الهجمة العلمانية التنويرية الحالية ستبوء بالفشل الذريع وستكون نتائجها عكسية تماما ، فقد فتحت الحرية بسقفها العالي وسيطرة عتاة العلمانيين علي مفاصل الإعلام شهية الهجوم علي الاتجاه الإسلامي وترديد النغمة المملة إياها ، مع انتهاز فرصة كل ثغرة في كلام أحد شيوخنا الأفاضل لتكون تكئة للهجوم و إلقاء الاتهامات . ومع ذلك لن ينجحوا في تحقيق مقاصدهم في تغيير وجهة المجتمع نحو العلمانية مهما زينوا وجهها بالحرية والديمقراطية والتقدم ، والدليل أن ذلك قد حدث في مصر من قبل وفي ظروف أفضل وكانت النتيجة ليست مجرد الفشل ولكن أيضا صعود التيار الإسلامي . عندما تفتحت عيناي علي الحياة كان التليفزيون في بيتنا يقوم بهذا الدور بلا منافسة فمنذ نشأة التليفزيون وخلال فترة السبعينات والثمانينات كان الاتجاه العلماني منفردا بالساحة تماما ، حيث لا يوجد قنوات إسلامية ولا فضائيات ولا إنترنت ، كانت الأفلام والمسلسلات والبرامج الإخبارية كلها تدفع في اتجاه التحرر والعلمانية وخفت صوت العلماء واختفت المظاهر الإسلامية من الشارع بشكل كبير . ومع ذلك لم يكن خيار الفتيات التي تربت أمام هذا القصف الإعلامي المتواصل وهذا العزف المنفرد هو تقليد فتيات الشاشة أو ترديد مقولات مفكريها ولكن كان اختيارا مختلفا ومفاجئا ، اخترن الحجاب والنقاب الذي لم يكن معروفا في مصر وقتها ، أتذكر كيف كان وقع هذه الصدمة علي رائدة الصحافة النسائية التنويرية ( أمينة السعيد ) التي شعرت أن كل ما فعلته هي وجيلها كان هباء و أن البنات الصغيرات قلبوا المائدة علي رأسها . ذلك لأن الإعلام الذي يقدم رأي النخبة المسيطرة فقط ويحاول أن يفرضها علي الناس من فوق لايمكن أن ينجح ، الناس تشاهده لمجرد التسلية ولكنها لا تتأثر به لأنه ليس نابعا منهم ولا يمثل ثقافتهم ، ثقافة الشعب المصري تتلخص في أنه شعب متدين محافظ ويحترم العمل والسعي من أجل لقمة العيش . ثقافة الشعب المصري يقع الدين في قلبها ولا يمكن تحت أي ظرف أن تقبل به مساسا ، ولذلك عندما تحدث الشيخ الجليل محمد حسين يعقوب عن انطباعه بعد الاستفتاء وعاتبه البعض فاعتذر بما يليق من أدب وتواضع العلماء ، انهمرت المقالات الناقدة والمستهزئة والتي تهول وتؤجج الفتنة وتعطي الأمر أضعاف حجمه وما هي النتيجة ؟ انظر للتعليقات في تلك الصحف تجد أن السهام المسمومة ارتدت لصدور كتابها ، فالغالبية من القراء تهاجم الكاتب وتنتصر للشيخ . هو أيضا شعب محافظ تفتخر نساؤه بالعفة والشرف والاحتشام ، وشعب يحب الاستقرار لأنه المناخ المناسب للعمل والسعي في الأرض والحصول علي الرزق لتربية العيال و تأمين الأسرة . الإعلام الناجح والمؤثر هو الذي ينبع من الشعب ويعبر عنه ، عن رغبة شبابه في فرص العمل الشريف وتطلع فتياته للزواج والستر وكفاح الجندي المجهول في كل بيت ( المرأة المصرية ) التي تتفاني في العطاء وتبذل روحها فداء لأولادها ووفاء لزوجها ، وبطولة الرجل المصري الأصيل وشهامته في كل مجال ، عن الكرامة والنخوة وتكاتف الجيران وعن ضرورة التفرغ للبناء بعد الثورة كما عبر عن ذلك شيخنا الملهم ( الشعراوي ) رحمه الله في كلمته المؤثرة ( الثائر الحق ) أما إعلام صالونات ( النخبة الأليطة ) المتغربة والتي تحيا في أبراج خاصة ، طوبة فلسفة وطوبة مصالح ، فإنه ليس فقط فاشل ولكن يؤدي لإثارة الفتن والحساسية بين أبناء الوطن الواحد ، وعندما نتكلم عن ثقافة الشعب المصري فالمقصود المسلم والمسيحي ، وإذا كانوا دائما يصدعوننا بألا يقترب الدين من السياسة فلماذا حاليا تتحرش السياسة بالدين ؟ [email protected]