بعث أحمد جمال زيادة، صحفي معتقل في سجن أبو زعبل، برسالة من داخل محبسه يكشف فيها عن الطريقة التعسفية التي يتم التعامل بها معهم، وتعمد إهانتهم، وذلك من خلال موقف حدث بينه وبين أحد أمناء الشرطة عوقب على أثره في غرفة لا تكفي لشخص واحد ووضعوا معه فيها 4 مساجين، مما حرمه من ممارسة أي مظهر من مظاهر الحياة طيلة الثلاثة أيام، وإلى نص الرسالة التي حصلت "المصريون" على نسخة منها: "كنت ذاهبًا لشراء مياه من كافتيريا السجن. وكان يجلس بجوار الكافتيريا الأمين فتحي أمين شرطة، وبجواره زجاجات عصائر ومياه وأشياء كثير يجمعها من كل سجين يشتري من الكافتيريا! فتجاهلته بعدما انتهيت من الشراء فإذا به يناديني قائلاً: انت مش شايفني ياض يا ابن الو..... قلت له وأنا أحاول ألا أصفعه على وجهه: كلمني باحترام أنا صحفي، فإذا به ينادي المخبرين ويقول لهم عايزين نعامل سيادة الصحفي باحترام، فإذا بعصيهم وأيديهم تنهال عليّ ضربًا حتى وقعت على الأرض ووقعت المياه وتذاكر الشراء، فركلوني بأرجلهم وكأنهم مستوطنون ينتقمون من فلسطيني.. وبعد أن تعبوا من الضرب و توقفوا أخذ الأمين فتحي التذاكر وفتح زجاجات المياه وأفرغها على الأرض وهو يقول أنا كنت هاخد حاجات بسيطة يا عم الصحفي بس وحياة أمك هاخد التذاكر وأوزعها على المخبرين. فقلت له وأنا أتوجع من الضرب وحياة أمي لأرفع عليك قضية.. بعد أن رجعت إلى الزنزانة وغلقت علي الأبواب جاء شاويش الدور، وأخبرني أن ضابط المباحث شريف باشا طلبني للتحقيق فذهبت معه إلى المكتب وكان الأمين فتحي ينتظرني خارج المكتب وقال لي ساخرًا أهلاً بعم الصحفي فلم أرد.. سحبني إلى المكتب وفتح الباب وأمرني أن اخلع نعلي وكأني سأدخل إلى الوادي المقدس طوى، فرفضت أن أخلع الحذاء، فقال الضابط سيبه يا فتحي يدخل بالشبشب.. ثم قال الضابط احكي اللي حصل يا فتحي فحكى له كل شيء بصراحة وقحة وكأن البلطجة و الإتاوة والضرب قوانين حتمية يجب أن تطبق على السجناء. فقال الضابط انت غلطان يا فتحي وهو عنده حق.. ظننت أنه سيعاقبه مثلاً لأنه فعل كل هذا.. ولكن فوجئت بالضابط يكتب على تذكرتي الشخصية إني رفضت دخول الزنزانة بعد انتهاء التريض وإني أمتنع عن التمام.. ثم أمر الأمين فتحي بأن يدخلني التأديب 3 أيام.. فابتسم الأمين فتحي ابتسامة ممزوجة بالمرض النفسي الواضح على وجهه!! ثم عرضني على الطبيب فنظر لي الطبيب وقال كويس كويس، إشارة إلى دخولي التأديب دون خوف من موتي!! ثم سحبني الصهيوني فتحي إلى عنبر.أ، عنبر الجنائيين، حيث التأديب وأدخلني زنزانة انفرادي مفصلة على جسد الإنسان بالتفصيل عن حيث الطول والعرض!! لا يوجد بها أي مكان للتهوية سوى دائرة صغيرة جدًا في باب الزنزانة ولا يوجد بها إضاءة مستحيل أن ترى شيئًا إلا إذا فتح الباب. وبعد قليل فتح الشاويش الزنزانة، وأعطاني علبة فارغة لقضاء الحاجة، وزجاجة مياه ملوثة ونصف رغيف وقطعة جبنة.. ثم سمعت صوت الصهيوني فتحي وهو يقول: انت لسه شفت حاجة يا صحفي، فيه مفاجأة هتعجبك دلوقتي، وبعد قليل جاء الأمين ومعه ثلاثة سجناء، سجين سياسي واثنان جنائيان، وأدخلهم الزنزانة التي لا تكفي شخصًا، أدخلهم معي!! كنت لا أصدق ما يحدث، مستحيل أن يجلس اثنان في الزنزانة فكيف سيجلس أربع؟! جلسنا متلاصقين أرجلنا بأيدينا وندفع فيها رؤوسنا هذا هو الوضع الوحيد الذي يمكننا به الجلوس وإذا تعبنا نقف، الفئران صوتها مزعج والحشرات تزحف على أجسادنا، لا ماء ولا طعام ولا نوم ولا هواء ولا دورة مياه!! أقسم أني وعم ربيع الذي يبلغ من العمر 52 عامًا لم نشرب أو نأكل خلال 3 أيام سوى رشفة مياه ملوثة لنستطيع الاستمرار في الحياة، لم نقض حاجتنا ولم نأكل ولم نذق طعم النوم ولا كنا نعلم أن الوقت نهارًا أم ليلاً إلا عندما نسمع في أذان الفجر الصلاة خير من النوم. فلم نرى أي شيء سوى اللون الأسود، وعندما سمعنا أذان الفجر بكى عم ربيع، وأقسم أنه منذ أكثر من 20 عامًا لم يترك صلاة فجر واحدة تحت أي ظرف إلا الآن!! فالزنزانة بهذا العدد لا يمكن لأحد أن يصلي ولا موضع للسجود أو الحركة!! أخبرني أحد الجنائيين أنهم يطلقون على هذا المكان مقبرة الأحياء، كنت أسمع صراخًا وبكاء قادمًا من الزنازين المجاورة واستغاثات لم يسمعها أحد، بالإضافة إلى أصوات الفئران المزعجة! وتساءلت: يا ترى هل رأى المجلس القومي لحقوق الإنسان هذه الأماكن التي تمارس فيها صنوف التعذيب أم رأى ما سمح به الضابط فقط؟ شاهد الصور ...