ليست المرة الأولى ، ولن تكون الأخيرة ، كثيرا ما كنا نتوقع ذلك ، فلم يخذلنا أحد فى سوء الظن ، حتى أضحى ظننا السيىء فيهم هو حُسن ظن ! ،نعم ،فقد أضحى الأمر يمر مرور الكرام دون محاسبة أو عقاب، وكما أن لا شرع هناك نستند إليه فى التحريم والتجريم ، كما أن لا دستور و لا قانون ، كما لو أن لا كرامة "لأسود" فى وطنه !. ففى الوقت الذى نحتمى نحن فيه فى "الغرب" بقوانين تجرم السخرية اللونية ، نُهان و تُحتقر ألواننا فى مصر ، فكل جريمتنا أننا داكنى البشرة "سود" اللون ، خلقنا الله على هذا و نعتز بأنفسنا ، بينما ينفر منه و يسخر ويحتقره - كثيرون أو قليلون - ويتخذونه ماده للإضحاك و "التريقه" ! كتاب مُغرض ، أغنية أو مقطع منها يغمز بكل خبث ، رسم كاريكاتيرى مسيىء ، فيلم يتخذ من "أسود أو سوداء" مادة للتنكيت و الأضحاك والسخرية و التنفير و الازدراء ! لقد أضحت "العنصرية" أمرا معتاداً لا يهم أحد، لماذا الأهتمام ؟ فهم لا يشعرون و لا يعيشون تجارب مؤلمة لنا ، لكن الأسوء منها ليست تجاربنا كرجال لأننا كفيلين بالرد بل هى تجارب أخواتنا و بناتنا "المُحرحة" و المؤلمة معاً
مايدعوا للغرابة هو ،إن شكونا ، خرج علينا مُدعى "الوطنية" بأن الأمر لا يتعدى بعض التجاوزات القليلة وما هى إلا أعمال فردية ، وعلينا إلا "نكبر الموضوع" ! لان هناك من يتربص بالبلاد ! كما لو أن السكوت هى الوطنية نفسها و أن مجرد الشكوى أو التذكير بأن هناك من تمارس عليه أعمال عنصرية ، هى الجريمة الكاملة ذاتها ! هم لم يقولوا لنا ما العمل سوى الصمت ، بل لم يساعدوننا فى إصدار قوانين تجرم مثل تلك الممارسات ، بل أنهم أنفسهم الذين يرفضون مجرد مناقشة قضية العنصرية اللونية
نعم ، هناك عنصرية لونية ، هذا هو التوصيف الدقيق للحالات والممارسات الكثيرة التى عشناها ، نعم توجد عنصرية اياً كانت خلفياتها فهى عنصرية ، والذى لا يدرى أنه يقوم بعمل يوصف قانونيا بالعنصرى معتقداُ أنه يمزح ، أو أنه يجهل توصيف العمل ، لا يعفىه من مسئولية أن فعله القولى أو العملى ، قد تسبب فى ألم الأخرين والحط من قدرهم
و قد يتفلسف أحدهم ، مدعياً أن السماح بدخول المدارس ، والحق فى الترشح الإنتخابى ، والعمل هنا أو هناك يعد مخالفاُ لما نشير إليه بوجود عنصرية لونية ، أو أن وجود الفنان "محمد منير" على رأس قمة الغناء المصرى ، أو تقلد بعض الشخصيات منا مناصب سياسية رفيعة أو غيرها تنفى تلك الإتهامات ، لكنى أذكره بأن "العنصرية" الغير مقننه هى أكبر أنواع العنصرية عمقاُ و أشدها قبحاً والتى تعصى عن المواجهة ، لاننا هنا لا نجد مادة قانونية نستطيع أن نواجهها دستورياً، ولكن نواجة تراث عميق من العادات والتقاليد والتنميط العنصرى الغير مقنن ولكنه قابع ،ساكن فى عقول الأميين و المتعلمين معاُ ،مما شكل حالة من اللاوعى يعبر بها وعنها البعض دون أن يدرى أن مايمارسة هو عمل من أعمال العنصرية أو هو يدرى .
نعم ، فهناك عدة ممارسات عنصرية صدرت من بعض الشخصيات ، منهم وزراء ، و مُدراء وكُتاب ، و فنانين ، وضباط ، و رسامى كاريكاتير والاخيره منها كانت بريشة "فاطمة حسن" بجريدة أخبار اليوم القاهرية أول أمس ، وبرغم كونها إمرأه فقد أهانت بريشتها كل النساء وليست الداكنات البشرة اللاتى منهن النوبيات ، ولم يكن رسمها هذا هو الأول ولكن الثالث على التوالى الذى تسخر من اللون "الاسود" فيه وتحط من قدره وتهينة تحت إدعاء" الأبداع الفنى " مرة ، و أخرى ، تحت إدعاء أنها سمراء كما لو أن سمارها - إن صدقت - يعطيها الحق فى رسم كاريكاتير مُنفر وعنصرى عمن هن أكثر منها دكانة لونية !
نعم أن فى مصر "عنصرية" ومن يرفض وجود قضية لهو مشارك فى الجريمة ذاتها ، لان الإقرار بوجود "مرض" هو أول خطوات العلاج ، والعلاج الذى ننتظره هو حتمية صدور قوانين تجرم مثل تلك الأعمال ، و أن يقدم مرتكبيها للقضاء و أول من نريد أن تكون مثالا على ذلك ، هى "فاطمة حسن" الرسامة بجريدة أخبار اليوم . فهل تكون هذه هى رسالتنا بلاغ إلى المدعى العام ؟ هل تكون هذه رسالتنا أيضا إلى وزراء الثقافة ، و الإعلام ، والتربية والتعليم ، وشيخ الأزهر حتى يقوموا بمتطلبات مكافحة ومجابهة العنصرية اللونية ؟ ام أن الأمر لا يتعدى مجرد سيبوكم منهم "دوول شوية سود "؟!! إنا لمنتظرون ، مذكراُ الجميع بقولة عز وجل :