قال وزير الداخلية منصور العيسوي في لقاء مع إحدى الفضائيات إن النائب العام عبدالمجيد محمود اتصل به لأنه متخوف من وجود أركان نظام مبارك في مكان واحد داخل سجن مزرعة طرة، فذلك قد يؤدي إلى توافقهم على أقوال تؤثر على التحقيقات، وأنه – أي الوزير – أجابه بأن توزيعهم على عدة سجون صعب جدا بسبب عجز القدرات الأمنية. الوزير رد أيضا على قرار النائب العام بنقل علاء وجمال مبارك إلى النيابة العامة للتحقيق معهما، بعدم قدرة "الداخلية" على تأمينهما خارج السجن، وطلب أن تحضر النيابة إلى المزرعة. إننا إذاً أمام وزير داخلية يعترف بالعجز الأمني، ولا يستطيع تأمين وقوف النجلين أمام النيابة العامة في مقرها، وهذا غير مقبول إطلاقا، لأنه إذا عجزت قدرات وزارة الداخلية على حماية عشرة أو عشرين مسجونا مهما علت أهميتهم، في سجون وزنازين متباعدة، فلن تكون قادرة على تأمين المجتمع. تخيل أن يتجمع كل هؤلاء الأكابر السابقين في مكان واحد.. يلعبون الكرة ويقيمون الولائم ويدخلون المسجد ويجلسون في الكافتيريا، ثم يعزمون بعضهم بعضا على "سهراية" في الزنازين أو فوق السجادة الفاخرة التي يفترشها هشام طلعت مصطفى في الممر الداخلي للعنبر! وزير الداخلية نفسه يدرك خطورة ذلك، فقد طلب من النائب العام تحديد الاسماء التي لا يجب أن تكون في زنزانة واحدة أو في عنبر واحد.. وهو يعني أن الشخصيات التي تؤثر أقوالها على سير التحقيق سيفصلون عن بعضهم. ولا أدري كيف يتاح ذلك إذا لم ينقلوا إلى سجون متعددة؟!.. ثم إنهم أركان نظام واحد متهمون بتهم واحدة أو قريبة الصلة ببعضها. الخطورة ليست في التأثير على التحقيقات، ولكن في امكانية توجيه رجالهم خارج السجن نحو تحركات معينة، فرغم الحديث عن سحب هواتفهم المحمولة، إلا أنها معهم ويستطيعون التحدث منها بحرية. مثلا يوجد هاتف محمول مع كل من ابراهيم كامل وأحمد نظيف. بل إن هاتف هشام طلعت مصطفى الذي يكلم منه أسرته، ويطلب من خلاله الوجبات الفندقية المعتبرة.. هذا الهاتف على درجة من الكرم بحيث يمكن أن يتبادله أركان النظام. كما أن نجلا مبارك تحدثا إلى والدهما بعد دخولهما مزرعة طرة، واطمئنا على أن والدتهما السيدة سوزان ثابت لم يحقق معها، وبعدها تلقيا التهاني من زملاء السجن، ولا يعقل أنهما تحدثا من "كابينة"! إدارة السجن أعلنت عن قيامها بالتشويش على الاتصالات، وهو اعتراف ضمني بدخول الهواتف المحمولة مع الكبار. لا يوجد نظام كامل يُسجن في عنبر واحد. هذه حالة شاذة واستثنائية لم تحدث في العالم كله، وعلى وزير الداخلية أن يتخلى عن تخوفات غير مبررة، ف"جوز غفر" ببنادق عادية وليست قوات شرطة مجهزة يمكنهما تأمين أي مسجون كبير في أي سجن من أرض مصر. نعم احتياطات الأمان واجبة، والشرطة لم تعد لها امكانياتها السابقة. لكن من قال إن الجهاز الأمني ينحصر فيهم وحدهم. هناك أجهزة أمنية أخرى من المفترض أن تمدهم بما ينقصهم من معلومات مسبقة وتحريات وقدرات . إجابات منصور العيسوي على أسئلة مقدمي البرامج التلفزيونية التي استضافته جعلتني اتشكك حول المامه بالدواعي والمتطلبات الأمنية، فقد قال إنه لا يعرف شيئا عن القناصة الذين اغتالوا المتظاهرين بأسلحة تلسكوبية موجهة بالليزر، فهي أسلحة لا تملكها الشرطة رغم أن بعض هؤلاء القناصة اعتلوا سطح وزارة الداخلية يوم 28 يناير. من هؤلاء؟.. أجاب أنه لا يعرف ولكنهم قد يكونون بلطجية الحزب الوطني؟!.. وهو تصريح خطير له تبعاته، فمن أين أتى هؤلاء البلطجية بأسلحة متطورة وكيف تدربوا عليها تدريبا دقيقا، ولماذا لم يحقق فيها الوزير حتى الآن، وهل يكفي أن يتركها للجنة تقصي الحقائق كما قال؟!.. الذي كان يتسرب دائما أن حبيب العادلي أسس قوات موازية من ميليشيات البلطجية وأرباب السوابق، بهدف تنفيذ خطة توريث جمال مبارك عندما يختفي والده من الدنيا فجأة، فيقوم هؤلاء بنشر الفوضى عقب تفريغ البلاد أمنيا، ويصبح جمال حينئذ الخيار الوحيد والمنقذ. وعندما انهار الأمن يوم 28 يناير عجل العادلي بهذه الخطة عقب اقالته من منصبه، فتفكك الأمن وفتحت السجون التي قال العيسوي إنه لا يعرف حتى الآن من اقتحمها، لكنه لمح إلى جهات خارجية عندما تساءل عن كيفية اخراج مساجين حماس وحزب الله ووصولهم إلى قطاع غزة خلال أربع ساعات فقط رغم طول الطريق وانتشار الكمائن..! لن يستطيع العيسوي إعادة الأمن الكامل بدون أن يجري تحقيقا محايدا ومتعمقا في خلفيات ما جرى يوم 28 يناير وما بعده. أسلحة القناصة الموجهة بالليزر مجهولة حتى الآن، وهي مسألة خطيرة لا يجب تركها للظروف والاجتهادات ولمقولة "لا أعلم"! [email protected]