حذر تقرير لمنظمة الصليب الاحمر صدر نهاية عام 2007 من الاوضاع المتردية التي وصل اليها حال الفلسطينيين في قطاع غزة موجها رسالة الي كل القادة والشعوب والمجتمع الدولي بمحاولة وضع حد للنزاع والاقتتال بين المقاومين واسرائيل والذي وصل الي مرحلة "اللارحمة" حسب وصف التقرير وكأن المنظمة كانت تريد بتحذيرها توجيه رسالة انذار لما يمكن ان يحدث في القطاع خلال ايام. وهو ما كشفت عنه الهجمة الاسرائيلية الاخيرة والتي وصلت بقطاع غزة الي مرحلة النهاية بعد قطع الاسرائيليين جميع الامدادات والمعونات للفلسطينيين. كشفت سطور التقرير الذي اعدته المنظمة وتنشره "نهضة مصر" اهم ما جاء فيه ان الفلسطينيين يواجهون باستمرار صعوبة المضي في حياتهم في الاراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة والضفة الغربية ويعيشون في بيئة تسود فيها العشوائية. اشار التقرير الذي جاء تحت عنوان "نكران الكرامة في الاراضي الفلسطينية المحتلة" انه في ظل اغلاق قطاع غزة يستمر النزاع بين المقاومين واسرائيل بلا رحمة يطلق الفلسطينيون الصواريخ كل يوم تقريبا باتجاه اسرائيل ويقوم الجيش الاسرائيلي بالتوغلات الي داخل القطاع بالاضافة الي الضربات الجوية والهجمات من البحر، ويبقي المدنيون محاصرين من دون امكانية الهرب. وبقيت نقاط العبور مقفلة في وجه معظم سكان غزة منذ بداية الاشتباكات العنيفة بين حماس والقوات الموالية لفتح وتسلم حماس مقاليد السلطة، واصبح من شبه المستحيل الدراسة او الحصول علي العلاج الطبي في الضفة الغربية او القدسالشرقية او اسرائيل او في الخارج باستثناء المرضي الذين يحتاجون الي علاج لانقاذ حياتهم وفي بعض الاحيان لا يسمح لهم بالمغادرة. وقال التقرير ان الاغلاق المفروض علي غزة خلال الشهور الماضية ادي الي خلو أرفف المحلات خاصة البقالة من البضاعة وارتفعت الاسعار بشكل كبير بسبب تناقص المخزون وعدم امكانية طلب المزيد من البضائع. ووفقا لبرنامج الاغذية العالمي فقد حوالي 80 الف شخص من سكان غزة عملهم منذ يونيو 2007 مما زاد من العدد المرتفع اصلا من العاطلين عن العمل والذي وصلت نسبته الي 44% واضطر معظم اصحاب المحلات التجارية الي اقفال محالهم وتسريح العمال، حيث ان 95% من الانتاج المحلي يعتمد علي الواردات من المواد الخام الواردة من اسرائيل، ووضعت اسرائيل قيودا علي الواردات وسمحت فقط بدخول ما اسمته بالسلع الاساسية وهي اساسا عبارة عن مواد غذائية اساسية. وقال التقرير اصبح العديد من الطرق في الضفة الغربية التي كانت تربط القري الفلسطينية بالمدن المجاورة مغلقة بسبب كتل من الاسمنت او الخنادق او التلال الارضية او البوابات الحديدية وتؤدي هذه العوائق الي قطع الفلسطينيين عن اراضيهم وعن الموارد المائية ومقالب القمامة وجماعة عن اخري وقرية عن اخري ومحافظة عن اخري. ويري سكان الضفة الغربية من منازلهم الاسرائيليين يستخدمون الطرق التي تم تعبيدها حديثا وبناؤها علي اراضيهم والتي تربط المستوطنات الاسرائيلية بعضها ببعض وتربطها بالقدس وتل ابيب بكل هدوء وفي المقابل يضطر الفلسطينيون الي استخدام طرق ترابية فرعية ومنعطفات طويلة للتوجه الي مدارسهم واماكن عملهم والمستشفيات ودور العبادة او بكل بساطة لزيارة احد الاقرباء او الاصدقاء. وفي نابلس التي كانت تنعم بالازدهار في الماضي في شمال الضفة الغربية لا يستخدم السكان البالغ عددهم 177 الف نسمة سوي طريقين، ولا يسمح لهم بالتحرك جنوبا بسياراتهم ولكنهم مجبرون علي التنقل علي متن سيارات الاجرة الامر الذي يزيد من الضغط علي الموارد الاقتصادية المحدودة اصلا. وقال التقرير ان كرامة الفلسطينيين تداس بالاقدام يوما بعد يوم في الضفة الغربيةوغزة. وتنطوي الاجراءات الامنية الصارمة التي تفرضها اسرائيل علي تكاليف انسانية باهظة فهي تترك للذين يعيشون تحت الاحتلال ما يكفي للبقاء علي قيد الحياة ولكن ليس بما فيه الكفاية للحياة حياة عادية كريمة. واشار التقرير في ندائه الي المجتمع الدولي انه يحق لاسرائيل حماية مواطنيها المدنيين لكن ينبغي علي الدوام ايجاد توازن سليم بين الشواغل الامنية الاسرائيلية وحماية حقوق وحريات الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال وحتي اليوم لم يقم التوازن بين الشواغل الامنية الاسرائيلية المشروعة وحق الفلسطينيين في العيش حياة عادية. ومازال الفلسطينيون الذين يعيشون في قطاع غزة البالغ عددهم 4،1 مليون نسمة يدفعون ثمنا باهظا جراء النزاع والحصار الاقتصادي علي حساب صحتهم وسبل كسب عيشهم .