائيل رغم انحياز اركان النظام الاقليمى العربى ضد حزب الله، وصورة السيد حسن اليوم بعد مأساة سوريا وتوريط الحزب بهذه المأساة ،ثم تحويل الصراع فى هذه المنطقة من صراع عربى إسلامى ضد الغاصب الصهيونى إلى صراع عربى عربى وإسلامى إسلامى على أساس الطائفة وعلى أساس العرق والمواقف السياسية. عند هذه النقطة تحولت إسرائيل فى خطتها ومشروعها من توريط المقاومة وتقليم أظافرها وعزلها عن بيئتها العربية والإسلامية إلى تصفية المقاومة واثارة الجدل حولها فى اطار برنامج التصفية. وبينما يحمد لكل الأطراف اللبنانية أنها قفزت فوق خلافاتها واتحدت ضد ابادة إسرائيل لغزة، فإن المشهد فى مصر يدعو إلى الرثاء لدرجة أغرت البعض بأن يعتقد أن إسرائيل هى التى هيأت هذا المشهد الرسمي والشعبي حتى يصبح أحد أهم الفرضيات لابادة غزة وتصفية المقاومة الفلسطينية، ولكن المقاومة ليست فى حى منعزل حتى نحصر النزال بينها وبين إسرائيل فى هذا الحى.
وقد ارتبط هذا التحول فى وضع المقاومة بنجاح المخطط الإسرائيلى فى تحويل بيئتها الداخلية والاقليمية إلى بيئة معادية بحيث أصبحت المقاومة عبئاً على وطنها فى لبنان وفلسطين.
وإذا كانت المقاومة حقاً للأفراد والشعوب دفاعاً عن حق البقاء ضد ما يهدد هذا البقاء فإن كل مقاومة لها ظروفها وأوضاعها فى الممارسة وتحكمها عوامل معينة لا يمكن الفكاك منها. كما لايمكن المقارنة في الظروف بين المقاومات المختلفة. فالمقاومة الفرنسية ضد الالمان والأوروبية ضد الألمان والطليان فى الحرب العالمية والمقاومة الفيتنامية ضد الغزو الأمريكى لفيتنام تختلف فيما بينها كما تختلف جميعاً عن المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل وكذلك اللبنانية. فالعبرة فى هذه الحالة بوضع إسرائيل وتحالفاتها الدولية والإقليمية وكذلك بطبيعة المشروع الصهيونى الذى يختلف تماماً عن ظروف فرنسا وأوروبا وحتى العراق لأن المقاومة العراقية كانت ضد دولة لها وضع على الخريطة أحتلت العراق ولا تريد أن تحل محل الشعب العراقى فى أرضه مثلما هو الحال فى فلسطين، كما أن إسرائيل بالذات مشروع استعمارى استيطانى احلالى، كما أنها شركة مساهمة غربية رأسها ومحل اقامتها فى فلسطين ولكن شركاءها الاصليين والمحدثين هم فى أماكن متفرقة. وقد أشارت أحدى الصحف الإسرائيلية يوم 1/8/2014 إلى أن الإسرائيليين يفضلون قراءة الصحف المصرية لأنها تعطى إسرائيل عظمة لا يرونها فيها بخلاف الحقائق الصافعة التى تتحدث بها الصحف الإسرائيلية عن إسرائيل، ولكن الحقيقة تقع بين الإعلام المصرى والإعلام الصهيونى. فإسرائيل قوية بضعف العرب وأحياناً انجرارهم وسذاجتهم وليست قوية بذاتها. وقد أكد ذلك صراحة المستشار الإعلامى بالسفارة الإسرائيلية فى القاهرة سابقاً ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلى فى حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية يوم 1/8/2014 حيث أكد أنه بغير الولايات المتحدة لا تسطيع إسرائيل بكل تقدمها التكنولوجى وازدهارها الاقتصادى أن تصمد فى هذه المنطقة.
هكذا بدأ الجدل حول المقاومة ضد إسرائيل أولاً فى الوسط الفلسطينى كما فى الوسط اللبنانى. وحجة المعارضين للمقاومة أنها غير فعالة وتسبب اضراراً كبيرة للشعب وللدولة وانها غير منتجة فى مواجهة دولة قوية كإسرائيل، بل أن بعض القيادات السياسية العربية الكبيرة تساءلت عن حصيلة المقاومة فى ثلاثين عاماً ونسبوا إلى المقاومة أنها السبب فى تمزيق الصف الفلسطينى واللبنانى دون أن تحرر فلسطين أو تكسب لبنان شيئاً أو تعيد للبنان نضارته السياسية وازدهاره الحضارى والاقتصادى.
وهذه الزعامات العربية وبعضها وثيق الصلة بإسرائيل كررت هذه المواقف فى كل عدوان إسرائيلى على غزة ولبنان. ولكن هؤلاء الزعماء يتحالفون مع الولايات المتحدة وهى القاعدة الاساسية التى يتحرك عليها المشروع الصهيونى وبعضهم عقد معاهدات سلام مع إسرائيل لكى يصبح طرفاً محايداً بين المشروع الصهيونى وبين الأطراف العربية الأخرى.
وكل هذه الزعامات فى الواقع المتحالفة مع الولايات المتحدة تعادى إيران التى تساند المقاومة ضد إسرائيل، ولذلك أضيف عامل جديد من العومل المضادة للمقاومة وهى التحالف الإقليمى مع إسرائيل ضد المقاومة التى تمثل فى نظر هذا التحالف النفوذ الإيرانى، فضرب المقاومة يعنى اضعاف إيران واقتلاع المقاومة يعنى حرمان إيران من ذراعها فى هذه المنطقة ،ولعل الخلطة السورية كانت عملا عبقرياً من جانب هذا التحالف الموجه أساساً إلى إيران مما جعل التحالف يغفل عن الابادة للفلسطينيين مقابل اقتلاع إيران من المنطقة على أساس أن إيران عندهم أخطر من إسرائيل مادامت إسرائيل هى الطفل المدلل لواشنطن فى المنطقة.
هذه النظرة قد يكون لها وجاهتها من الناحية السياسية المتعلقة بأمن النظم الذى تهدده إيران عند بعض الدول، ولكن هذه النظرة تتناقض مع أمن الوطن من الناحية الاستراتيجية لأن إسرائيل هى الخطر الدائم على العرب جميعاً وعلى إيران أيضاً فى مرتبة تالية. ولذلك من مصلحة هذا التحالف أن يدخل إيران مكان إسرائيل وأن يعيد رسم خريطة المنطقة على اساس استبعاد الخطر الصهيونى الغريب عن جسد المنطقة.
يسوق المناهضون للمقاومة أيضاً حجة أخرى وهى أنه إذا كان الهدف فى فلسطين هو اقامة دولة فلسطينية فى الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشرقية وأن المقاومة تعيق تحقيق هذا الهدف، فإن المقاومة تعتبر عقبة فى سبيل تحقيق أهداف الشعب الفلسطينى، ومادامت المقاومة وسيلة وليست غاية وأن الغاية تتناقض مع الوسيلة التى يمكن تحقيقها بالمفاوضات وليس بالمقاومة، فإن ذلك يقتضى إزالة المقاومة. هذه النتيجة تتفق تماماً مع المنطق الإسرائيلى الذى أفصح عنه نتانياهو فى الأسبوع الأخير من أغسطس 2014، كما أن هذا الطرح فى جزء كبير منه أنعكس فى بعض الخطاب السياسى العربى الرسمى والإعلامى خاصة المصرى.
أما مؤيدو المقاومة فيرون العكس تماماً، فالمقاومة رد فعل بيلوجى للعدوان على جسد الوطن . والمقاومة لها صور متعددة تبدأ بالرفض النفسى والسلوكى وتصل إلى ما تيسر من المقاومة المسلحة، كما أن شرعية المقاومة فى فلسطين تستند إلى عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلى وجشع المشروع الصهيونى وعندوانه المستمر على الفلسطينيين فى ربوع فلسطين. أما فى لبنان ،فإن المقاومة ليست مهمتها استرجاع الحق وانما مهمتها الدفاع عن لبنان ضد تجاوزات إسرائيل. ولذلك فإن قوة الجيش اللبنانى واستقامة عقيدة الدولة المناهضة إسرائيل وعدوانها يسمح بدمج المقاومة قلباً وقالباً. كذلك يضيف هذا الفريق أنه أمام عدم وجود تصدى رسمى عربى لاسرائيل فى فلسطين فإن المقاومة مهمتها التعبير عن رفض الواقع الإسرائيلى، وتذكيراً للأجيال بأن الشعب الفلسطينى له الحق فى الحياة على أرضه وأن المقاومة يمكن أن تكون ورقة فى يد المفاوض الفلسطينى، إذا كانت المقاومة والمفاوض فى معسكر واحد وليس كما هو حادث الآن. يضيف هذا الفريق أيضاً أنه قبل نشأة حماس عام 1987 مع الانتفاضة الأولى كانت المقاومة قد توقفت لمدة خمس سنوات منذ بعثرتها فى أقطار الأرض عام 1982 وطردها من لبنان ومن المنطقة، فكانت الانتفاضة وفى القلب منها حماس هى الجيل الثانى الذى جدد عزم الشعب الفلسطينى على حقوقه. وليس مطلوباً من المقاومة وحدها أن تحرر فلسطين مادامت لها دلاله رمزية وقدرة عملية على عدم استقرار الاحتلال وتمدد المشروع بصرف النظر عن نجاحها أو فشالها فى ذلك. فلاشك أن مقاومة الاحتلال البريطانى فى منطقة القناة عام 1951 تعبيراً عن رفض المصريين لاستمرار الاحتلال ومن قبله أجيال الحركة الوطنية منذ احتلال مصر عام 1882، لم يحرر مصر ولكنه كان تعبيراً عن رفض الشعب المصرى لاحتلال يوازى تعامل الساسة المصريين بشكل مريح مع سلطات الاحتلال.
والخلاصة لا تنتهى المقاومة إلا بإنتهاء السبب الذى قامت من أجله، فإذا انتهت المقاومة فى فلسطين فسوف تنشأ مقاومات متعددة فى كل قطر عربى ضد المشروع الصهيونى والمساندين له من الخارج والداخل العربى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.