علمت "المصريون" أن مصر عبرت لإسرائيل عن قلقها البالغ من اقتراب السلطة الوطنية الفلسطينية من حالة الانهيار التام في ظل الحصار الشديد الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية على الأراضي المحتلة ، ومنع نقل إمدادات الخبز والمواد الغذائية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة بصورة لم تحدث منذ إعلان قيام السلطة عام 93. وأوضحت مصادر دبلوماسية أن مصر حملت إسرائيل مسئولية اقتراب السلطة من الانهيار ، محذرة من العواقب الوخيمة لهذا الأمر على الأوضاع الأمنية ، وطالبتها بالتراجع عن إغلاق معبر المنطار في ظل اكتظاظ المعبر بعشرات من الشاحنات التي تنقل سلع تموينية ومواد إغاثة للشعب الفلسطيني. وحذرت القاهرة تل أبيب من أن رغبتها في تجويع الشعب الفلسطيني وإفشال مهمة حماس قبل أن تبدأ سيحقق نتائج عكسية وسيزيد من التفاف الشعب الفلسطيني حول الحركة ، كما أنه سيؤدي إلى تصعيد وتيرة التوتر والعنف ضد إسرائيل. في سياق متصل ، ناشدت مصر العديد من الدول العربية تقديم دعم عاجل للسلطة الفلسطينية كي تتمكن من صرف رواتب العاملين بها ومواجهة الأزمة الغذائية الطاحنة التي يعاني منها قطاع غزة في ظل تراجع الدعم الدولي وتوقف عدد كبير من الدول المانحة عن تقديم الدعم للضغط على حركة حماس للاعتراف بإسرائيل والدخول في مفاوضات مباشرة معها. واعتبر السفير الدكتور طه الفرنواني الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي حالة التجويع التي تفرضها إسرائيل على الأراضي بمثابة عقاب جماعي للشعب الفلسطيني الذي أختار حركة حماس في اقتراع حر وديمقراطي مشيرا إلى أن هدف إسرائيل من وراء هذا الحصار هو إظهار عجز حماس وإفشال مهمتها حتى قبل أن تبدأ. وحمل الفرنواني السلطة الفلسطينية مسئولية ما يحدث في قطاع غزة من أزمة طاحنة بسبب الفساد والبيروقراطية اللذان يحكمان عملها واللذان ساعدا في تزايد حدة الأزمة ، مطالبا الدول العربية والإسلامية بتقديم دعم عاجل للسلطة الفلسطينية لتتمكن من مواصلة مهامها وممارسة أقصى ضغط على واشنطن للتدخل لرفع الحصار على الفلسطينيين. وشدد الفرنواني على أن الضغوط ستتزايد على حماس في المرحلة القادمة لفرض الأجندة الصهيونية الأمريكية عليها ، وإجبارها على تخفيض سقف طموحاتها والقبول بالفتات الذي ستلقيه لها إسرائيل. وكان الرئيس مبارك قد أكد في تصريحات صحفية أمس أن ما قامت به إسرائيل من اجتياح لسجن أريحا واعتقال مجموعة من السجناء الفلسطينيين من بينهم احمد سعدات زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يمثل انتهاكا واضحا لكل التعهدات التي التزم بها الطرفان من اجل وقف أعمال العنف وإعطاء دفعة لعملية السلام ويشكل تهديدا مباشرا لكل جهود السلام ومحاولات دعم الاستقرار في المنطقة. وأشار مبارك إلى انه بعث برسالة إلي أيهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل المؤقت حذر فيها من المساس بحياة وسلامة السجناء الذين تم اعتقالهم في الاجتياح الإسرائيلي في سجن أريحا ويطالب بالإفراج الفوري عنهم وإعادتهم للسلطة الوطنية الفلسطينية. وأوضح أن القاهرة تجري اتصالات مكثفة مع المجموعة العربية بالأمم المتحدة ومع الادارة الأمريكية بخصوص قرار إدانة إسرائيل أو صدور قرار رئاسي يلبي مطالب المجموعة العربية التي تري في عملية الاجتياح الإسرائيلي عملا عدوانيا لا مبرر له وتطالب بإعادة المعتقلين للسلطة الوطنية الفلسطينية.