زامير لنتنياهو: السيطرة على مدينة غزة تتطلب 6 أشهر    أمريكا وكوريا الجنوبية واليابان يطلقون تدريبا جويا وبحريا مشتركا    انتخابات ألمانيا: حزب ميرتس في طريقه للفوز و«البديل» يحقق مكاسب قوية    حمزة نمرة: تخلصت من هوس الكمال في «قرار شخصي».. وتصالحت مع أخطائي    بإطلالة من برادا.. سكارليت جوهانسون تخطف الأنظار في حفل إيمي ال 77    شهادات البنك الأهلي ذات العائد الشهري.. أعلى شهادة في البنوك حاليًا    أسعار الأسماك والخضروات واللحوم اليوم 15 سبتمبر    عمرو أديب: الأهلي في مرحلة صعبة ويحتاج تغييرات شاملة    «بيفكر في بيزيرا».. رضا عبدالعال يهاجم زيزو    الاستعلام عن الأسماء الجدد في تكافل وكرامة 2025    ارتفاع الدولار الأمريكي اليوم الاثنين 15-9-2035.. وتأرجح بقية العملات الأجنبية عالميًا    "هناك أمر غير مفهوم".. تعليق قوي من نجم الأهلي السابق على تعادل الفريق أمام إنبي    استشهاد شخص وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية على سيارة في جنوب لبنان    مقابل 120 مليون دولار.. المبعوث الأمريكي الخاص يبيع حصته في شركته العقارية    25 صورة للفائزين في حفل توزيع جوائز إيمي 2025    نتيجة تنسيق الدبلومات الفنية 2025 دبلوم تجارة نظام 3 سنوات،97.67% للتجارة و96.9% للسياحة والفنادق    قضي الأمر.. وزير العمل: لا يوجد فصل تعسفي بعد تطبيق القانون الجديد (فيديو)    خلال ساعات.. نتيجة تنسيق رياض الأطفال المرحلة الثانية في القاهرة 20262025 (رابط الاستعلام الرسمي)    بيان هام من جامعة الأزهر حول البرامج المميزة.. مؤشرات تنسيق 2025 علمي وأدبي بنين وبنات (رابط)    بسنت النبراوي: «تيك توك أفادني للغاية في حكاية الوكيل» (فيديو)    فلكيًا بعد 157 يومًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 في مصر    «زي النهارده».. توصل ألكسندر فلمنج لعقار البنسلين في 15 سبتمبر 1928    طريقة عصير الرمان.. الرحلة من اختيار الثمرة لمشروب منعش    العراق والسعودية يطيحان باثنين من كبار تجار المخدرات الدوليين    آمال ماهر: تشبيهي بأم كلثوم حمل ثقيل لكنه جميل    ساعر يهاجم رئيس الوزراء الإسباني بسبب دعمه للتظاهرات المؤيدة لفلسطين    قائد منتخب مصر لكرة القدم للساق الواحدة يكشف كيف حول الابتلاء إلى قصة نجاح    النيابة الإدارية تحيل مراقب وزارة المالية بأحد مستشفيات القليوبية وآخرين للتأديبية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15 سبتمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    توقعات الأبراج اليوم الاثنين 15-9-2025.. حظك اليوم برج السرطان: أمامك فرص لتحسين وضعك المالي    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 15 سبتمبر    أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 15 سبتمبر 2025    استئناف محاكمة عنصر إخواني بتهمة التجمهر في عين شمس| اليوم    ترامب: فنزويلا تُرسل لنا مخدرات وعصابات وهذا غير مقبول    "عم عموم الناس".. عصام الحضري يرد على إشادة محمد أبو تريكة به    ميج ستالتر تظهر ببنطال جينز على السجادة الحمراء لحفل إيمي (فيديو)    أشخاص يحق لهم إدخال المريض النفسي المصحة إلزاميًا.. تعرف عليهم    عاجل- أنصار الله تعلن تنفيذ هجوم نوعي ب4 مسيرات استهدفت مطار رامون    القانون يضع شروط لترقية الموظف في قانون التعليم.. تعرف عليها    الشاشة وقوة البطارية والإمكانات.. مقارنة بين «آيفون 17 برو ماكس» و«سامسونج جالاكسي S25 ألترا»    برشلونة يدهس فالنسيا بسداسية تاريخية في الدورى الإسباني    كأس الإنتركونتيننتال.. موعد مباراة بيراميدز وأهلي جدة السعودي    5 مصريين يتأهلون لربع نهائى بطولة مصر المفتوحة للاسكواش    عمرو أديب: حرام أن يعمل إنسان بأقل من الحد الأدنى للأجور.. عندنا في مصر كارثة حقيقية    الجيزة تُعلن إعادة تشغيل مدينة الطلبة بإمبابة لاستقبالهم للعام الجامعي المقبل    حصيلة متصاعدة.. 53 شهيدًا في غزة خلال يوم من القصف الإسرائيلي المكثف    عمرو أديب: الإصلاحات الاقتصادية تعبير دمه خفيف وظريف جدًا لزيادة الأسعار    قائد منتخب مصر لكرة القدم للساق الواحدة: حولت الابتلاء إلى قصة نجاح وأمل    بالأسماء.. إصابة 4 من أسرة واحدة في البحيرة بعد تناول وجبة مسمومة    فلكيًا.. موعد شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيامه وعيد الفطر المبارك    «شغلوا الكشافات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    السيطرة على حريق داخل دار رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة بأكتوبر دون إصابات    لا تقترب من السكر والكربوهيدرات المكررة.. 5 أطعمة تساعدك على التخلص من ترهل الذراعين    إليك هم النصائح لنوم منتظم يساعد الأطفال على الاستيقاظ بنشاط وحيوية    ما حكم عمل المقالب في الناس؟.. أمين الفتوى يجيب    تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 284 ألف مواطن ضمن "100 يوم صحة" بالمنيا    «الإفتاء» تواصل عقد مجالسها الإفتائية في المحافظات حول «صلاة الجماعة.. فضائل وأحكام»    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"يوميات معتقل" تكشف حجم المأساة فى سجون الانقلاب

ننشر يوميات معتقل فى أحد سجون الانقلاب فى مصر ، تكشف اليوميات حجم الانتهاكات والتعذيب الذى يتعرض له المعتقلون فى السجون ، والإهانات اللفظية والبدنية التى يتعمد الانقلابيون توجيهها إليهم ، وتأتى تلك الانتهاكات لتفضح أى حديث لقادة الانقلاب عن قانون يتم تطبيقه داخل السجون ، أو حقوق للسجناء فى مصر . وننشر حلقتين من يوميات المعتقل أحمد السيد عبد الحميد كما كتبها ، وهو أحد رافضى الانقلاب بالإسكندرية ، والذى يستعرض ما حدث معه ومع العشرات من زملائه يوم الجمعة 16 أغسطس 2013 ، عقب مجزرة فض رابعة والنهضة بيومين . وفيما يلى نص شهادة المعتقل والتى تعتبر إدانة لسلطات الانقلاب ، إضافة إلى كافة العاملين فى مجال القانون أو حقوق الإنسان الذى يبدو أنهم فى إجازة مفتوحة من يوم 3 يوليو 2013 وحتى إشعار آخر .
نتحدث عن جمعة الخير 16/8/2013 التى انتفض فيها الشعب المصري ضد ظلم الانقلابيين الذين انقلبوا على الشرعية وعلى الرئيس الشرعي المنتخب فخامة الرئيس الاستاذ الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية. لا زلنا في مقر قوات أمن كفرالشيخ وفى أحد الأيام همس أحد الأخوة في أذني وقال ما هى رؤيتك للأحداث ، وهل مجموعة 30 فرد هتخرج ولا إيه ؟ قلت له يا حبيبي كلنا مصيرنا واحد ، أرى أننا جميعا هنترحل ، اقصد المجموعتين معا ، مجموعة (102) ومجموعة ال (30) إن شاء الله. فقد رأيت رؤية توحي بذلك ، وابتسمت وقلت له الكلمة الدارجة (ينعيش عيشة فل ، ينموت احنا الكل) وفي صباح يوم الاربعاء 21/8/2013 صلينا الفجر واذا باب الزنزانة يطرق (هيا إلى الترحيل) أًخرجنا في ساحة قوات الأمن في صفوف (مثنى مثنى) ، وأحضرت الكلابشات وقال لنا علاء عجور (عميد) انتوا مترحلين الى (سجن طنطا) ، وكان من نصيبي أن يكون معي في الكلابش الأخ الحبيب (أ/ مصطفى برجل) من منشاة عباس وكان له من من اسمه نصيب فهو (برجل ) وكان (مرجل) ، وبمجرد خروجنا من البوابة السوداء لقوات أمن كفرالشيخ الى الساحة الكبيرة حيث توجد سيارات الترحيل ، وجدنا جنودا وضباطا لا حصر لهم مدججين بالسلاح وعلى أهبة الاستعداد وكانهم سيدخلون معركة مع اليهود بعد قليل . نعم تنميت لو كان كل هذا الاستعداد وهؤلاء الجنود يزحفون لتحرير المقدسات المغتصبة ولكن صدق القائل (أسد على وفى الحروب نعامة).
ركبنا سيارة الترحيل وكان عددنا 20 فرد في السيارة وكان في صحبتنا في السيارة الشيخ / سعيد مسعود والخ الحبيب صاحب الصوت الملائكي / عبد الحليم بلتاجي ، رددنا دعاء السفر وأذكار الصباح واستمعنا الى انشودة جميلة من الأخ عبد الحليم بلتاجي وهو يقول فيها:
أخي أنت حرو وراء السدود أخي أنت حر بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما فماذا يضيرك كيد العبيد
ذكرنا الشيخ / سعيد مسعود بخاطرة طيبة وقص بعض قصصه الطريفة التى اضحكت الجميع في سيارة الترحيلات ورسمت البسمة على وجوه الجميع ، نعم كانت رحلة جميلة ، فقد كانت هذه الرحلة بمثابة واحة خضراء وسط صحراء قاحلة . تحركت بنا السيارة الى طريق كفرالشيخ – طنطا وعندما وصلت الى مدخل سبرباي توقعنا بالطبع دخول السائق بنا إلى سجن طنطا ، ولكننا فوجئنا بدخول السيارة الى طريق القاهرةالاسكندرية الزراعي في اتجاه الاسكندرية ، وخرج من مدينة طنطا ، فقلت لأصحابي إننا على ما يبدو (مترحلين) إلى احد السجون الآتية (دمنهور – برج العرب – وادي النطرون) وأتمنى ألا تكون الأولى ، ولا أدرى لماذا قال لنا عميد الشرطة (علاء عجور) قائد الترحيلات أننا مترحلين الى سجن طنطا ، هل من باب التمويه ؟ أم هو الكذب والتضليل الذي اعتادوا عليه ، أم أن سجن طنطا رفض استقبالنا ...لست أدرى !
وعند مدخل مدينة دمنهور هدأت السيارة فأيقنت أننا ذاهبون الى سجن دمنهور ، وساعتها همست في أذن اخي عبد الحليم وقلت له : استعد يا باشا للاستقبال وهى كلمة لها ما بعدها..
دخلت السيارة سجن دمنهور العمومي وكانوا اربع سيارات ترحيلات يستقلهم 80 معتقل وما ان فتحت أبواب السيارات للنزول حتى قوبلنا بسيل من الشتائم والسباب والضرب المتواصل من الجانبين ، أما السباب والشتائم فأنا لا استطيع أن أحصى كل ما قيل ولو تذكرت بعضها فلا استطيع أن أعيده أو أتلفظ به ثانية ولكن اترك لخيال القارئ أى كلمة نابية سمعها يوما ما فقد سمعناها في تلك الدقائق التى مرت كالسنين نعم فقاموس أولاد الشوارع لديهم ملئ (يا ولاد الك...... ، يا خونة ، يا مع..... ، يا ولاد الم...، يا كفرة ، انتوا اللى قتلتوا اخواتنا ) نعم فقد كان هناك نغمة واحدة واسطوانة مشروخة حفظوها للبلطجية ولعساكر الشرطة يرددونها بالليل والنهار وكلما رأونا ، نحن اللذين قتلنا وجرحنا وأعتدي علينا ثم يتهموننا بالقتل والبلطجة ، قتلوا الآلاف في (رابعة) و (النهضة) ويوم 16/8/2013 ثم يتهموننا بالقتل والبلطجة ولا ندري ماذا نقول ؟ لسان حالنا (رمتني بدائها وانسلت) أو كما يقول المثل الشعبي (ضربني وبكى وسبقني واشتكى) أم عن الضرب في الاستقبال فحدث ولا حرج فبمجرد النزول من السيارة سمعنا صوت فظيع ، لا أحسب أنه صوت آدمي بل هو أشبه بنهيق الحمار يقول " وشك في الأرض ، اخلع هدومك كلها عدا الشورت، ايدك فوق رأسك " كل هذا مع سيل الشتائم والسباب والضرب من الجهتين بالمواسير والكابلات، أما المواسير فكانت مواسير خضراء اللون (مواسير مياه نصف بوصة تقريبا) يمسك بها مخبرين وعساكر ، أما الكابلات الكهربائية فكانت من النحاس مغطاة بالبلاستيك وهذه الكابل كان مجدولا على بعضه وليس طرفا واحدا ، وانهالت المواسير والكابلات من هنا وهناك على ظهورنا العارية وعلى أم رؤوسنا وكان هناك محطات يسميها الجبناء (محطات تفتيش – ومحطات الحلاقة – ومحطة خلع الملابس – ومحطة تسجيل الأسماء ) وكل هذه الكابلات بها قاسم مشترك ألا وهو (الضرب بالكابلات والمواسير والسباب والشتائم) إمعانا في الإذلال ، أما لو قلت له مثلاً أنك (مهندس) فيا ويلك ويا سواد ليلك ، وما أكثر المهندسين في مجموعتنا هذه ويسأل آخر عن مهنته فيقول (أنا محفظ للقرآن) فيرد عليه المخبر (بتحفظهم الكفر يا كافر) أحد الإخوة سقط منه مصحفه أثناء الضرب والتعذيب ، فنزل ليرفع مصحفه فيقول له المخبر (وكمان شايل مصحف يا كافر).
مررت على كل المحطات حتى وصلت الى محطة (الحلاقة) وهذا الحلاق هو مسجون جنائي محكوم عليه بالمؤبد ، وشغال حلاق بالسجن وجاء ليحلق شعري ولحيتي فالجميع قد حلق شعره (زيرو) ولحيته وسألنى الحلاق يا شيخ انت مربي دقنك ليه ؟ فقلت له لأنها سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال لى يا شيخ هو الرسول قال لكم تقتلوا الناس ؟ قلت له أنت فاهم خطأ ! (ألم أقل لكم أنهم حفظوا الجميع نفس الاسطوانة المشروخة)
أدخلت عنبر ، ووصلت حتى زنزانتى (5) عارى الجسم تماما ليس معي إلا طقم داخلي فقط ، وكلنا ذاك الرجل – فقد أخذوا منا كل شئ (اللهم إلا الايمان بالله الذي يسكن قلوبنا)
دخلت الزنزانة ومعى بعض إخوانى وبمجرد دخولى تفحصت في وجوه الموجودين بالزنزانة فإذا هم كلهم مثلنا إلا واحد – فلاحظت أنه مختلف عن الاخرين ، وحتى مكان جلسته مميز وفى مواجهة باب الزنزانة مباشرة – يا ترى من هذا الرجل الغريب – ذو النظرات المريبة بين الحين والحين !!
دخلنا زنزانة (5) ورحب الموجودون بها بنا وكانوا 4 من برج رشيد ، و7 من المنصورة وواحد من سيناء ، نعم رحبوا بنا – هى كلمات ترحيب بسيطة ولكنها وقعت على قلوبنا المكلومة كالبلسم الشافي ، نعم سرعان ما قام إخوة المنصورة بتشغيل المروحة لترطيب الهواء على الإخوة الجدد (والمروحة عبارة عن فوطة يحركون بها الهواء هنا وهناك) بمجرد دخولى للزنزانة تذكرت المقولة التى قالها شيخ الاسلام بن تيمية عندما ادخل سجن القلعة في مصر وتلى قول الله سبحانه وتعالى ( وضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب.....)
زنزانة (5) هي واحدة من بين 18 زنزانة في عنبر . وسجن دمنهور به 10 عنابر (للرجال) + 7 عنبر (للنساء) بكل عنبر 18 زنزانة .
زنزانة (5) عبارة عن حجرة خرسانية الحوائط كلها خرسانية بها بعض الفتحات الصغيرة وباب أسود اللون مساحة الزنزانة (3.5م × 5.5م) هذه هى أبعاد الزنزانة ، ويوجد بها حمام عرضه 50 سم × 1 م ، وهذا الحمام بدون باب وبدون حتى ستارة – الزنزانة يشاركنا فيها الآلاف من السكان الأصليين للزنزانة أقصد (الصراصير) نعم نعم وجدنا داخل الزنزانة آلاف الصراصير تسرح وتمرح هنا وهناك.
لكن من هذا الشخص الذي يسترق النظر إلينا بين الحين والحين دونما كلام ويجلس في مكان مميز في مقابل الباب وله (شلتة) كبيرة و(مخدة) و(راديو) ، وبعد التعرف عليه فهو ( سعيد رمضان عبد الحافظ) الشهير ب(سعيد أبو حمو) هو سجين جنائي جاء في قضية قتل حكم عليه بعشر سنوات ، وهو معنا لأن له دور ألا وهو (النبطشي) يعني (نبطشي زنزانة 5) يعني ايه نبطشي ؟!! يعني عين المباحث داخل الزنزانة ، ينقل لضباط المباحث وللمخبرين كل شاردة وواردة وكل حديث للمساجين داخل الزنزانة ، مهمته السيطرة الكاملة على الحركات والأنفاس داخل الزنزانة وهو رجل المباحث وعينهم على المساجين.
ولكن أشهد أن "سعيد أبو حمو" رجل طيب القلب.
الحلقة الثانية :
توقفت في الحلقة السابقة عند هذا (النبطشي ) طيب القلب الذي يسمى (سعيد أبو حمو) واسمه الحقيقي (سعيد رمضان عبد الحافظ) من العامرية محافظة الاسكندرية ودخل السجن في قضية قتل وحكم عليه بعشر سنوات سجن وتحدثنا عن هذا المكان المميز الذي ينام فيه هذا النبطشي ويسمى (المصلب) ، فالمصلب إذن هو (النمرة الكبيرة ) والمكان الواسع الذي يكون في مواجهة باب الزنزانة وينام فيه النبطشي المسئول عن الزنزانة وكلمة (نمرة) هى تلك المسافة التى ينام فيه السجين.
أما بالنسبة للجهة التى بجوار (نمرة ) النبطشي فتسمى (المراية) وينام في هذه المسافة (ثلث) عدد الزنزانة ، أما الجهة المقابلة (للمراية) فتسمى (الصف) ، وهى الجهة التى بجوار باب الزنزانة وينام فيها (ثلثين) من عدد الزنزانة مع أن المسافة واحدة تقريبا في كل من (المراية) و(الصف)
وبحسبة بسيطة لو أن عدد السجناء داخل الزنزانة (30 سجين) يصبح نصيب (المراية) التى في مواجهة الباب (10 سجناء)ويصبح نصيب (الصف) الجهة التى بجوار الباب (20 سجين) مع العلم أن المسافة واحدة ومتساوية ، واذا اعترضت على هذه القسمة الظالمة. رد عليك النبطشي وقال (هذه هي تعليمات المباحث ، وهذا هو الميري )
ولكنني وقفت متأملاً ومتسائلاً أيضا لماذا هذه القسمة الضيزى ؟؟!
ولعلنى توصلت للاجابة إن لم أكن مخطئاً.
وهو أنه إذا ما جاء زائر للسجن من جمعية حقوقية أو زائر من المجلس العلى لحقوق الانسان (لا قدر الله) أو جاء تفتيش على السجن ، فبمجرد فتح باب الزنزانة يرى الزائر من ؟
يرى مجموعة المراية (10) فقط وهم أصحاب (النمر) الواسعة وأصحاب النومة المرتاحة ولا يستطيع أن يرى المجموعة المقابلة لها وهى مجموعة (الصف) التى بها 20 سجين وإذا سألتني وقلت لي : طيب ما هو هالزائر سوف يدخل الزنزانة ويعرف كل حاجة على الحقيقة وأنا أقول لحضرتك معلومة ربما لم تصل الى ذهن حضرتك بعد. ألا وهى أنه لا يستطيع أن يدخل انسان أى إنسان كائن من كان بقدمه الزنزانة إلا السجين ، والسجين فقط، فبذلك الكذب والخداع تكون السجون تمام التمام.
لكننا من أول وهلة لاحظنا ذلك ولم نلتزم بهذه التعليمات الجائرة الظالمة ووزعنا أنفسنا في الزنزانة بالكيفية التى نراها مناسبة.
مضى يوم الاربعاء 21/8/2013 وانقضت تلك الليلة وجاء يوم الخميس 22/8/2013 ليتم فيه ترحيل البقية الباقية من اخواننا الأحرار الأطهار وكان عددهما (70) فرد تقريبا ، رفض سجن دمنهور العمومي 6 أفراد منهم وردوهم الى (قوات أمن كفرالشيخ) مرة أخرى لأنهم صغار السن دون (18) عام ، فهم طلاب في الثانوية العامة لم يرحموا صغر سنهم ، هذه النيابة المتآمرة لم ترحم طفولتهم ليصبح هؤلاء الأحداث الصغار وصمة عار على جبين الانقلابيين ومن عاونهم من النيابة واأخذوا استمرار 15 يوم مثل الجميع.
وبذلك يصبح عدد من تم ترحيلهم الى سجن دمنهور العمومي من قوات أمن كفرالشيخ (145) فرد وهم مقسمون الى مجموعتين :
المجموعة الأولى وهى الشهيرة بمجموعة ال (17) فرد وتم القبض عليهم يوم الاربعاء 14/8/2013 من بيوتهم ووظائفهم ، والمجموعة الثانية هى الكبيرة وعددها (132) بمن فيهم الأحداث المحبوسة في قوات أمن كفرالشيخ وهؤلاء تم القبض عليهم يوم الجمعة 16/8/2013 بالإضافة الى اثنين ليس لهم علاقة بأى من القضيتين السابقتين وهما : الحاج / محمود الصعيدي والحاج / هشام محرم
ومع فظاعة ما حدث للمجموعة (80) الذين تم ترحيلهم يوم الاربعاء 21/8/2013 وما حدث لهم من استقبال حافل داخل ساحات سجن دمنهور من ضرب بالمواسير والكابلات وركل بالأرجل وهذا السيل الهائل من الشتائم والسباب أقول لك أن هذه المجموعة كانت محظوظة نعم كانت محظوظة وذلك عندما تعلم ما حدث للمجموعة الثانية التى تم ترحيلهم يوم الخميس 22/8/2013
• قلت لكم من قبل أننا دخلنا الزنزانة بشورت وفانلة ، لكن المجموعة الثانية أدخلوهم بالشورت فقط ، فقد ضنوا عليهم بالفانلة.
• ضربت المجموعة الثانية في كل أنحاء أجسامهم حتى أنهم ضربوهم على أقدامهم ولك أن تتخيل أن يؤتى برجل حصل على أعلى الدرجات العلمية وهى (الدكتوراه) ، حيث يوضع قدمه عاليا ويضرب على رجليه كما كان يفعل بالتلاميذ زمان على يد شيخهم ، وهذا ماحدث مع الأطباء والمهندسين والمعلمين ومع الجميع على اختلاف أعمارهم ووظائفهم.
كانت ظهورهم (متشرحة) وكانت أشبه ما تكون بخارطة تظهر لك حجم الظلم والوحشية والهمجية التى حدثت مع هؤلاء الأحرار في زمن العسكر الخائن ورأيت بعيني موضع الضرب على الجسم كله من الرأس وحتى الأقدام ، حتى أنها أخذت ألوانا ثلاثة : فكان منها خطوطا حمراء تدل على أن هذا المكان من الجسم ضرب (بالكابلات) بشكل أقل من الخطوط الزرقاء التى ضربت بشكل أكبر ، والخطوط السوداء تظهر الحد الأقصى من التعذيب حيث يتحول مكان الضرب الى اللون الأسود إذا سقط عليه ثلاث (كابلات) متتالية في نفس المكان من الجسم فيتحول اللون الأبيض الى الاسود ويتفجر الدم من جوانبه.
• أخي القارئ : والله لست مبالغاً فيما أقول وإنما أروى ما شاهدته بعيناي تحديدا في شهر 8/2013 ، وأنا لا أتحدث عن بلد آخر ، ولا أتحدث عن زمان قديم غير زماننا. بل إنها مصر 2014 ومع من ، مع خير أبناءها براً بها.
• نعم فأنا لا استطيع انا أنسى صورة هذين الأخوين (سعد ومدحت) اللذان دخلا علينا الزنزانة 5 عنبر 6 يوم الخميس 22/8/2013 ، بعد حفلة الاستقبال التي حظيا بها وظهورهما تقطر دماً حول الجروح وعلى جانبيها ، وبينما نرى أجسامهما ألوانا سوداء وزرقاء وحمراء وفي وسط هذه المحنة وهذا المشهد الذي يشيب له الولدان. هالني صبرهما وثباتهما وهذه الرقة والاشفاق الذي كان يحنو كل منهما على الآخر.
• فكنت لا استطيع أن اميز بين من هو الأكبر فيهما ، فهذا (مدحت ) يمسح على ظهر أخيه (سعد) ، وهذا (سعد) يحرك الهواء ليرطب على ظهر (مدحت). نعم رغم ما هما فيه من ألم لا يتحمله البشر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.