إختيار قادة جيدين فى حياة الأمة أمر صعب بلا شك . و نحن سيئون فى هذا ولا ريب . فكثيراً ما نشكو من تدنى أداء من يديرون الشركات أو المؤسسات أو الحكومات او الدول و نتحسر على عدم كفاءتهم و لا مبالاتهم و إنكفاؤهم على مصالحهم و إفتقارهم للقدرة على التعامل مع المشكلات و قيادة الأمة إلى المستقبل . و نحن عندما نقرر التخلص من القادة الفاشلين فإننا نكرر نفس النماذج فنجد أنفسنا قد عدنا إلى نقطة الصفر فلماذا يحدث هذا ؟ لماذا لا نحسن إختيار قادة فاعلين ؟ يكمن هذا فى سببين من وجهة نظرى : أولاً: عدم وضوح سمات القائد؟ فى فهم و ذهن الكثيرين ممن يختارون . و نقصد بسمات القائد هى الصفات النفسية و العقلية التى تنشدها فى المرشح المحتمل للقيادة فهل يجب ان يكون ذكياً مبدعا مثلاً ؟ ا هل يجب ان يكون تحرريا في الاقتصاد و العلاقات ؟ هل يشرط ان يكون اكاديميا " تكنوقراط "؟ و أى من هذه الخصائص أكثر أهمية من الأخرى ؟ فاذا ما وفقنا فى الإجابة على هذا السؤال حتى تواجهنا مشكلة تحديد هل يمتلك المرشح هذه السمات أو لا ؟ و هنا يأتى العامل الثانى و هو : ثانيا : كيفية الإختيار؟ هل السمة المنشودة واضحة ؟ هل يمكن قياسها ؟ كيف يمكن قياسها ؟ هل المرشح مخادع ؟ كيف نقارن بشكل صحيح و على نحو عادل بين المرشحين ؟ أعتقد أن هناك سبع خصائص أساسية تميز القادة الجيدين و بين القادة السيئين و هى : الإستقامة – الرؤية– الحكمة - الشجاعة - الذكاء العاطفى – التفهم – الشغف . نبدأ بالإستقامة:-الإستقامة هى السمة الأساسية فى أى قائد فلا يمكن لأحد القيادة بدونها " أن تستقيم بلا إعوجاج و لا تروغ روغان الثعالب " الإستقامة مثل أساس أى مبنى فهى ليست أول مل يلاحظه الناس لكن بدونها لن ينفع أى ديكورات ولا مكملات و لا محسنات و لا حملات و القائد المستقيم قد يفتقر إلى الرؤية أو الحماس مثلاً و تحقيق نتائج إيجابية على نحو إرتجالى أو يتسبب فى أزمات مؤقتة لكن ينبغى الحذر من القادة الذين يبهروننا بجاذبيتهم الشخصية و ذكاؤهم الإجتماعى على حساب الإستقامة الأخلاقية التى هى الأساس . تمثل الإستقامة جانباً معقداً من شخصية الإنسان فمعظمنا قد لا يدرك معنى هذه القيمة و لذا نواجه صعوبة فى تصنيفها عملياً و الإستقامة تشمل “الأمانة- الثبات على المبدأ -الأخلاق الأصيلة التى لا يختلف عليها البشر_ الوفاء -عدم تناقض الأفعال مع الأقوال - العدل مع الناس- تقدير قيمة الحياة -ترك الظلم” فمن لم يتسم بذلك صار مع بينوشيه و تشاوشيسكو و برويز مشرف و بن على و القذافى و هلم جرا . الرؤية :كثيرا ما يساء استخدام مصطلح الرؤية شأنه في ذلك شأن القيادة ذاتها ،فيتعامل معه الخبراء كما لو كان مفهوما شاملا يجمع كل مالا يمكن تفسيره وهذا مؤسف لان الرؤية" تصور للمستقبل " من أهم سمات القيادة اذ يعد امتلاك الرؤية المرشدة والتمسك بها جوهر القيادة الناجحة فبدون الرؤية لاقيادة . كيف يمكن لانسان إقناع الناس بالتضحية بوقتهم وجهدهم وما يملكون دون أن يوضح لهم ما سيجنونه في المستقبل ؟ انه ضرب من العبث والاستخفاف بالعقول واللعب علي المشاعر فقط والتضحية باغلي ما يملك الانسان . تخيل "الرسول " صلي اله عليه وسلم " في الخندق يواجه جيشا جرارا ويقدم اصحابه للموت بدون ثمن ." الله اكبر اعطيت مفاتيح كسري " " والله ليبلغن هذا الامر ما بلغ الليل والنهار " . تخيل كولومبس يحاول الحصول علي تمويل من اسبانيا واقناع بحارته بالعمل الشاق لشهور دون أن يملك رؤية مقنعة للعالم الجديد وما سيعود به من مجد وثروات لشعبه وامته .تخيل جون كينيدي يحاول حشد امريكا حول برنامج فضائي طموح دون أن يتصور الحرية والتقدم ومستقبل غزو الفضاء. من الحكمة النظر للمستقبل ، ولكن من الصعب النظر إلي ابعد ما يمكن للعين ان تراه .لذا فغن عدم امتلاك رؤية مستقبلية هو احدي مشكلات حياتنا اليومية فلا يتمكن معظمنا من رؤية أبعد من الفق المرئي .ورغم سعة بصيرتنا ايام الطفولة ، فإننا نفقدها تدريجيا ، ونتحول الي كائنات روتينية ، حتي نصبح مقيدين ابلقواعد والتوقعات المفروضة من الواقع المحيط بنا ، فنفقد طوحنا وننسي أحلامنا ونخسر تفاؤلنا ، فلا نفكر دائما بأن الفضل لم يات بعد . يتسم القادة ذوو الرؤية باتساع بصيرتهم وجمح خيالهم علي نحو مفرط ، فيمكنهمالتطلع للمستقبل بشئ من الأعجاز والإيمان بإمكانية تحقيقه .يركز اغلبنا علي ما سيحدث في الاسبوع القادم او علي التقرير الربع سنوي ، أو النتخابات التالية ، بينما يركز القادة ذووالرؤية إلي ماهو أبعد من الواقع والالهاءات الحظية لتوصلوا إلي أفكار عظيمة .وللحديث بقية . د.محمد زويل خبير الادارة والقيادة الادارية . E:mail: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.