أصبح موضوع رفع الحصار عن قطاع غزة هو الشغل الشاغل هذه الأيام لقطاع كبير من السياسيين سواء علي المستوي الفلسطيني الداخلي، أو الدولي وإن اختلفت الأهداف والطرق لتحقيق ذلك. ففي الوقت الذي تسعي فيه السلطة الفلسطينية إلي تطبيق اتفاق المعابر والحركة الخاصة بقطاع غزة الموقع بينها وبين اسرائيل عام 2005 برعاية أمريكية أوروبية بهدف رفع الحصار عن غزة، فإن حركة حماس ترفض العودة إلي اتفاق 2005 للمعابر معتبرة اياه يعيد سلطة فتح والاحتلال إلي غزة ولا يرفع الحصار، بل تزيد بأن اتفاق المعابر هذا جزء من محاولة تقودها فتح والاطراف العربية الداعمة لها لتوظيف الجهود الدولية الحالية لتكريس الحصار وإعادة سلطة عباس إلي غزة وليس رفع الحصار عنها. غير أن السلطة تري في اتفاق المعابر والحركة عام 2005 هو أكثر من معبر رفح وأنه يتحدث عن تشغيل المطار، والميناء والممر الامن للضفة ويكمن الحل في إعادة تنشيط هذا الاتفاق الذي أوقفته اسرائيل بعد فرص الحصار علي القطاع، فإذا ما اقتصر رفع الحصار علي فتح ممر بحري وفتح معبر رفح مع مصر، فإن ذلك يؤدي بالقطع إلي تكريس انفصال الضفة عن القطاع، ويحول دون تحقيق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة علي كامل الاراض الفلسطينية المحتلة عام ،1967 عاصمتها القدس خاصة أن ما يشاع عن دراسة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لفكرة فتح الملاحة البحرية مع قطاع غزة، يهدد إمكانية تحقيق حلم الدولة الفلسطينية للابدا، اتفاق المعابر بين السلطة وإسرائيل عام 2005 ينص علي فتح جميع معابر قطاع غزة مع العالم الخارجي، بما فيها المعابر مع اسرائيل التي توصل القطاع بالضفة، كما ينص علي تشغيل معبر رفح بين غزة ومصر تحت اشراف مراقبين أوروبيين، ويضمن الاتفاق لاسرائيل حق المراقبة لما يجري في معبر رفح من خلال غرفة عمليات مشتركة اسرائيلية فلسطينية أوروبية تراقب من بعد ما يجري علي المعبر من خلال كاميرات هذا الحراك الفلسطيني والدولي لرفع الحصار يرافقه حراك من ناشطين فلسطينيين لإطلاق حراك شعبي للعمل علي تحقيق حل الدولة الواحدة الثنائية القومية اسرائيلية فلسطينية، ذلك بعد فشل حل الدولتين الذي لم يعد قائما، اذ تري هذه المجموعة أن حل الدولة الثنائية القومية قادر علي احتواء كل الأزمات والملفات المتفجرة بين الفلسطينين والإسرائيليين، كما تعتبر أن الصراع سيتحول إلي نزاع علي الحكم، مما يستوجب تبني خيار العمل السلمي، ويعكف الناشطون علي مخاطبة مختلف الفئات والقوي خاصة الشباب لاستقطابهم لكنها تنأي بنفسها عن القادة السياسيين المعروفين الذين تري أن انضمام أي منهم إليها سيؤدي إلي تحويل الفكرة إلي جسر للمصالح السياسية. الحراك السياسي الدائر هذه الأيام في كل الاتجاهات لم يحقق شيئا، وتبقي الحقيقة الثابتة والواضحة هي تفتيت الاهتمام الفلسطيني من خلال حالة الانقسام التي مزقت شقي الوطن، وحالة الحصار المضروب علي القطاع منذ أكثر من ثلاثة أعوام لم تترك للمواطن شيئا، وحالة الشتات السياسي والتفاوض الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني بشكل عام، ويبقي السؤال الأهم: أي من هذه التوجهات قد تجدي نفعا مع حالة الحراك الدائر بلا طائل ماداما أصحاب القضية في حالة انقسام وخلاف وتحفز ورفض كل للآخر، فماذا تحمست السلطة لقرار مثل قرار إعادة اتفاق 2005 مثلا رفضته حماس واعتبرته تكريسا للاحتلال، واذا تم التوصل إلي صيغة لادخال المواد الغذائية والامدادات الطبية والحياتية لسكان القطاع، تعتبره حماس خطة للأمن مقابل الغذاء والمستفيد الأول والأخير من هذه الصراعات هو الطرف الإسرائيلي، فكل ما يدور من جهد حول رفع الحصار أو لم الشمل الفلسطيني، في حقيقة الأمر يوفر فرصة لاسرائيل للتخلص من الضغوط الفلسطينية، وربما العربية والدولية الداعية لرفع الحصار عن قطاع غزة، تل والتخلص نهائيا من قطاع غزة، وتكريس التعامل معه باعتباره كيانا معاديا، والقضاء علي الربط الجغرافي بين الضفة والقطاع. خاصة أن جهات عدة كانت قد اقترحت عقب الهجوم الاسرائيلي الدموي علي اسطول الحرية الموجه إلي قطاع غزة فتح ممر بحري بين غزة والعالم الخارجي وتشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، ورغم ترحيب حماس بهذه الاقتراحات غير أن السلطة رأت فيها فصلا نهائيا لقطاع غزة عن الضفة، وتطالب بضمان تشغيل معابر القطاع مع اسرائيل في أي حل مقبل للحصار مثل إعادة احياء اتفاق 2005 لفتح المعابر الذي ترفضه حماس بدورها وتعتبره كريسا للاحتلال..!