الشجاعة يظن كثيرون أن الشجاعة هى عدم الخوف . لكن ذلك ليس صحيحاً فالشجاعة هى القدرة على التعرف رغم الخوف الشديد أو هى كما يقول أحدهم " الشجاعة هى القدرة على التصرف بسمو عند التعرض للضغوط " إلى جانب الخوف نضيف "المجازفة و الخطر و الترهيب و الغموض" فالقائد الذى يتسم بالشجاعة يكون مدركاً للأخطار التى يواجهها و لكنه مع ذلك يمضى فى سبيله و نحوغايته و هدفه دون وجل ولا تراجع . و هناك نوعين من الشجاعة عند القائد :- الشجاعة المادية : و هى الشجاعة فى مواجهة الألم البدنى أو الصفات الجسدية . و أما الشجاعة المعنوية : فتتمثل فى قدرة القائد على التصرف على نحو صحيح وقت و فى وجه المعارضة العامة أو التضحية الشخصية أو الفضائح العامة و الخاصة . تعد الشجاعة من أشهر الأفكار التى يستقى منها الأدب العالمى فكرته عن القيادة و القادة العظام فالشجاعة تعنى لديهم إتخاذ موقف ريادى فى أى صراع و هذا يعنى "المواجهة "بمعنى التعامل مع الحدث بما يناسبه" و التعبير و تسوية الصراعات و إعادة إنتاجها بذكاء و قوة و دهاء و قد يكون ذلك على حساب الحرية الشخصية و المصلحة الذاتية فالقائد الحقيقى يقبل بشجاعة كل الظروف كجزء من عمله فهو الذى يحدد المسار و يختار المقدمات التى ستفضى إلى النتائج. القيادة ليست لضعاف القلوب فالعلاقات الإنسانية تنطوى على صراعات واينما اجتمع إثنان أو أكثر من البشر تتنازع مصالحهم و عندما تستند الصراعات تظهر المنافسة القوية و ربما أيضاً بعض العنف يحدث هذا أو أكثر عندما يتعلق الأمر بالصراع على الأرض أو المال أو المعتقدات الدينية او المذاهب السياسية . و بعبارة بسيطة الشجاعة هى مستوى عميق من توازن الإنسان و مركزيته و هى إلتزام عاطفى بما يفعله المرء أو ما يعتنقه من قيم أساسية و بقيمة رسالة المؤسسة التى يتبعها لأنها تتطلب تصرفاً قد لا يبرر منطقياً من حيث نتائجه قصيرة المدى , فقد يملى التفكير الموضوعى على المرء إلتزام الصمت أو المحافظة على النفس ، لكن الشجاعة تهدف إلى ما هو أكبر من ذلك وهنا تنسجم شجاعة القائد مع " الاستقامة " فلا يبتعد الشجعان بسهولة عن مبادئهم الأخلاقية حتى فى مواجهة الضغوط الشديدة أو الشك أو المعارضة بل يتصرفون و عينهم على المستقبل المشرق و الرؤية بعيدة المدى مهما كانت النتائج و بغض النظر عن الصعوبات . الذكاء العاطفى يحفل التاريخ برجال كان بوسعهم غزو العالم لو تمكنوا من غزو أنفسهم كان "نابليون" قائداً عسكرياً عبقرياً و لكن تسببت عجرفته فى هزيمته و كان "هنرى الثامن" ملكاً ذكياً متعدد المهارات لكن شهوته أدت إلى إنغماسه فى ست زيجات وإفراطه فى تناول الطعام ومعاناته من إنحرافات مزاجية عنيفة أوشكت على القضاء على الخزائن الإنجليزية آنذاك . لا يختلف القادة المعاصرون كثيراً عندما يسمحون للشر بالقضاء على أفضل ما لديهم فجنون الإضطهاد هو ما قضى عى "نيكسون" أما " ماريون بارى جونيور" الذى شغل منصب عمدة "واشنطن" فقد ضاع مستقبله بسبب إدمان الكوكايين , و أدت سمعة "جون ماكين" سيناتور أريزونا كمنشق شديد الحماس إلى إعجاب المصوتين المستقلين به عند ترشحه للرئاسة فى أمريكا فى حين إعتبره كثيرون شخصاً متقلب المزاج لا يمكنه السيطرة على أعصابه و فى القطاع الخاص تتم إقالة المديرين التنفيذيين الذين لا يتحكمون بجماح غضبهم أو يعانون من تقلب المزاج أو إدمان المواد الضارة المخدرة . على القائد إدراك نقطة ضعفه كما يدرك نقاط قوته لأن القيادة تتطلب ذكاءاً يحمل عقلاً ناضجاً .، و يشير الذكاء العاطفى إلى مهارات التفوق الذاتى و القدرة على إدراك الصلة بين ما نشعر به و ما نفعله و التحكم فى هذه الصلة و تطويرها .فالتفهم الذى ذكرته آنفاً هو قدرة المرء على ملاحظة الملامح العاطفية للآخرين , أما الذكاء العاطفى فيشير إلى قدرة الشخص على إدراك مشاعره الخاصة . و القادة يعملون تحت رقابة دقيقة و يواجهون متطلبات و بالتالى يكون لمستوى ذكاء القائد العاطفى تأثير هائل و بدونه لا تكفى الحماسة أو الرؤية أو التفهم لمساعدة القائد على النجاح . الشغف يخلط كثير من الباحثين فى علوم التنمية البشرية و صناعة الرموز أو النجوم بين سحر الشخصية و بين الشغف و الفرق بينهما كبير . فالشغف يصف شيئاً أساسياً فى القائد شيئاً يتعلق بإحتياجاته الأساسية , أما سحر الشخصية فهو ميزة خارجية أو كاريزما جسدية أو صوتية أو هيئة قد لا تعكس بالضرورة ما فى داخل المرء . فيمكن للأشخاص الساحرون أو الكاريزميونان يكونوا مقنعين للغاية و جريئين و فاتنين , لكن سحرهم و تألقهم يكون خادعا مزيفا تمثيلاً وان كان بارعا . و هنا تذكر العديد من القادة لم يكونوا ساحرين أو كاريزميين مثل "هنرى كسينجر" أو "ميشيل بلومبرج" كانوا يتمتعون بالشغف و الدافعية الذاتية و كانوا بعيدين كل البعد عن سحر الشخصية . فى القادة الناجحين تكون هناك ناراً متقدة داخلهم لكننا لا نراها أبداً . الشغف يصف الدافع لدى القائد بحالة من العاطفة و التصميم و قد يكون هذا الشغف واضحاً فى صورة إنفعالات حماسية و عاطفية و قد يكون أقل وضوحاً لا نراه من بعيد و لكنه محرك داخلى قوى يدفع القائد إلى الأمام . لماذا إذن الفشل فى إختيار القادة الحقيقيين ؟ لأن السمات السابقة لا تعرب عن نفسها بسهولة فهناك من يداعبها ؟ و هناك من يصطنعها و يمثل ؟ و هناك من يمتلكها ولا يعرب عنها ولا يظهرها ؟ و هناك من يمتلك جزء منها قل أو كثر دون أن يكتمل نسيجها و مزيجها فى شخصية فيغلب عليه الإحجام دون الإقدام . و على الرغم من أن السمات السابقة كلها مهمة تبقى الإستقامة و الشجاعة هى السمتان الأقوى و الأهم و الأولى لتحقيق التكامل و التوازن فى الشخصية القيادية و الثانية تصنع السمات الأخرى موضع التطبيق . و هنا ينبغى للقائد أن سأل نفسه ثلاثة أسئلة ؟ هل أعرف نفسى ؟ هل يمكننى التحكم فى نفسى ؟ هل أبحث عن أساليب للتطوير الذاتى ؟ عندما تجيب بنعم ستعرف أنك يمكنك أن تكون قائداً فعالاً تصنع مجداً . أما إذا الإجابة بلا فلن تستطيع قطعاً قيادة نفسك فضلاً عن قيادة الآخرين . د. محمد زويل خبيرالادارة والقيادة الاداارية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.