قالت هيومن رايتس ووتش اليوم، إنه على السلطات المصرية التوقف عن ملاحقة الكُتاب وإلغاء القوانين التى تنتهك حرية التعبير، بما فيها تلك التى تحظر "ازدراء الأديان" حيث ينص الدستور المصرى الصادر فى 2014 على ضمان حرية العقيدة. وأضافت رايتس أنه فى 7 مايو 2013 أصدرت إحدى محاكم مركز ببا فى وسط مصر حكماً غيابياً على كرم صابر، الكاتب والناشط المعنى بالحق فى الأرض، بالسجن لمدة 5 سنوات وغرامة قدرها ألف جنيه مصرى (140 دولاراً أمريكياً) وهى العقوبة القصوى بتهمة ازدراء الأديان، استناداً إلى مجموعته القصصية الصادرة فى 2010 "أين الله؟"، التى تسرد قصص مزارعين مصريين فقراء. فى أبريل/نيسان 2011 قام مواطنون من بنى سويف برفع دعوى تزعم أن كتاب صابر يروج للإلحاد ويناقض تعاليم الدين. ومن المنتظر أن تتولى إحدى محاكم الاستئناف بببا، فى محافظة بنى سويف، النظر فى استئناف صابر يوم 5 يونيو 2014 فى ما يعد الفرصة الأخيرة للكاتب لتجنب السجن. قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذى لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى هيومن رايتس ووتش: "بدلاً من ملاحقة صابر على تجسيده أصوات المزارعين الفقراء، يتعين على السلطات التوفيق بين قوانين مصر ودستورها الجديد والتزاماتها الدولية. إن حرية التعبير بمثابة القلب من أى مجتمع متسامح وديمقراطي". وفى 3 يونيو ترافع محامو صابر أمام محكمة القاهرة الإدارية، طالبين منها حمل الرئيس المصرى ورئيس الوزراء على إصدار تعليمات بتعليق الملاحقات المستندة إلى تلك القوانين، على أساس عدم اتفاقها مع الدستور الجديد الذى تمت الموافقة عليه فى استفتاء شعبى فى يناير 2014. وتؤكد المادة 64 من الدستور الجديد أن "حرية الاعتقاد مطلقة"، كما تكفل المادة 65 لكل شخص "حق التعبير عن رأيه بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر". وترى المادة 67 أن "حرية الإبداع الأدبى والفنى مكفولة" وأنه "لا توقع عقوبة سالبة للحرية بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكري". إلا أن المادة 98 من قانون العقوبات المصرى تحدد عقوبة السجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر و5 أعوام، وغرامة تتراوح بين 500 و1000 جنيه مصرى (70-140 دولاراً)، لكل من "استغل الدين فى الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة أو إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية". وتعمل المادة 19 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر دولة طرف فيه، على تعزيز الحق فى حرية التعبير، كما أن لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، وهى هيئة الخبراء المكلفة بتفسير العهد الدولي، قد لاحظت فى 2011 أن "فرض الحظر على إظهار عدم الاحترام لديانة من الأديان أو غيرها من الأنظمة العقائدية، بما فى ذلك قوانين ازداء الأديان، لا يتفق مع العهد". وقد شاعت الملاحقات بموجب قوانين ازدراء الأديان المصرية فى عهد الرئيسين حسنى مبارك ومحمد مرسي، وكذلك الرئيس المؤقت عدلى منصور. وقام باحثو المنظمة غير الحكومية، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بتوثيق العشرات من الملاحقات القضائية بتهمة ازدراء الأديان منذ 2011. كما أدنت المحاكم 27 متهماً بتهمة ازدراء الأديان منذ أوائل 2011 وحتى أواخر فبراير 2014. وقام القضاة بتبرئة 4 متهمين وأسقطوا التهم عن 11 آخرين لعدم الاختصاص. فى 26 فبراير حكمت محكمة جنح الجمالية على عمرو عبد الله، الشيعى المصري، بالسجن لمدة 5 سنوات بتهمة ازدراء الأديان والإساءة إلى صحابة النبى محمد، بعد دخوله إلى مسجد الحسين بالقاهرة فى 14 نوفمبر 2013، الذى وافق يوم عاشوراء ذى المكانة الخاصة لدى الشيعة. وقد جاء الاعتقال فى أعقاب جدل إعلامى حول إعلان شيعة مصريين عن نية الصلاة العلنية فى ذلك اليوم. وقامت الشرطة فى 26 أكتوبر 2013 باعتقال طالب عمره 20 عاماً هو شريف جابر، بعد أن أعلن عن إلحاده على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، فى أعقاب دعوى مرفوعة من رئيس جامعة قناة السويس بمدينة الإسماعيلية. احتجزت السلطات جابر لمدة 15 يوماً تم تجديدها عدة مرات حتى 2 ديسمبر ، حين أمر قاض بالإفراج عنه بكفالة، وما زالت قضيته منظورة. قال جو ستورك: "رغم زعم السلطات المصرية بأن قوانين ازدراء الأديان تحفظ السلم الاجتماعي، إلا أنها كثيراً ما تأتى بأثر معاكس، إذ أن ملاحقة أشخاص لمعتقدات تم التعبير عنها سلميا تعزز التعصب بدلاً من مكافحته".