عذرا لك أمي..عذرا يامن سهرت الليالي وواجهتي وحدك الآلام والمتاعب..عذرا يا من ظللتي ترقبين خطوات حياتي حتى كبرت وتعلمت وأصبحت رجلا يعتمد عليه..عذرا يا من ربيتني على الأخلاق والمبادئ والقيم..عذرا يا من واجهتي في تربيتي المشقات الثقال، والأعباء العظام..عذرا لك من كل أعماقي...وعذرا لكل أم حارت عيناها لهفة على وليدها..لمن رفرف قلبها ترقبا لحال بنتها..عذرا لكل أم ..ونحن في يومك وعيدك اسمحي لي اقول لك..عذرا مرة والف مرة..
ظلت الصورة الذهنية للام المثالية في أذهان الجميع، هي صورة الأم التي أنجبت وسهرت وتعبت وعلمت، ألام التي كانت في الأصل مدرسة، كما قال شاعر النيل حافظ ابراهيم: الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها ** أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ، تلك الام التي رسمت صورتها في قلوب وعيون وعقول الجميع بالحب والاحترام والتقدير والمودة.
ودوما ما كانت جائزة الأم المثالية تعطى للمتميزات في مجال الأمومة الفعلية، من بذلن الجهد والعرق لتربية الأبناء على الأخلاق الحميدة، والأسس القويمة، لكن مع التغيرات التي منيت بها كل مظاهر الحياة، ومع دخول عصر التكنولوجيا، تبدلت المعايير، وأختلفت الاسس التي على أساسها يتم التقييم والاختيار، حتى وصل الحال إلى تتويج " راقصة " بلقب " الام المثالية " ولا عزاء للأخلاق...فبدلا من التضحية والفناء والتربية الجيدة، كانت مواصفات أخرى تماما، تتمحور معظمها في " هز الوسط ".
أي عصر نعيش فيه الان؟..وأي كيان يحتوينا؟ وأي منظومة قيم تتحكم في سلوكياتنا وأقوالنا؟ هل وصلنا إلى هذه الدرجة من السفه؟ هل عقمت أرحام عقولنا إلا أن تفرز لنا أسوأ مانحن فيه من التخلف والعته الفكري والقيمي؟
أي منطق يجعلني أقبل أن تتقلد " راقصة " لقب " ألام المثالية " وبين ظهرانينا الآلاف من الأمهات العظام، الأمهات اللائي بذلن ألغال والنفيس لتربية أولادهن بصورة مشرفة، الأمهات اللائي اتقين الله في أعراضهن وشرفهن فخرجوا لنا أجيالا عظيمة من الأبناء الأبرار الأخيار، انه منطق اللا منطق في دولة اللا دولة.
لقد دنستوا شرف هذا الوطن باختياركم راقصة أما لابناءه...واهنتوا كل نساءنا حين اخترتم راقصة لتكون منارة وقدوة لأمهاتنا...عذرا أمي....فما استطيع أن اهنئك في عيدك اليوم...فلقد اهانوك وآن الأوان أن أعيد لك كرامتك بيني وبين نفسي....فألف رحمة عليك يا من كنتي منارة يحتذى بها...ونورا تربينا بين خيوطه..وتعلمنا من تلابيبه معنى القيم والأخلاق والصدق والوفاء...يا سادة ليس بالهز تبنى الأمم...