قال رئيس القسم الاقتصادي بصحيفة "العربي الجديد" مصطفى عبد السلام إن عجز الموازنة أمر لا بد من علاجه، ولكن التوقيت الذي اتخذت فيه حكومة إبراهيم محلب القرارات الأخيرة حول رفع أسعار الوقود, كان "في منتهى الغباء"، فضلًا عن أن التطبيق كان على الفقراء, وليس الأغنياء. ولفت عبد السلام في تصريحات لقناة "الجزيرة" إلى استخدام الحكومة لأسلوب الصدمة، بعدة قرارات صعبة، كرفع الضرائب وزيادة أسعار الوقود ورفع الدعم عن السلع التموينية، مشيرا إلى أن الآليات, التي اتخذت كانت سيئة وصادمة. وفند ما تروج له بعض المصادر المؤيدة لقرارات الحكومة بأن رفع أسعار الطاقة على المصانع كثيفة الاستهلاك سيزيد من الأسعار، مؤكدا أن تكلفة الطاقة في هذه المصانع ليست بالضخامة التي يتصورها البعض. واستغرب عبد السلام هذه الخطوات التي تسعى لخفض العجز في الميزانية بنسبة 52 مليار جنيه، وهو أمر -حسب قوله- لم يحدث من قبل، وسيؤثر كثيرا على الفقراء خاصة وسيزيد من معاناتهم، وكان الأفضل إيجاد بدائل أخرى أقل تأثيرا على الفقراء. وعن التداعيات المحتملة على الفقراء, أكد أن الأسواق ستشهد ارتفاعات كبيرة في الأسعار لن تكون بسيطة، وهو ما بدأت بوادره بالفعل في شتى المجالات بما فيها الاتصالات، في سلسلة من الغلاء لن يستطيع المصريون تحملها في ظل دخل محدود لا زيادات فيه. وكانت حكومة إبراهيم محلب أعلنت رفع أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 78% اعتبارا من 5 يوليو، ما أثار غضبا واسعا في الشارع المصري. وقال مصدر في وزارة البترول المصرية إنه طبقا للأسعار الجديدة، ارتفع سعر البنزين 92 أوكتين إلى 2.60 جنيه للتر بزيادة 40% عن السعر الحالي البالغ 1.85 جنيه، وارتفع سعر البنزين 80 أوكتين إلى 1.60 جنيه للتر بزيادة 78% عن السعر الحالي 0.90 جنيه، (الدولار يساوي سبعة جنيهات مصرية). كما أصبح سعر البنزين 95 أوكتين للسيارات الفاخرة التي تمثل نسبة محدودة من العربات في مصر إلى 6.25 جنيهات للتر بارتفاع 7% عن مستواه الحالي البالغ 5.85 جنيهات، أما السولار فسيصبح 1.80 جنيه للتر من 1.10 جنيه بزيادة 63%، وفقا للمصدر. أما سعر الغاز الطبيعي للسيارات فسيقفز إلى 1.10 للمتر المكعب من 0.40 جنيه حاليا، أي بزيادة 175%. ويمثل رفع سعر الوقود الخطوة الثانية بعد زيادة أسعار الكهرباء ضمن مساع تقول حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي إنها تهدف لإصلاح نظام الدعم الذي يرهق الموازنة العامة للبلاد. وتوقع وزير التخطيط المصري أشرف العربي أن تؤدي زيادة أسعار الوقود إلى ارتفاع كبير في التضخم إلى "خانة العشرات" الذي تبلغ معدلاته الحالية 8.2%. وتأتي الزيادات الجديدة في أسعار الوقود في ظل أزمة في إمداداته تتسبب في انقطاع الكهرباء يوميا. يشار إلى أن الحكومة المصرية التي تعاني من ضائقة مالية أنفقت 144 مليار جنيه (20 مليار دولار)، أي حوالي خمس ميزانيتها على دعم الطاقة في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو الماضي, كما أعلنت هذا الأسبوع عن تخفيضات بقيمة 40 مليار جنيه في دعم الطاقة في ميزانيتها للسنة المالية 2014/2015 التي بدأت في مطلع يوليو . ويعد خفض الدعم للسلع الأساسية مسألة شائكة سياسيا في مصر. وقد أدى خفض دعم الخبز في 1977 إلى إثارة أحداث شغب ضد حكومة الرئيس الراحل أنور السادات. وطالبت حكومات متعاقبة بإصلاح الدعم، لكن أيا منها لم تجرؤ على فرض زيادات كبيرة في الأسعار, خوفا من أن تثير اضطرابات.