كتب كريم فهمي أن مصر تبدو وكأنها ترفع يدها عن المهمة التي طالما قامت بها لعشرات السنين كوسيط خلال المعارك بين الفلسطينين والإسرائيليين، وكانت آخرها قبل سنتين عندما توسط الرئيس الأسبق محمد مرسي للاتفاق على وقف إطلاق النار بعد إراقة الدماء في غزة. وعلى موقع صحيفة النيويورك تايمز، قال الكاتب إن "مصر خلال المعركة الأخيرة تترك المتعاركين دون توسط في الوقت الذي يزداد فيه عدد القتلى من الفلسطينين". وينقل الكاتب عن مسؤولين في حركة حماس أنهم لم يروا "أي علامة لجهد مصري لحل الأزمة، بل على العكس تماما مما كان يحدث في عهدي مرسي ومبارك، فإنها تغلق الحدود من جانبها تماما وتمنع حتى مرور المساعدات الإنسانية". ويضيف أن "رغبة مصر الواضحة في عدم التدخل تعكس تحولا في سياستها الخارجية في عهد رئيسها الجديد عبد الفتاح السيسي، الذي قاد عملية عزل الجيش لمرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين الذي كان حليفا مقربا لحركة حماس المتهمة من قبل السلطات في مصر بالتورط في مؤامرات الجماعة". ويشير الكاتب إلى رفض مسؤولين مصريين للرأي الذي يقول بأن بلادهم تتجنب التدخل في النزاع، وإلى تصريح المتحدث باسم الرئاسة المصرية بأن بلاده "تجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف المعنية الفاعلة بهدف تجنيب الشعب الفلسطيني ويلات ومخاطر العمليات العسكرية الإسرائيلية ". وينقل عن إسندر الأرماني –من مجموعة الأزمات الدولية- قوله "كانت هناك محاولات مبدئية لتهدئة الأمور لكنها توقفت". ويقول الكاتب إن مصر خلال عهد مبارك اعتادت على إطفاء النيران دون أن يصل الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني إلى تسوية نهائية للنزاع، وينقل عن ميشيل حنا –من مؤسسة سينشري في نيويورك قوله- "مصر بشكل تقليدي ليست على وفاق مع حماس، لكنها مهتمة في الوقت ذاته بأثر تصاعد العنف على الوضع الداخلي". ويرى الكاتب أنه بعد إسقاط مبارك عام 2011، كانت هناك مطالبات واضحة بأن تعكس السياسة الخارجية لمصر بشكل أكثر دقة التعاطف الشعبي مع الفلسطينيين، مشيرا لوصف وزير للخارجية حينها لحصار إسرائيل لغزة بأنه "مشين". ويشير الكاتب إلى حديث مسؤولين بحماس –عقب وقف إطلاق النار في نوفمبر 2012 – عن أهمية تهدئة العلاقات مع إسرائيل لمنح جماعة الإخوان لترتيب أمورها داخل مصر (خلال فترة توليها السلطة). ويضيف أن مرسي تحدث حينها عن ضرورة استمرار فتح الحدود مع غزة، "لكن حكومته أغلقت أنفاق التهريب، وأغرقت بعضها بمياه الصرف الصحي، قائلة إن ذلك بهدف السيطرة على تهريب السلاح لكنه أثر ايضا على تدفق سلع حيوية". وينقل الكاتب مجددا عن ميشيل حنا قوله "منذ عزل مرسي، يعكس تعامل مصر مع غزة بشكل شبه كامل قلق المؤسسة الأمنية، التي تقاتل متشددين في سيناء وترى غزة عبئا تريد إسرائيل أن تزيحه إلى مصر".