دمياط تعلن انطلاق المرحلة الأولى من الموجة 26 لإزالة التعديات على أملاك الدولة    مستشار رئيس جهاز الإحصاء يستعرض وضع الإيجار القديم في أرقام: عدد يفوق 3 ملايين وحدة    وزير الخارجية: موقفنا ثابت بدعم وحدة وأمن سوريا.. ونرفض التدخلات العسكرية    بيسيرو: تشرفت بتدريب الزمالك.. وكنت أثق في الفوز على بيراميدز    حبس المتهم بمساعدة والدته بقتل زوجها ودفنه في شقة منذ 8 أعوام بالإسكندرية    حريق يلتهم محصول قمح قبل حصاده في بني سويف.. والنيابة تبدأ التحقيق    إحالة أوراق قاتل ابنه في سوهاج للمفتي.. وأم الضحية: نام وارتاح يا عز حقك رجع    «كانت عايزة تعمله سحر».. فنانة تكشف مفاجأة عن طلاق بوسي شلبي ومحمود عبدالعزيز    اعتذار منى زكي ومنة شلبي.. طارق العريان يكشف مفاجآت عن «السلم والثعبان 2» (فيديو)    وزير الصحة خلال حفل يوم الطبيب: الدولة المصرية تضع الملف الصحي على رأس أولوياتها    المؤبد وغرامة 500 ألف جنيه لتاجر عقارات بتهمة الإتجار في المخدرات بالعبور    بالزغاريد والرقص مع رامي صبري.. أصالة تشيع البهجة في زفاف نجل شقيقتها | صور    الحكومة السودانية: استشهاد 20 وإصابة 50 مدنيًا بسجن الأبيض    "زراعة الفيوم" تواصل ضبط منظومة الإنتاج الحيواني بالمحافظة    جوارديولا: لم نتوقع ما فعله ساوثامبتون.. ولذلك شارك هالاند في اللقاء كاملا    وزير الخارجية والهجرة يترأس حوار اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي التيرم الثاني 2025 في الدقهلية    متحدث "فتح" : توزيع المساعدات يجب أن يكون من خلال الأونروا وليس الإدارة الأمريكية    نيابة الخليفة تقرر إحالة عاطل إلى محكمة الجنح بتهمة سرقة مساكن المواطنين    طوابير خانقة وأسعار مضاعفة وسط غياب الحلول..أزمة وقود خانقة تضرب مناطق الحوثيين في اليمن    مستقبل وطن المنيا يكرم 100 عامل مؤقت    بنك قناة السويس يعزز ريادته فى سوق أدوات الدين ويقود إصدارين ناجحين لصكوك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بقيمة 5.8 مليار جنيه    عطلوا أحكام الدستور.. تأجيل محاكمة 19 متهمًا ب«خلية المرج الثالثة»    تأجيل محاكمة طبيب تسبب في وفاة طبيبة أسنان بسبب خطأ طبي في التجمع    الكلاسيكو| أنشيلوتي يكشف موقف رودريجو ويؤكد: واثقون من الفوز    أول رد من رابطة الأندية بعد تأجيل «استئناف اتحاد الكرة» حسم أزمة القمة    التيسيرات الضريبية... قبلة الحياة للاقتصاد الحر والشركات الناشئة في مصر    محلل سياسى: جولة الغد من مفاوضات إيران والولايات المتحدة حاسمة    نائب رئيس الوزراء: مصر تضع الملف الصحي بجميع ركائزه على رأس أولوياتها    نصائح لوقاية العيون من تأثير ارتفاع درجات الحرارة    مرسوم عليه أعداء مصر ال9.. «كرسي الاحتفالات» لتوت عنخ آمون يستقر بالمتحف الكبير    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    "صورة الطفل في الدراما المصرية" ندوة بالمجلس الأعلى للثقافة    رئيس وزراء سلوفاكيا يرفض حظر الاتحاد الأوروبي على واردات الغاز من روسيا    القومي للمرأة يشارك في اجتماع المجموعة التوجيهية لمنطقة الشرق الأوسط    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مدخل قرية بنى قرة ونقل موقف السرفيس لتحقيق سيولة مرورية    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى أجا في زيارة مفاجئة ويبدي رضائه عن الأداء    قرار تأديب القضاة بالسير في إجراءات المحاكمة لا يعتبر اتهام أو إحالة    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    انطلاق الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ    هل منع الزمالك عواد من التدريبات؟.. مصدر مقرب من اللاعب يؤكد والأبيض ينفي    دعوة شركات عالمية لمشروع تأهيل حدائق تلال الفسطاط    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    جنايات المنصورة...تأجيل قضية مذبحة المعصرة لجلسة 14 مايو    وكيل وزارة الصحة بالمنوفية يتفقد مستشفى بركة السبع ..صور    بينهم سيدة.. الجيش الإسرائيلي يعتقل 8 فلسطينيين بالضفة الغربية    أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبد العزيز.. فيفي عبده: الواحد لازم يصرف فلوسه كلها وميسيبش مليم لمخلوق    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر    بعد غيابه ثلاث مرات.. وصول زيزو ومحاميه لمقر الزمالك للمثول للتحقيق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    7 شهداء بينهم عائلة كاملة بقصف إسرائيلي على مدينة غزة الفلسطينية    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرنامج الإصلاحي للعلم والبحوث (6) ... مصادر التخلف

إن التخلف العلمي الراهن القائم في مصر وعموما في الوطن العربي - مع مراعاة تفاوت الدرجات - هو نتاج لسلسلة ظروف كائنة وقائمة في المؤسسات التعليمية والبحثية في المنطقة ، إن لم يتم تداركها ستعزى دائما سبباً لبقائه بل إنتشاره بسرعة مخيفة فيه.
الأسباب المباشرة له يعزى أساسًا إلى إفتقار المؤسسات التعليمية والبحثية للدعم الواجب من الدولة. وهو للأسف الشديد الأمر الذي كان على الدولة أن تجعله أولى أولوياتها لدورها الحيوي والمحوري في نهضة شؤون الدولة المؤسسية والوطنية ، فلأثرهم على حداثتها ورقيها.
لقد وعت الدول الصناعية هذا الأمر منذ قرون، لذلك نجدها تتتبع حال مؤسساتها التعليمية ومسؤوليها، فالوضع التعليمي الكائن على أرضها ، سواء العام أو العالي، بحرص بالغ. من مظاهر ذلك ، الرقابة الوطنية المفروضة من حكومات تلك الدول على مؤسساتها التعليمية في تبني كافة برامجها التعليمية الموضوعة لها من قبل وزارة التعليم في كافة محافظاتها بنجاح. فلو تأخرت أقاليم - على سبيل المثال - في ذلك ، أي في تبنيها أو إستيعابها، عمدت الحكومة لدراسة أسباب تخلف تلك الأقاليم عن سائر الركب ، فالواجب العمل نحوها. أما إذا ظهرت في الساحة الوطنية بوادر ومؤشرات لتردي المستوى العام لنظمها التعليمية ، دقت الحكومة الناقوس للخطر المرتقب من ذلك على مصالحها المؤسسية والوطنية، فعلى أمنها وإستقرار شؤونها ، ورفعت المسألة التعليمية حينئذ لمسألة أمن قومي. الأمر الذي شهدنا حدوثه في الولايات المتحدة، في زمن الرئيس جورج بوش.
سبب ذلك الحرص البالغ يرجع لبعد نظر تلك الحكومات في شأن مؤسساتها التعليمية والبحثية. فهي تعلم أنها سبب رفعتها ورفعة الأوطان المتقدمة المحيطة بها ، لذلك لا تألوا جهدا في رعايتها. حتى في ظل الأزمة الإقتصادية الراهنة التي تمر يها الدول الأوروبية، كألمانيا، نجد أنها على الرغم من قشفها للميزانية العامة لكافة مصالح الدولة ، بما في ذلك الرعاية الإجتماعية ، لتدارك الأزمة ، لم تفكر أبداً لأن تقترب أو تمس أموال الميزانيات المعتمدة للمؤسسات التعليمية والبحثية. بل مما أثار الدهشة في ذلك ، أنها - على الرغم من كل الإجراءات التي أتمتها بهدف التوفير - أعتمدت في حق نشئها العلمي المميز ميزانية مالية جديدة ترعى شؤونه وحاجاته ، بهدف توفير الراحة له في مشواره الفاضل. لقد ضربت بذلك مثالا رائدا في إحترام العلم والعلماء وكل من سار على ذلكم الهدى. وما السابق ذكره بأول مبادرة مستحدثة للدولة في حق تكريم طالبي العلم والعلماء، بل لها في ذلك صور عدة، أذكر منها إعتمادها ميزانيات خاصة "لشراء" العقول المبدعة - أي المفكرين - من أرجاء العالم لتسخرها في مؤسساتها التعليمية التي تعتبرها الصرح البناء الناهض لشؤونها الوطنية والدولية فسبب رفعتها.
في الأخر ذكره سعت الهند لأن تصدر قواها البشرية الزائدة عن حاجتها، المؤهلة بتعليم عال، إلى الدول المتقدمة، لسد حاجاتها المتصاعدة والمتضاعفة منها في مؤسساتها السابق ذكرها. فباتت دولة مصدرة للمفكرين والأيادي الساعدة حيثما الحاجة قائمة لها في أنحاء العالم المتقدم. لقد أمنت الهند بذلك حاجة السوق الدولي من علماء ومفكرين، وفي نفس الوقت لمواطنيها الذين كفلت لهم مشكورا سبل التواصل بتلك الحضارات - بتعليم وتأهيل عال - العيش الأمن الرغد. هكذا تصنع حكومة راشدة بشعبها، لا أن تتباكى الإنفجار السكاني القائم لديها، وتعلن على الملاء دون حياء حيرتها في كيفية تسخير أبنائها لوطنها، بينما هي لا تكفل لهم أدنى حد من التعليم الراقي، تمكنهم به لأن يعيلوا أنفسهم بأنفسهم في الساحة الوطنية أو الدولية.
أعجب ما في الأخر ذكره ، أنه مع الشكوى المقدمة من حكومات الدول النامية للإنفجار السكاني القائم لديها، تجد موضوع تضاعف أعداد الصينيين في أنحاء وأرجاء بلادها لا يسبب لها أي قلق ، على الرغم من كونهم سببا في تفاقم أزمتها السكانية وتزايد مشكلة البطالة لديها. كذلك لا تجد لدى تلك الحكومات أي حرج في إعتمادها المطلق على المؤسسات الأجنبية في نهضة مشاريعها القومية بقواها الأجنبية على أرضها.
من كل ما سبق ذكره، نود أن نخلص للنتيجة التالية، أن الرعاية الواجبة للنظم العلمية والبحثية والعقول المفكرة من العلماء وأهل الخبرة لهو مفتاح حضارة كل دولة تسعى للتقدم، فأمل مستقبلها ونهضتها. عليها في ذلك أن تبذل كل جهد ، وأن تنفق في سبيله كل ما هو ممكن. التوفير في هذا الأمر سياسة غير راشدة بل هدامة لشؤون الدولة ومصالحها. لن يتقدم بها شىء بل العكس ستتعطل كل أموره التي منها سير تقدم مؤسساتها البحثي والعلمي.
أعجب مثال لذلك، ما صدر في تاريخ مصر عن مسؤولي الجامعات بأنفسهم في حق الجامعات والمؤسسات العلمية التي ينتسبون إليها. ففي محاولة منهم في مواكبة نداء الدولة في الخمسينيات والستينيات في توفير المصروفات، قامت إدارات سائر الجامعات والمؤسسات العلمية بقشف ميزانياتها المالية بصورة غير عقلانية، نافست بعضها البعض في ذلك ، لا لغرض أخر سوى الحرص على المباهاة أمام الحكومة على ريادتها في الإستجابة لندائها القومي، وذلك على الرغم من حاجاتها الماسة لها ، فلما هو معتمد في ميزانياتها من مصروفات كانت تنفقها على سبيل المثال على مكاتبها لتوفر الكتب الدراسية اللازمة لإطلاع وتعليم النشء وشراء المجلات العلمية الدورية العالمية لأعضاء هيئات تعليمها لمواكبة المستجدات العلمية القائمة في الساحة العلمية والبحثية، وكذلك لطلب المعدات التقنية العصرية اللازمة لمعاملها ولأبحاثها. فكان من أثار سوء هذا التصرف - اي التوفير - من مسؤوليها، أن تعطلت كافة شؤونها ومعه أدائها ، فضربوا بذلك مثالآً نموزجيأً ليس فقط لكيفية إعاقة وتعجيز البحث العلمي والتعليم من خلال التوفير غير الحكيم وغير الصائب للمال العام، بل أيضاً لمعنى سوء إدارة المسؤولين لشؤون مؤسساتهم التعليمية والإدارية التي منها المالية. لقد كان ذلك سلوكأً كارثياً منهم أنذاك ، ما ضمنت به لأعضاء تدريس مؤسساتها ، فالهيئات التعليمية التابعة لها ، سوى إبقاء حاله علمياً وعمليأً غير مفعل - أي خامل - لعقود، فنالت الصدارة في التخلف عن ركب الحضارة العلمي والبحثي في زمن قياسي.
مثل هذه السياسة غير الحكيمة كانت وما زالت السبب في خلق الفراغ العلمي الذي يحي فيه الكثيرون من العلماء في تلك المؤسسات ، الأمر الذي جعل البعض منهم يتوقف عن البحث العلمي وينشغل بمواضيع أو مسائل عامة كانت حسب تقديرنا محور إهتمام ماض خلى، في فترة الخمسينيات أو الستينيات. إنه لأمر مؤسف لأن تشهد في الكثيرين من العلماء القائمين في الساحة العلمية والبحثية ، ناهيكم المتخرجين، إلى يومنا هذا عدم إطلاعهم لأخر التطورات العلمية التي حدثت في العقود الثلاث أو الأربع الأخيرة التي مضت ، بسبب تلك السياسات المالية والإدارية الفاشلة، التي إما فرضت عليهم أو عزت لسياسات مديري مؤسساتهم التعليمية غير الحكيمة.
لذلك ، ومن كل ما سبق ذكره من واقع الحال المشهود له في الساحة التعليمية ، نقول أن النظم التعليمية بحاجة لمنهاج مستحدث وواضح للتمويل ، يجب أن يعتمد بصورة مماثلة للمناهج القائمة لدى الدول المتقدمة. تلك من الأولويات الواجب مراعتها في المنهاج الإصلاحي المراد لنهضة المؤسسات العلمية والبحثية ، فالدولة.
العالم الدكتور/ أحمد الجريسي* ، السيد الطرابيلي** / مدير عام جيولين
* http://www.bgi.uni-bayreuth.de/organization/bgistaff/staffinfo.php?id=128
http://en.wikipedia.org/wiki/El_Goresy
** www.geolin.eu
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.