نقيب الصحفيين: مشروع قانون الفتاوى الشرعية به التباس في المادة 7    عمرو أديب: قناة السويس سنغافورة العرب    كندا.. مواجهة ترامب أولى معارك رئيس الوزراء الجديد    وزير خارجية إيران: إسرائيل ألغت فكرة حل الدولتين وتسعى لتهجير الفلسطينيين    نانت يتأخر أمام أوكسير في الشوط الأول    بوسي شلبي تكشف تفاصيل جديدة في أزمتها مع أبناء محمود عبد العزيز    تحقيقات في تبادل اتهامات بين ضحية سيرك طنطا وآخرين    الرئيس العراقي يُعرب عن أمله في نجاح مفاوضات الولايات المتحدة وإيران    راموس يقود هجوم باريس سان جيرمان أمام مونبلييه في الدوري الفرنسي    وزير الاتصالات يختتم جولته لتعزيز التعاون ودعم الابتكار الرقمى بين مصر واليابان    الأرصاد: غدا ذروة الموجة شديدة الحرارة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على أغلب الانحاء    وفاة شابين أبناء عمومة في حادث انقلاب سيارة على الطريق الدولي الساحلي بكفر الشيخ (أسماء)    حريق يلتهم محصول قمح قبل حصاده في بني سويف.. والنيابة تبدأ التحقيق    إحالة أوراق قاتل ابنه في سوهاج للمفتي.. وأم الضحية: نام وارتاح يا عز حقك رجع    وزير الشئون النيابية يشارك بالاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    قانون الإيجار القديم.. ما الأماكن المستهدفة التي تنطبق عليها أحكامه؟ (تفاصيل)    وزير الصحة خلال حفل يوم الطبيب: الدولة المصرية تضع الملف الصحي على رأس أولوياتها    بالزغاريد والرقص مع رامي صبري.. أصالة تشيع البهجة في زفاف نجل شقيقتها | صور    المؤبد وغرامة 500 ألف جنيه لتاجر عقارات بتهمة الإتجار في المخدرات بالعبور    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي التيرم الثاني 2025 في الدقهلية    "زراعة الفيوم" تواصل ضبط منظومة الإنتاج الحيواني بالمحافظة    جوارديولا: لم نتوقع ما فعله ساوثامبتون.. ولذلك شارك هالاند في اللقاء كاملا    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : رسالة مفتوحة لمعالي وزير الأوقاف؟!    «القابضة للأدوية» تحقق 1.5 مليار جنيه صافي ربح خلال 9 أشهر    نيابة الخليفة تقرر إحالة عاطل إلى محكمة الجنح بتهمة سرقة مساكن المواطنين    تأجيل محاكمة طبيب تسبب في وفاة طبيبة أسنان بسبب خطأ طبي في التجمع    بنك قناة السويس يعزز ريادته فى سوق أدوات الدين ويقود إصدارين ناجحين لصكوك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بقيمة 5.8 مليار جنيه    التيسيرات الضريبية... قبلة الحياة للاقتصاد الحر والشركات الناشئة في مصر    حارس الزمالك يرد على واقعة إلقاء القميص أمام سيراميكا    الكلاسيكو| أنشيلوتي يكشف موقف رودريجو ويؤكد: واثقون من الفوز    مستقبل وطن المنيا يكرم 100 عامل مؤقت    نائب رئيس الوزراء: مصر تضع الملف الصحي بجميع ركائزه على رأس أولوياتها    نصائح لوقاية العيون من تأثير ارتفاع درجات الحرارة    مرسوم عليه أعداء مصر ال9.. «كرسي الاحتفالات» لتوت عنخ آمون يستقر بالمتحف الكبير    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    القومي للمرأة يشارك في اجتماع المجموعة التوجيهية لمنطقة الشرق الأوسط    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى أجا في زيارة مفاجئة ويبدي رضائه عن الأداء    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    دعوة شركات عالمية لمشروع تأهيل حدائق تلال الفسطاط    فيلم سيكو سيكو يواصل تصدر الإيرادات    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    فانتازي يلا كورة.. لماذا يُمكن لمبيومو ودي بروين منافسة صلاح على شارة القيادة بالجولة 36؟    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    جنايات المنصورة...تأجيل قضية مذبحة المعصرة لجلسة 14 مايو    موقف بالدي.. فليك يحدد تشكيل برشلونة لمواجهة ريال مدريد في الكلاسيكو    بينهم سيدة.. الجيش الإسرائيلي يعتقل 8 فلسطينيين بالضفة الغربية    أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبد العزيز.. فيفي عبده: الواحد لازم يصرف فلوسه كلها وميسيبش مليم لمخلوق    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    وفاه زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي بعد صراع مع المرض    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    7 شهداء بينهم عائلة كاملة بقصف إسرائيلي على مدينة غزة الفلسطينية    هل أصدرت الرابطة قرارا بتأجيل مباراة القمة 48 ساعة؟.. ناقد رياضي يكشف مفاجأة (فيديو)    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    مواعيد مباريات اليوم السبت 10- 5- 2025 والقنوات الناقلة    الجيش الباكستاني: هجوم صاروخي هندي يستهدف ثلاث قواعد جوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصارف والمؤسسات الوطنية والسياسة الراشدة
نشر في المصريون يوم 26 - 06 - 2010

لقد أكدت أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة، التي طالت تداعياتها القطاعات الإقتصادية المختلفة فيها، بل تعدت حدودها لتؤثر سلبياً على الإقتصاد العالمي، مرة أخرى الدور المحوري الذي تلعبه المؤسسات المصرفية على إقتصادها وإقتصاد محيطها. فهي من أهم الآليات القائمة لدعمه، والضابطة لنموه، فالناهضة له. إضطراب حالها أو عدم إستقراره، مرده إضطراب موازين الدولة الإقتصادية القائمة عليها، فتعطلها وربما توقفها. فلزاماً على الدولة التواصل معها وتتبع سير أمورها، ليعتمد عليها في خدمة سياساتها ونهضة شؤونها الإقتصادية والصناعية، محليأً ودوليأً.
أمر أكدته تجربة الحكومة الألمانية المرة تلوى الأخرى مع مؤسساتها المصرفية أثناء الأزمة السابق ذكرها. فلولا تواصلها معها حينئذ، لتعطل أداءها ولتأثر معه حال العجلة الإقتصادية للدولة. كذلك لولا توجيه الحكومة لتلك المؤسسات، حينما إستدعت التطورات على الساحة لذلك، لإتخذ سير الأمور منعطفاً غير محمود عقباه على المصلحة العامة. فعلى سبيل المثال لوحظ عند بدء الدولة مد المعونات المادية للمؤسسات المصرفية، ميل أغلب تلك المؤسسات لأن تتحفظ عليها بدلاُ من توظيفها للسوق كما كان مرجو منها، كترسيخها له في صورة قروض مصرفية، الذي يعتبر من وظائفها وأنشطتها المحورية الذي يعتمد الإقتصاد عليه كوسيلة لتمويل مشاريعه، الأمر الذي كان سيؤثر بل يعطل نموه ويضر ديناميكيته، فكان لا بد من تدخل الدولة في شؤونها لإحاطة غاياتها السلبية، فتدارك الخطر المرتقب منها. كذلك لوحظ مراراً توجهات لتلك المصارف تهدف خدمة مصالحها الخاصة قبل العامة، بدءًا من إستغلال مدراء البنوك لتلك الأموال في صرفها على علاواتهم وحوافزهم التي لم يجتهدوا ليستحقوها إلى أخر توجيهها في تنمية أصولها وأرصدتها فتحسين ميزانيتها على حساب الدولة دون إعانتها الفعلية لإقتصاده. الأمر الذي جعلت الحكومة تنتفض، فتهددها وتفكر في تقييدها وإلزامها قانونيا لتفعيل دورها بما يخدم المصلحة العامة مقابل تيسير القروض لها، بل علت أصوات في البرلمان تطالب إكتتاب الدولة كشريكة للبنوك المقرضة، وهو أمر حدث في إنجلترا، إلا أن هذا الفكر قوبل بمعارضة شديدة في ألمانيا، حيث يرى في ذلكم الخروج عن مبدأ الإقتصاد الحر أي اللامركزي، وتوجيهه للمسار المخالف له، المقابل للمنطق الإشتراكي، وهو فكر مرفوض، لأن المنطق الإشتراكي في أي إدارة يستند على بيروقراطية هرمية عقيمة لا يمكن أن توفر المرونة والديناميكية اللازمة لإقتصاده لمواكبة تطورات السوق المحلية والدولية كما وجب عليها. فكان فكر ومنطق إذا تم ترسيخه في ظل النهضة الحاضرة في ألمانيا والإقتصاد القوي الكائن لها حتما لكارثي، فتوجيه سياسي خاطىء وضار من الحكومة، لا يمكن أن يخدم إقتصاد الدولة، بل العكس، هدم مقومات إقتصاده الكائنة المميزة.
لن أتطرق هنا لموضوع أثر النظام الإشتراكي المصري ولسياساته، التي منها التأميم، على "نهضة" مؤسساته المصرفية وعلى الصناعة أو لدور سياسة الخصخصة القائمة، في ظل غياب مؤسسات وطنية فعالة، أو أقله ضوابط قانونية تمنع الإحتكار أو أي قوي سلبية التأثيرعلى إقتصاده أو سوقه، من دعم شريها فيه. بل أود في أسطر توجيه النظر على أهمية المنظومة المصرفية، التي يعمل ألف حساب لها وعلى توجيهها - إن لزم الأمر - في الدول الصناعية المتقدمة ، لدورها الحساس في عجلتها الإقتصادية ومحيطه، وكيف تكاد تسمع لها همسأً في مصر أو تلتمس حراكاً لها لساساتها في أمرها في هذا الزمن، بل على العكس دعم سياسات حكومتها، إحتكار المصارف الأجنبية لشؤون الوطن، دون - أقله - سياسة موازية على تفعيل مؤسساتها العريقة كمثيلاتها الأجنبية. فإذا تم ذلك على سبيل المثال من خلال مشاركة تلك المؤسسات في مشاريع وطنية، تجدها في عمومها، على عكس تلك التي يتم مشاركة المصارف الأجنبية فيها، عالية المخاطر، بل فاشلة، غالباً مردها ضياع أموال الدولة، لسوء تقدير أمرها وجدواها الإقتصادية.
خير مثال على ذلكم مشروع توشكي الذي يصفه العالم الدكتور الجريسي بالفاشل، بدءًا بتقييمه العلمي فالفني، إلى أخر تقييم جدواه الإقتصادية. فمن حيث تقييمة العلمي، فيقول العالم الدكتور الجريسي: "أن المساحة الجيولوجية الذي خصص له غير صالح لأمره، فالمنطقة مشهورة لكل جيولوجي مبتدأ - ولا نقول خبير - بالصدوع الأرضية، أي إنشقاقات باطنية، ستكون سبباً في ضياع مياه النيل المتحولة إليها إلى جوفها عند تجمع ظروف طبيعية معينة لذلكم. فطبيعة تلك المنطقة الصخرية لا يأمن (بضم الياء) حفظ أو تخزين المياه عليها". إنه لأمر مشهود له حدوثه على سبيل المثال في شيلي، التي وصلنا من أخبارها إختفاء بحيرة بأكملها في جنوب البلاد لعوامل طبيعية معينة، أدت إلى إرتفاع منسوب مائها لما فوق المعدل الإعتيادي لها، فتصدع قعر ومحيط البحيرة من الضغط الزائد الواقع عليها، فغيض ماءها إلى باطنها ومحيطها /2,1/. فهل تم دراسة منطقة توشكى، والظروف الطبيعية لها، وأثارها عليها بشكل وافٍ. إذا كانت خوارات الجمهورية، التي تتجمع مياه الأمطار الموسمية فيها إلى سيول، غير مدروسة، بشهادة أحداث المحافظات المنكوبة في سيناء والصحراء الشرقية ووادي النيل ، فهل تم على سبيل المثال أقله دراسة دور الأمطار الموسمية على منسوب المياه في المنطقة التي منها المياه الجوفية، فتتبعها ودراسة حجمها وتقدير أثرها علي محيطها الصخري المتصدع والعكس، أي قدرة المنطقة على تخزينها.
إنه لأمر عجيب لأن يتم ربط مؤسساتنا المصرفية القومية بالمشاريع التي يحق الحكم عليها بالخيالية فالفاشلة، ولا يتم تفعيلها كما وجب وحادث مع المؤسسات المصرفية الأجنبية بمشاريع وطنية تكميلية لمشاريع قائمة وناجحة كالإستكشاف عن البترول والغاز على سبيل المثال، الذي يعتمد منذ مزاولة نشاطه على أرض الوطن إلى اليوم على التمويل الأجنبي والقوى الأجنبية الباهظة الثمن، أو بمشاريع تنموية لقطاعات صناعية يمكن نهوضها في مجال البتروكيماويات، أي مشتقات البترول، الذي نصدره خاماً لنستورد مشتقاته ومنتجاته بأضعاف مضاعفة عن ثمن بيعه.
أولا تملى المصلحة العامة تقديم الإستثمار في تلك المشاريع عن السابقة، فتوجيه وتفعيل قدراتنا ومؤسساتنا القائمة فينا، بسياسة راشدة، لتنهض معها ومعه إقتصادنا ؟
بل ألا يملى الواجب أن تفي الدولة لحاجاتها الأساسية من مشتقات ومنتجات البتروكيماويات، من خلال إعتمادها الذاتي بقدراتها القائمة ، وأن تضمن فوق ذلكم إحتياطي منه، يمكن أن يسخر في نهضة صناعية مستقبلية مدروسة لها ، كما يحدث في الدول الصناعية.
الجدوى الإقتصادية في مثل تلك المشاريع السابق ذكرها مثبوتة، بل مثبوت أيضاً إمتدادها لعقود، فلماذا الإعتماد على الغير الأجنبي، الذي ما عاد أمره يقف عند تسخير قواه العاملة الفنية والهندسية على أرض مصر، بل تعدى ذلك في مشاركة المصارف الأجنبية في إدارة إقتصاد الدولة من خلال مشاركتها لمشاريعها الحيوية الذي بات يعتمد عليها أو إنخراطها في النشاط المصرفي لسوقه دون ضابط، فتدخلت في شؤونه وغداً ستوجهها في كل القطاعات لصالح أجندتها دون مراعاة حاجات الوطن او توجهات الحكومة، كما شهدنا حدوث أمره بين مؤسسة الدولة الألمانية ومصارفها. فما بالكم إذا كانت المصارف الأجنبية تحمل في طياتها أجندة حكوماتها التي تسعى من خلالها فرض رؤياها علينا على أرض الواقع . أليست تلك مسألة أمن قومي ؟
لقد قرأت على إحدى مواقع الإنترنت عن المشروع الصيني لبناء وتشغيل مصفاة للنفط بمصر تصل تكلفتها إلى ملياري دولار والذي سيتم تمويله كاملا بأموال أجنبية. مما أثارني في أمره تكلفته. أزعم لو تم صرف فقط نسبة الربح الذي لم يكشف عنه الإعلام أو ربما الوزارة، الذي سيخصص من إنتاج ذلك المشروع في تغطية الفائدة البنكية للجهة الممولة وللشركات الصينية المعنية بتأسيسه، على المؤسسات الوطنية والقوى الوطنية الفعالة القائمة، وتسخير علماءنا لها، لكانت الجدوى الإقتصادية في ذلكم أعظم عما هو مقدر لنا فيه الأن، لما كان سيتأتى من ذلكم على المدى القريب أو البعيد نهضة لمؤسساتنا وصناعاتنا وإقتصادنا ونهضة عجلتنا الإقتصادية. فلماذا الإعتماد على الغير، الذي إن شارك أي عملية إستثمارية لبلغت التكلفة الإستثمارية أضعاف تكلفتها الأساسية ؟ بل كيف لدعم دور المصارف الأجنبية على أرضنا أو تسخيرها في دعم نهضة مشاريعنا الأساسية لدور فعال في نهضة مصارفنا فمؤسساتنا فإقتصادنا وأمننا ؟ الجواب معلوم ، لا يوجد.
أمر مخجل لأن يأكد السياسيون المهتمون لموضوع المشروع الصيني، أنه سيتم نقل "ملكيته" ب"الكامل" إلى مصر بعد 25 عاما من تاريخ تشغيله. علام التصميم على ذلكم ؟ إنه لمعلوم أن المصفاة بعد 25 عاما ستكون غالباً قد إنتهى عمرها الإفتراضى، الذي لم يعلن عنه، وغالبا لن تكون لها سوى قيمة تخريدية، أي ستسلم كقطعة متهالكة، خردة، تحتاج لصيانة كاملة، إن أمكن ذلك حينئذ، في ظل التطورات الهندسية السريعة والنهضة الصناعية المهولة القائمة في زمننا هذا الذي سيوجد حتما بعد ربع قرن بدائل هندسية أفضل منها تجعل موضوع صيانته لمفروغ منه عند تسليمه، فلا جدوى إقتصادية في ذلكم. حتى ما يخص تطوير قدراته الإنتاجية، أزعم أنه لم يحتسب لها، حيث لم نسمع تعليق لأمره أو فيه. وهو لأمر يؤكد عدم وجود إمتداد إقتصادي للمشروع. فذلكم المشروع يحتسب له منفعة مؤقة لنا، ولغيرنا منفعة قيمة، ذو إمتداد إقتصادي عظيم، مبني على عدم تفعيل مؤسساتنا وقدراتنا وإعتمادنا على الغير، لا لعلة سوى عدم توفيق سياسات حكومتنا لتفعيل قوانا الوطنية. وسيظل الأمر على تلك الوتيرة حتى تعيد حكومتنا مراجعة سياساتها في شأن مؤسساتها ، وفوق ذلكم دور ومقام علماؤنا فيه، وتزكية قدرات وعقول أبنائها لها بتسخيرها ودمجها في مشاريعها.
أؤكد لكم أيها السادة القراء، بعد 25 عاما من تشغيل المصفاة الصينية سنملك خردة هندسية، سنقف عليها محتارين، كما سيقف حال مهندسي دولتنا القائمين عليها، لأنهم يعلمون أنه لا يمكن تطويرها أو أقله صيانتها إن تعطلت، لعدم توفر قطع غيار لها من السوق العالمية، إلا من مصدر واحد، وهو غير مضمون، مقالب المخلفات الصناعية الموجودة في الدول الصناعية. أمر شهدت تكرار حدوثه في دول شتى، ليس فقط في شأن مصافيها، بل أيضاً فيما يتصل في مجال خبراتنا الهندسية والجيولوجية، فأستدعتنا لتقييم ما هو كائن لديها والنصح الواجب فيه.
نصيحتي للسادة القائمين على أمر المصفاة، توفير الأموال على الشعب المصري بتكليف الصينيين موضوع تخريدها. لنتركها نحن لهم خردة وليس العكس ؟ فليس نقل ملكيتها العينية الأمر الذي نحتاجه بل نقل ملكيتها الفكرية أو إستحداثها على أرض الوطن بقدراتنا وعلمائنا.
رجائي، لا نربد لمصر أن تصبح "مستقراً نهائياً" لمخلفات الدول الصناعية بعد 25 عاما أو متحفاً لقدراتهم الصناعية على أرضنا، كما حدث مع السد الروسي "السد العالي" أو سيحدث حاضراً مع المصفاة الصينية وربما مستقبلاً بالمفاعل النووي، المجهول هويته حالياُ.
نرجو من السادة المسؤولين في الدولة أي يعيدوا تقييم توزيع المشاريع الوطنية على مؤسساتها وكذلك إعادة تقييم البرامج السياسية لنهضة صناعتها معها حتى تفي المصلحة العامة على أكمل وجه، ولعقود، ويأذن لنا بها مستقبل أمن وباهر، خلاف ما نراه الأن من برامج يرجى منها فقط منفعة زمنية مؤقتة، إذا إنتهت عدنا إلى خانة البداية لنبحث كرة أخرى عن دول مانحة لنا لمالها وصناعتها. أؤكد مرة أخرى أنه على الحكومة أن تعيد النظر في كيفية تفعيل مؤسساتنا بإعتمادها على قدراتنا وعلمائنا وعقولنا في إدارة مصالحنا، حتي ندرك بها النهضة المرجوة لنا ولإقتصادنا بعلومنا وصناعتنا... فتلكم حاجة زماننا.
إحداها يمكننا العون فيه، أما الأخرى فتنتظر تبني سياسيات فعالة على أرض الوطن.
السيد الطرابيلي / مدير عام جيولين
العالم الدكتور / أحمد الجريسي
ملحوظة:
1)
في مقالنا السابق، الذي نال موضوع أحداث المحافظات المنكوبة في سيناء والصحراء الشرقية ووادي النيل، والذي شكونا فيه عدم تفعيل الدولة لنشاط هيئة الأبحاث الجيولوجية والتعدينية، جاءني الخبر من العالم الدكتور أحمد الجريسي نقلاً عن رسالة الدكتور رشدي سعيد له المؤرخة ب 2010/05/22 ، أن تلك المؤسسة، التي كانت تعد من أعرق وأقدم المؤسسات في القارة الأفريقية والوطن العربي - بشهادة الدكتور أحمد الجريسي - تم حلها وإستبدالها بهيئة تحمل إسم "هيئة الثروة المعدنية" (أو كما وصلنا من الدكتور رشدي سعيد "Mineral Wealth"). بذلكم فقدنا إحدى أهم المؤسسات الفعالة لمصر في المنطقة. كان الواجب الرجوع إلى علمائنا المخضرمين لأمرها والأخذ برأيهم في شأنها، كالعالم الدكتور رشدي سعيد، أخصائي جيولوجيا نهر النيل، أو الدكتور أحمد الجريسي ، اللذان ما أنفكوا – بحسب علمي - التواصل بها، بالنصح وكذلك بالمجهود الذاتي لتطويرها.
[email protected]
المراجع:
/1/
http://www.spiegel.de/fotostrecke/fotostrecke-22585-4.html
/2/
http://www.spiegel.de/fotostrecke/fotostrecke-22585.html


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.