التقارير الغربية التي تناولت مرحلة ما بعد الإخوان، وتابعت المشهد الانتخابي، اتفقت على السخرية من الإعلام المصري، والتهكم عليه، ومن بينها ما أطلق عليه النكات. صديق لي عائد من حضور ندوة في المغرب، قال إنه فوجئ بحجم "التريقة" على المصريين عموما.. وقال : كنا في مصر نبدأ النكتة ب"واحد بلديتنا".. والأن العرب يبدأون نكاتهم ب"مرة واحد مصري"!! وعندما سأل عن سبب كل هذا التهكم المؤلم، اكتشف بأنه يرجع إلى الصورة التي نقلها الإعلام المصري عن علاقة المصريين بالسيسي.. ثم التعبير عن الوطنية بالرقص على "واحدة ونص".. والذي قدم صورة ساخرة ومضحكة عن بلد ظل طوال تاريخه لا يملك إلا الإبداع وابهار العالم.. وبات اليوم "فرجة" وموضوعا للتسلية والتسرية عن النفس. من المسؤول عن هذه الفضائح؟!.. السؤال لا يبحث عن الإدانة وإنما يحاول الإجابة عن الحل!.. فالوضع بات مسيئا بشكل غير مسبوق لمصر، وأهدر كل تاريخها وتراثها وخبراتها كدولة كانت تباهي العالم بقواها الناعمة.. فكيف نقنع الأجيال الراهنة بالهيبة الإقليمية لمصر.. والعالم كله يستلقي على ظهره، من الضحك وهو يشاهد حجم الاسفاف والابتذال والتفاهة والهيافة على فضائيات محسوبة على الإعلام الأمني والميري وعلى الامبراطوريات المالية الفاسدة القادمة من رحم نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك؟! أعرف بأن هذا "الهبل" الإعلامي، يسرف في هبله وفي إسفافه من باب التزلف إلى السلطة الجديدة، واستعطافها وصرف "شرها" عنه لاحقا، وحجز نصيبه من الكعكة.. أو التغاضي عن ملفات فساده، والابقاء عليها مغلقة بعد أن بات من الحبايب والمريدين والمؤيدين والداعمين.. ولكن حين يتحول الإعلام "المؤيد" إلى ما يشبه فتاة التعري في علب الليل السرية، فإنه لا يشرف أحدا.. ولا أدري تفسيرا واحدا يمكن أن يقنع بشأن رضا الكفيل الرسمي عليه .. إلا إذا كان الأمر يتعلق بسلامة قوى الكفيل العقلية وقدرته على التمييز بين ما يستقيم مع الفطرة السليمة وبين زنا المحارم في مدن الصفيح الفوضوية. الرئيس الجديد سيرث هذه المنظومة، والتي فرضت عليه، تحت دعوى الحاجة إلى "أذرع إعلامية" لتطويع وتليين الرأي العام، واخضاعه الطوعي لأوامر سلطة ما بعد الإخوان.. ولكن بعد أن ثبت فشله في حشد الناس، وإدانته في "الضحك" على السيسي نفسه، واقناعه بأنه صاحب "الشعبية الساحقة" و"المنقذ" من "الضلال" الإخواني.. وأن يوم الانتخابات سيشبه يوم الحشر، تلبية لنداء "الزعيم الخالد".. بعد فشله في مهمته تلك.. وبعد تحوله إلى عبء سياسي وأخلاقي على الرئيس الجديد، فإن فتح ملف التعاطي معه بات أحد مقتضيات الأمن القومي المصري.. فعلاقة السيسي بمثل هذا الإعلام لم تعد علاقة "خاصة" بين سياسي صاعد وعدد من الفضائيات والصحف.. وإنما هي علاقة تمس سمعة مصر كلها.. فهو إعلام سيئ السمعة و لا يشرف من يعمل معه.. والسيسي الآن لم يعد مرشحا وإنما رئيس الجمهورية، فما عساه يفعل لرتق الفضيحة التي اتسعت على الراتق؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.