الاثنين 29 سبتمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    الانتهاء من إصلاح كسر في خطوط مياه الشرب بمدينة طور سيناء وعودة ضخ المياه    29 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    مرصد الأزهر: ارتفاع معدلات انتحار الجنود تكشف تآكل معنويات الجيش الصهيوني    بيان روسي: إسقاط 78 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    الحوثيون يعلنون تنفيذ عمليات نوعية على أهداف للاحتلال    التوريس يقود مباراة مصر ونيوزيلندا في مونديال الشباب بتشيلي    اليوم.. الأهلي والزمالك وجهاً لوجه في كلاسيكو تصحيح المسار    مصرع 6 أشخاص وإصابة 15 جراء حادث تصادم أتوبيس وتريلا في المنيا    طقس الإسكندرية اليوم: أجواء خريفية وحرارة عظمى 30 درجة    مهرجان هولندا لأفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يكشف عن جوائز دورته السادسة    الرعاية الصحية تطلق أول وحدة متكاملة للتخاطب والتأهيل بجنوب سيناء    رئيس جامعة جنوب الوادى يعقد اجتماعا لمتابعة معدلات الإنجاز فى تطبيق "صيانة"    غرق السودان يكشف خداع إثيوبيا، وخبير مائي: فيضانات سد النهضة خطيرة وغير طبيعية    «الأمن» يحدد المحظورات في «مباراة القمة».. وتشديدات لمنع الشماريخ والليزر    استقرار أسعار الذهب اليوم الاثنين في السوق المحلية    رئيس البرلمان الإيراني: الغرب أساء استخدام المفاوضات لتفكيك قدرات طهران الصاروخية    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    استشهاد 18 فلسطينيا جراء قصف الاحتلال مناطق متفرقة بقطاع غزة    سمير فرج: الحرب القادمة في المنطقة ستكون حول الغاز الطبيعي في البحر المتوسط    اليوم.. احتفال بانطلاق مسلسل «ولد بنت شايب» قبل عرضه على المنصات الإلكترونية    الأزهر للفتوى قبل لقاء القمة : التعصب الرياضي والسب حرام شرعا    الفريق أول عبد المجيد صقر يلتقى وزير الدفاع الصومالي    في اليوم العالمي للقلب 2025.. 7 نصائح للحماية من أمراض القلب    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في بورسعيد    هل كل الأطعمة تحتاج إلى إضافة الملح لإكسابها نكهة أفضل؟.. «الصحة» توضح    أخبار متوقعة ليوم الاثنين الموافق 29 سبتمبر 2025    رابط نتيحة طلاب المدارس الفنية للالتحاق بكليات الزراعة بالجامعات الحكومية    القبض علي المتهم بإشعال النيران في شقة ابن خالته بالزيتون    موعد إجازة نصف العام لطلاب المدارس تبدأ 24 يناير وتنتهى 5 فبراير 2026    «افتكر اني قولتلك بلاش».. ماذا قال محمد هنيدي على مباراة القمة بين الأهلي والزمالك؟    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الإثنين 29 سبتمبر 2025    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 29-9-2025 في محافظة الدقهلية    مواعيد مباريات اليوم في دوري أبطال آسيا والقنوات الناقلة    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025.. هل تُرحل إلى الخميس؟    أسعار الدواجن البيضاء اليوم الاثنين 29-9-2025 في الدقهلية    لماذا يرتفع الكوليسترول عند الشباب؟.. الأسباب وطرق الوقاية    مصرع 8 أشخاص وإصابة 14 فى حادث تصادم أتوبيس وسيارة نقل بصحراوى المنيا    وفاة 8 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث انقلاب أتوبيس بصحراوي المنيا    موعد مباراة منتخب السعودية ضد كولومبيا والقنوات الناقلة في كأس العالم للشباب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-9-2025 في محافظة الأقصر    وكيل تعليم الإسكندرية يكشف حقيقة صور المقاعد المتهالكة بمدرسة تجريبية    شمس البارودي تتصدر تريند جوجل بعد حسمها الجدل حول عودتها للفن    «الجمهور صدق».. كارولين عزمي عن ارتباطها ب أحمد العوضي    ميدل إيست آي : السيسى لم يمنح الضوء الأخضر لأسطول الصمود وتهديدات وضغوط أمنية    الدوري المصري الممتاز غيابات الأهلي والزمالك في مواجهة القمة: من سيتأثر أكثر؟    المؤبد لتاجر المخدرات الصغير.. بائع ملابس حول شبرا الخيمة إلى وكر للسموم    142 يومًا تفصلنا عن شهر رمضان المبارك 2026    الصين وكوريا الشمالية: سنتصدى للهيمنة الأمريكية    البابا تواضروس: نحتاج أن نرسخ ثقافات «التطوع والتبرع والتضرع»    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم    رئيس محكمة النقض يستقبل عميد حقوق الإسكندرية لتهنئته بالمنصب    كونتي: أعجبني أداء الفريق رغم الخسارة من ميلان.. ونستقبل أهداف كثيرة    حسين عيسى: الطفرة السعرية أثرت على المواطن رغم تراجع التضخم    4 أبراج «حياتهم المهنية هتتغير».. يتلقون عروضا وظيفية جديدة وتُفتح لهم أبواب الثراء    خالد جلال: مشكلة الزمالك فى الموارد المالية ومشكلة الأهلى أوضة اللبس    «نهاياتهم مأساوية».. خالد الجندي يوضح حكم المجاهرة بالمعصية وتشجيع الفاحشة    الصداع النصفي ينهي حياة بلوجر ب«جلطة دماغية نادرة».. انتبه ل12 علامة تحذيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رفيق حبيب يكتب: النخبة العلمانية والفرصة السانحة
نشر في الدستور الأصلي يوم 17 - 04 - 2010

مع حالة الحراك السياسي الثانية في مصر، تتاح لمختلف التيارات السياسية فرص للتحرك، بأكثر مما هو متاح في الظروف العادية. فحالة الحراك مع اقتراب موسم الانتخابات التشريعية والرئاسية، تعطي مساحة واسعة للحركة، وتتزايد فيها حالة المتابعة والترقب لدي الناس. ومع اقتراب الرئيس من إكمال عامه الثلاثين في الحكم، تتزايد التكهنات حول المرشح القادم للرئاسة، مما يوسع من مساحة البدائل والاحتمالات، وكل ذلك يساهم في توسيع هامش الحركة، ويعطي فرصا للقوي والنخب السياسية لممارسة دور أوسع نطاقا. وبقدر استفادة القوي السياسية من تلك الحالة، بقدر ما تحقق من تغيير في الحالة السياسية في البلاد. ورغم أن تحقيق التحول الديمقراطي، ليس أمرا هينا، ولكن التوسع التدريجي للحرية، يمهد لتحقيق الحرية الكاملة في النهاية.
والنخب العلمانية لديها فرصة خاصة في المرحلة الحالية، قد تميزها عن غيرها، خاصة التيار الإسلامي. فالنخب العلمانية تستطيع أن تصدر مشهد الحراك السياسي، وهو ما يحدث بالفعل في الجمعية الوطنية للتغيير، والتي يقودها الدكتور محمد البرادعي. والأمر لا يقتصر فقط علي تصدر التحالفات السياسية القائمة، بل يتجاوز هذا. فالنخب العلمانية لديها بالفعل مساحة للحركة السياسية لا يتمتع بها التيار الإسلامي، بل إن حركة ونشاط النخب العلمانية لا تواجه بنفس الثمن والضريبة التي تدفعها القوي الإسلامية. فالسلطة الحاكمة في مصر، تركز ضرباتها الأمنية علي التيار الإسلامي وتحاصر كل حركة له وكل نشاط له، بسبب قاعدته الشعبية العريضة. ولكن النخب العلمانية ليس لها نفس القاعدة الشعبية، مما يمكنها من الحركة بصورة أكبر. كما أن النخب العلمانية تمثل رؤي علمانية تتقاطع مع النظام الحاكم، وتلك ميزة وعيب في الوقت نفسه. فهي ميزة لأن رؤاها لا تتعارض تماما مع رؤي النظام الحالي، في العديد من القضايا، وبالطبع تختلف تلك الرؤي بين الجناح اليساري في النخبة العلمانية والجناح الليبرالي. ولكن القواعد الأساسية للرؤية العلمانية، تمثل مشتركا بين النخب العلمانية والسلطة الحاكمة، مما يدفع الناس لتصنيفها أحيانا مع السلطة الحاكمة. ولكن الاختلاف الأهم بين النخب العلمانية المعارضة والسلطة الحاكمة، يتمثل في الاختلاف حول الديمقراطية. فالسلطة الحاكمة لا ترفض فقط الديمقراطية، بل يبدو أنها تكرهها، ولكن النخب العلمانية تقدم نفسها بوصفها قوي ديمقراطية.
والأمر لا يقف عند هذا الحد، فالغرب ليس لديه مخاوف من النخب العلمانية، قدر مخاوفه من التيار الإسلامي، لذا فإن تصدر مشهد الحراك السياسي من قبل النخب العلمانية لا يثير قلق الغرب، بل إن الدول الغربية كثيرا ما تقدم غطاء لحركة القوي العلمانية، لأنها ترفض أي مساس بها من قبل النظام، علي أساس أنها تمثل بديلا علمانيا للسلطة الحاكمة، قد يحتاج له الغرب في بعض المراحل. كما أن حركة النخب العلمانية توفر حالة من التحول الديمقراطي، أو حالة من الحرية، تري القوي الغربية أنها مهمة، حتي لا تنفجر الأوضاع في مصر، ومن ثم في المنطقة كلها، وتهدد مصالح الغرب في المنطقة. مما يوفر غطاء غربيا لحركة النخب العلمانية، يتيح لها الحركة بعيدا عن عصا الأمن الغليظة، ولو نسبيا. ويتضح هذا في قدرة الجمعية الوطنية للتغيير علي الوقوف خارج النظام، ورفض مجمل أوضاع العملية السياسية، والمطالبة بتعديل الدستور، ورفض قواعد العملية السياسية التي يحددها الدستور، دون أن تقوم السلطة الحاكمة بتقديم المنتمين للجمعية الوطنية للتغيير للمحاكمة العسكرية، كما تفعل مع جماعة الإخوان المسلمين. والسلطة تري أن النخبة العلمانية لا تمثل خطرا عليها، لأنها لم تصل للشعبية التي تجعلها تمثل خطرا في الشارع، لذا تتعامل معها بصورة مختلفة عن التيار الإسلامي. ولكن حتي مع تزايد حالة الحراك، والتفاف الناس حول رموز التغيير، بسبب رغبة الناس في التغيير، سوف لا تتمكن السلطة الحاكمة بسهولة من مواجهة هذه الحالة أمنيا، بسبب الغطاء الغربي، الداعم للحراك السياسي العلماني.
كل هذا يوفر فرصة للنخبة العلمانية لتقدم الصفوف في عملية التحول الديمقراطي في مصر. وهي فرصة تساعد النخبة العلمانية علي الاحتكاك بالمجتمع، ومعرفة مواقفه وتوجهاته. كما أنها فرصة للنخب العلمانية لتقدم نفسها بوصفها قيادة قادرة علي جلب الحرية للمجتمع، دون اعتراض غربي، ودون تدخل من الدول الغربية لإجهاض حركة التغيير. وهو ما يعطي للنخب العلمانية فرصة لعرض رؤيتها علي الناس، وتوسيع قاعدتها الشعبية. وفي الوقت نفسه يعطي لها الفرصة لمراجعة بعض مقولاتها الصادمة للجماهير، مما يقرب رؤيتها أكثر من الناس، كما يساعد علي توسيع قاعدتها الشعبية. وفي الوقت نفسه، يمكن للنخبة العلمانية أن تكون قادرة علي تحقيق الحرية للمجتمع. ولكن حتي يتحقق هذا، سيكون علي النخبة العلمانية أن تلزم نفسها بمبدأ الحرية بصورة كاملة وغير منقوصة، ويصبح هدف حركتها هو تحقيق الحرية للمجتمع، حتي يختار من يريد ومن يمثله، حتي إذا اختار تيارا آخر غير النخبة العلمانية، أو اختار اتجاها منها ولم يختر الآخر.
والمجتمع المصري من المجتمعات ذات القدرة علي الفرز والتمييز، فهو قادر علي معرفة الهدف الرئيس من أي تحرك، وقادر علي تمييز القوي والنخب السياسية. فإذا عملت النخبة العلمانية من أجل تحقيق الديمقراطية والحرية لها، ومن أجل بناء نظام علماني يفرض علي المجتمع، وجعلت الحرية وسيلة للعلمنة، عندئذ سوف تخسر النخبة العلمانية تلك الفرصة السانحة، وتتحول إلي نخبة تريد بناء استبداد من نوع جديد، أي استبداد يسمح للقوي العلمانية بالتنافس الحر، بعيدا عن القوي الإسلامية، الأكثر شعبية في المجتمع. وفي كل الحالات، تكون تلك الحرية المزعومة ليست حرية في الواقع، لأنها ليست تحريرا للمجتمع ليختار من يريد، بل شكلا مزيفا للحرية يفرض علي المجتمع ما تريده النخب العلمانية، وربما يخضع المجتمع لمخططات القوي الغربية، خاصة المخططات الأمريكية الصهيونية.
والمجتمع المصري يمكن أن ينحاز لعملية التغيير التي تحقق له الحرية، حتي وإن كان تحقيقها غير ممكن إلا من خلال نخب لها دعم غربي، أو علي الأقل غير مرفوضة غربيا، لأن ذلك سيعد تحولا تدريج من حال إلي آخر. ولكن المجتمع سوف يتوقع أن هذا التغيير هو مقدمة لتغيير أوسع، يحدث تدريجيا حتي يحصل الناس علي حريتهم، ويختاروا النظام السياسي المعبر عنهم، كما يختارون الدستور المعبر عنهم أيضا. ولكن إذا كانت النخب العلمانية تريد فرض دستور علي المجتمع، وتقييد حرية المجتمع، عندئذ سيجد المجتمع أنه بصدد نخبة مستبدة جديدة، حتي وإن كانت أقل استبدادا من السلطة الحاكمة. فيمكن حدوث التحول التدريجي بصورة لا تقلق الغرب، أو لا تمثل تحديا له، ولكن إذا حدث هذا التحول لتحقيق تحالف أعمق مع الغرب، ووصول نخب للحكم تتوافق مع الرؤي والسياسات الغربية، وتغلق الباب أمام القوي المختلفة مع المشروع الغربي، خاصة التيار الإسلامي، عندئذ سوف ينفض المجتمع عن النخب العلمانية، وربما يشترك في محاربتها. لذا تصبح الفرصة الحالية، واحدة من الفرص النادرة أو المتميزة أمام النخب العلمانية، لتحسين دورها المجتمعي والسياسي، وذلك بأن تقدم نفسها كنخبة لتحرير إرادة المجتمع، دون أي قيد أو شرط، فلا يجوز لتيار ما أو نخبة ما، أن تفرض وصايتها أو شروطها علي المجتمع، فالأمة هي مصدر السلطات، وبغير ذلك، لن تتحقق الحرية الحقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.