ثلاث أعوام بالتمام والكمال مرت على اندلاع الثورة السورية، ويظل الصراع مستمر دون أى اشارة على قرب انتهائه، ولا تزال الأزمة الإنسانية للشعب السورى تتفاقم ، والمجتمع الدولى صامت وشاهد على كل هذه المهازل وعاجز عن تقديم أى حلول فورية وعاجلة لإنهاء الازمة. حوالى 146 ألف قتيل و9 ملايين لاجىء نصفهم من الأطفال منهم مليونين و600 ألف فى دول مجاورة ، ونزوح 6.5 مليون منهم داخل البلاد هى حصيلة هذه السنوات الثلاث ، وهاهى الأزمة السورية تبدأ عامها الرابع والرئيس السورى بشار الأسد صامداّ وثابتاَ فى مكانه معتمداَ على الدعم الروسى والإيرانى له ومدعوماَ بمقاتلى حزب الله اللبنانى فى معاركه الميدانية، والمعارضة السورية منقسمة على نفسها وتخسر المزيد من المواقع ، وأصبحت سوريا مرتع للجماعات الإرهابية يستبيحون أراضيها ويسعون فيها فساداَ وقتلاَ وتخريباَ. الفاعلان الدوليان الرئيسيان فى هذه الأزمة هما روسيا و الولاياتالمتحدة ، الأولى تؤيد وتدعم نظام بشار الأسد ولبقائه على رأس السلطة، والثانية – ومعها عدد من الدول الغربية والعربية – رافضة تماماَ لبقاء بشار الأسد وتدعوه للتنحى وبحث تشكيل حكومة انتقالية تتولى زمام الأمور فى سوريا، والنتيجة مشاورات و لقاءات ومؤتمرات تعقد (وعلى رأسهم مؤتمرا جنيف 1 و2) بلا أى فائدة وبلا أى نتائج حقيقية على أرض الواقع، بل على العكس فى كل مرة تعود الأزمة الى المربع رقم صفر، فمن الواضح أن القوى الدولية لا تأبه بالكارثة السورية ولا يعنيها طول أمد الصراع. ومازاد الطين بله هو تلميح الرئيس السورى بشار الأسد الى عزمه على ترشحه لولاية رئاسية أخرى فى الإنتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها هذا العام، فى اشارة واضحة على عدم استعداد النظام السورى الى المصالحة أو تغيير الوضع الحالى ، والى استمرار هذه الأزمة ربما لسنوات وسنوات مقبلة. وعلى الجانب الأخر نجد المعارضة السورية تعانى من الإنقسام والتشرذم، ولم تعد موحدة كما كان الحال فى بداية الأزمة ووصلت حدة الاقتتال والمواجهات فى الآونة الأخيرة بين قطبى المعارضة المسلحة فى سوريا، وهما الجيش السورى الحر والمقاتلين الإسلاميين، إلى حد المواجهة العسكرية المباشرة فيما بينهما، وباتت الاختلافات العقائدية والأهداف الاستراتيجية تفرق بينهما مما أسقطهم فى فخ الصراع الداخلى، وزاد من ضعف المعارضة بما يطيل عمر نظام الأسد ويخدمه عن أى وقت مضى. ويبدو أنها حرب بلا منتصرين، فلا نظام بشار الأسد ولا المعارضة المسلحة سواء كانت الجيش السورى الحر أو أياَ من التنظيمات الجهادية قادر على حسم هذه الحرب عسكرياَ. وأصبح واضحاَ وضوح الشمس أن الكل يعمل لمصلحته الشخصية ، وأن لا أحد سواء من الداخل السورى أو من الخارج يمتلك الإرادة السياسية الحرة لوقف نزيف الدم اليومى ، حتى الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية فشلتا على مدار 3 سنوات فى حل الأزمة أو على الأقل تقديم مقترحات مجدية وملموسة يمكن أن يعول عليها لحل الازمة. ما يشغلنى شخصياّ على الأقل فى هذه المرحلة ومع كل الدلائل التى تشير الى اطالة أمد الحرب والصراع الدائر فى سوريا،هو التخفيف من معاناة الشعب السورى الشقيق الذى تحمل ما لا يتحمله بشر من ذل وخنوع ويأس، بالإضافة لتعرضه الى كل أنواع القصف والقنابل والرصاص والأسلحة التي مازالت تنهمر عليه، وتخطف أرواحه بلا أى ذنب ، ومع ذلك مازال صابراَ وثابتاّ وواثقاّ فى الله أملاَ فى غد أفضل و طلباّ للحرية واسترجاع الكرامة الإنسانية. فلابد من اتخاذ تدابير عاجلة لإنقاذ المدنيين السوريين وحمايتهم من وحشية نظام بشار الأسد ووحشية الجماعات الجهادية والإرهابية، مع ضرورة الوصول حل جذرى للأزمة السورية بعيداَ عن المصالح الشخصية وحسابات الربح والخسارة وبعيداَ عن المواءمات والمساومات الإقليمية والتوازنات الدولية، لأن كل كل دقيقة تمر تزيد من معاناة السوريين وتعقد الأزمة أكثر واكثر.