في أعقاب بعض المظاهرات السلمية في الضفة الغربيةوغزة المطالبة بإنهاء الانقسام، خرجت دعوة من سلطة غزة، قابلتها مبادرة من السلطة في الضفة الغربية لإنهاء الانقسام . فهل كانت هذه الدعوة، أو تلك المبادرة، تلبية للمطلب الذي دعت إليه المظاهرات السلمية، أم إن الظرف التاريخي على الساحة الفلسطينية يستدعيها، أم هي محصلة مراجعات موضوعية خلصت إلى هذه المحصلة وتزامنت مع المظاهرات السلمية .ومنذ البداية بدا أن هناك اختلافاً في الطرح . فحماس تتمحور دعوتها حول استكمال الحوار الجاد للوصول إلى حلول لكل القضايا الخلافية، بما في ذلك الأجهزة الأمنية، وملف المعتقلين، وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية . بينما تركز فتح على البدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى التهيئة لانتخابات تشريعية ورئاسية . ومعروف أن الاختلاف بين فتح وحماس، هو اختلاف في النهج بين طرف يعتمد السلام، خياراً وحيداً، وطرف يعتمد المقاومة خياراً وحيداً . ولعل الظرف الراهن جعل الطرف الأول يواجه أفقاً مسدوداً في ظل توقف ما يسمى بعملية السلام وجمودها، أمام توسع مستمر ومتواصل في بناء المستعمرات الصهيونية . كما أن الطرف الآخر يواجه أيضاً أفقاً مسدوداً في ظل حصار خانق وتهدئة يلتزم بها على أساس التزام العدو الصهيوني بها مع أن العدو الصهيوني لا يتردد في خرقها . وفي ظل هذا الأفق المسدود ربما وجدت السلطة الفلسطينية أن عليها تحريك المشهد باتجاه المصالحة مع حماس، فقد يقلق ذلك الكيان الصهيوني، الذي يستفيد كثيراً من وراء الانقسام الفلسطيني، وربما وجدت حماس أن هذا الظرف ربما يعيطها فرصة أفضل لتحقيق مطالبها . ولعل حركة الثورة الشعبية العربية كان لها تأثيرها . ومعروف أنه في ظل الاحتلال تبدو النزعة الفردية أو الفصائلية للاستئثار بمواقع في سلطة لا تملك السلطة هو نوع من الأنانية التي تتنافى مع أي نهج وطني . ثم إن الانقسام بسبب ذلك يعتبر استهانة بتضحيات الشعب الفلسطيني وحقوقه ومطالبه . ربما يرى البعض أن أي مصالحة لن تصمد طالما ظل الاختلاف بين النهجين حاضراً بقوة وطالما كانت الشخصنة في المواقف حاضرة بقوة أيضاً .ولكن من المؤكد أن وجود إطار مؤسسي ديمقراطي حقيقي سيكون كفيلاً بالجمع بين النهجين وغيرهما، ويدشن لرؤية مؤسسية تنأى عن الفردية والفصائلية . . وشخصنة المواقف . إن الاتفاق بين فصيلين فلسطينيين مهما اختلف توجههما أو نهجهما هو مصلحة فلسطينية وأي مصلحة فلسطينية ستثير قلقاً صهيونياً، ومهما بعدت الشقة وبصرف النظر عن معطيات الظرف الراهن يظل الشعب الفلسطيني تواقاً إلى وحدة فلسطينية في إطار مؤسسي ديمقراطي حقيقي وهو ما يحفظ للقضية حضوراً قوياً وإرادة قوية وقدرة أكبر على مواجهة العدوان الصهيوني وتحدياته . ولقد جاء اتفاق فتح وحماس في القاهرة مؤخراً على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتحديد موعد الانتخابات خطوة في الاتجاه الصحيح، لا بد أن تتلوها خطوات جادة تستكمل الترتيب المؤسسي الراسخ . والمأمول ألا ينهار كغيره في السابق، كما تم التوقيع على اتفاق المصالحة بمشاركة الفصائل الفلسطينية . والمأمول أن تصمد هذه المصالحة أمام كل التحديات هذه المرة. نقلا عن الخليج: