لم يتقبل الدكتور أيمن فريد أبو حديد، استبعاده من وزارة الزراعة، وعلى ما يبدو أنه لم يكن يتوقع هذا القرار بخلاف وزراء حكومة محلب، فكانت الجولات الميدانية الأخيرة التى قام بها وذلك قبل استبعاده، أبرز المؤشرات على رغبة الوزير فى استكمال التجربة التى وصفها من قبل، بأنها مسيرة نجاح بدأت منذ توليه مسئولية الوزارة فى ظل حكومة الدكتور عصام شرف، بعد ثورة يناير وحتى الآن. حاول الوزير المستبعد استغلال علاقته الحزبية بفلول الوطنى لمحاولة إقناعهم، بأن التغييرات الأخيرة التى قام بها بالوزارة والتى شملت الإطاحة بعدد كبير من الفلول، كان لا بد منها لتحسين صورة الحكومة أمام الرأي العام، وكذلك قام باتصالات مكثفة مع الدكتور سيد البدوى، رئيس حزب الوفد، فى محاولة منه للضغط على من بيده القرار للاستمرار فى منصبه إلا أنه على ما يبدو لم تفلح مجهودات الوزير ومستشاريه. ورصدت "المصريون" 7 ملفات كانت سببًا في استبعاد الوزير من الحكومة الجديدة تقترب من الصفر، وذلك بعد أن فشل أبو حديد فى إيجاد حلول لها، ومن تلك القضايا التى أحدثت دويًا إعلاميًا وسياسيًا هى قراره بمنع ذبح عجول البتلو الأقل من 250 كجم، الأمر الذى أدى إلى ثورة الجزارين ضده أكثر من مرة ومطالبته بالتراجع عن القرار، إلا أن الوزير رفض الاستماع إليهم، فكان أن قال له أحد الجزارين: "يا دكتور أيمن إذا منعت ذبح البتلو.. فهل ستأكل لحماً بعد ذلك؟.. فمن المعروف أن لحم البتلو هو الأكل المفضل للوزراء والأغنياء. أما الثانية، فهو اعترافه الصريح، بأنه لا يستطيع وقف نزيف التعدي على الأراضي الزراعية، وإلقائه الكرة دائماً فى ملعب وزارتي "الداخلية والدفاع" ، متعللاً بأن الحالة الأمنية فى مصر لا تسمح باتخاذ قرار قوى بمنع التعدي على الأراضي الزراعية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مساحات التعدي على الأراضي الزراعية. في حين تتعلق الثالثة بعدم اتخاذه لقرار قوى ضد أكثر من 30 شركة استثمارية ضخمة، قامت بالاعتداء على أراضى الدولة على طريق مصر الإسكندرية - الصحراوى، ومصر الإسماعيلية- الصحراوى، خوفاً من نفوذ أصحاب تلك الشركات المحسوب أكثرهم على فلول الوطني، واختلاطهم بصناع القرار السياسي، فكانت القضية الثالثة التى تجعل من رحيله حتميًا. أما القضية الرابعة، فهو عجزه عن ترويج بعض السلع الأساسية مثل القطن وبنجر السكر، فالأول تمتلئ به منازل المزارعين فى المنوفية والشرقية ولا يستطيع أصحابه بيعه بعد أن عجزت وزارة الزراعة عن استلام المحصول من المزارعين بالأسعار المتفق عليها، والثاني رفضت شركات صناعة السكر استلامه من المزارعين بقرى سيناء بعد أن طلب المسئولون بوزارة الزراعة حصاده من الأرض، ثم تركوه ليوم واحد ففسدت كميات كبيرة منه، فرفضت شركات صناعة السكر استلامه. في حين كانت خامس القضايا التي فشلت فيها وزارة الزراعة، فتتمثل في عدم إنتاج الهيئة العامة للخدمات البيطرية عن إنتاج كميات كافية من الأمصال لمواجهة أمراض الثروة الحيوانية "الحمى القلاعية والوادى المتصدع وطاعون المجترات الصغيرة" بالإضافة إلى الأمراض التى تصيب الثروة الداجنة مثل أنفلونزا الطيور، فكان أن انتشرت تلك الأمراض بشكل لافت للنظر خلال الأعوام الثلاث الماضية، طبقاً لتقرير منظمة الأغذية العالمية "فاو". أما الملف السادس، فهو ارتفاع معدل تلوث إنتاج مصر من الأسماك، واعتراف رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية، بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بأن مصر لا يوجد بها سمك صحي، حيث قل الاعتماد على المنتج المحلى من الأسماك، الأمر الذى تسبب فى فشل مصر فى تصدير كميات الأسماك إلى الخارج، وذلك بعد نفوق الأطنان من الأسماك بكفر الشيخ والمحافظات. وأخيراً، تبقى المبيدات وعدم الرقابة عليها وعدم وجود قانون منظم لتداولها واستخدامها، إحدى أكثر القضايا التى تهدد وجود الوزير المستبعد، كما أنها تظل عائقاً أمام الوزير الجديد، فالأسواق المصرية أصبحت أكثر الأسواق الآمنة لتجارة المبيدات المغشوشة والمهربة. ورغم تلك القضايا الشائكة إلا أن الوزير المستبعد مازال لديه الأمل فى العودة في التشكيل الوزاري القادم بعد الانتخابات البرلمانية، بعدما استطاع تحقيق الاكتفاء الذاتى من الدواجن، وهى التصريحات المنسوبة إليه والمعروفة إعلاميًا بتحقيق الاكتفاء الذاتى من "البيض"، ويسعى الوزير جاهداً لحشد الفلاحين للتظاهر للمطالبة بإعادته مثلماً فعل فى أثناء التصويت على الدستور والحشد له، وذلك بمساعدة مستشاريه، الذين يتفننون فى التعامل مع الوسائل الإعلامية حسب "المزاج" العام لهم إما راضية أو ساخطة.
النقابة العامة للفلاحين توعدت محلب بالتظاهر للإبقاء على الوزير المستبعد، وذلك قبل استبعاده، وقالت في بيان سابق لها، إنها لن تتعامل مع وزير جديد غير أبوحديد، غير أن رئيس الوزراء لم يكترث بتلك التهديدات وقام باختيار الصالح العام، على حسب وصف جبهة إنقاذ الزراعة. علامات الغضب أصبحت تسيطر على مكتب مساعد وزير الزراعة الدكتور محيى قدح، والذي على ما يبدو أنه لم يستطع تحمل الصدمة حتى الآن، وأصبح مجبرًا على التعامل مع الدكتور عادل البلتاجي، وزير الزراعة الجديد، نظراً لوجود قرار من مجلس الوزراء بتعيينه مساعداً لوزير الزراعة لمدة عام. "قدح" سيحاول خلال الفترة القادمة استرضاء الوزير الجديد، لتحقيق مكاسب له، وكسب ثقة الوزير الجديد، هكذا تحدث الدكتور غريب البنا، أستاذ المحاصيل البستانية، واصفاً مساعد الوزير بفتى أبو حديد المدلل، إلا أن أكثر الخبراء توقعوا أن يترك منصبه كمساعد للوزير بعد أن فقد والده الروحي بالزراعة، حيث عمل "قدح" مساعداً لأبو حديد خلال فترة رئاسة الوزير السابق لمركز البحوث الزراعية.