طوال الأسابيع الماضية ونحن في المصريون نتلقى رسائل خاصة واتصالات وتعليقات من القراء ، بعضها ننشره وبعضها يأخذنا الحياء من نشره لكثرته ، كل ذلك حول قضية واحدة ومطلب واحد ، وهو أن تصدر صحيفة المصريون في نسخة ورقية أسوة بكثير من الصحف المصرية الأخرى ، ثم طرحت آراء أخرى في السياق نفسه بأن تطلق المصريون قناة فضائية إخبارية تكون منبرا مستقلا حقيقيا يتصدى لظاهرة الهيمنة الخطيرة على الإعلام الفضائي الخاص والتي تجلت خطورتها بوضوح كاف في أحداث الاستفتاء الأخير على التعديلات الدستورية ، والتي أشعرت الملايين بأن الإعلام المصري أصبح مختطفا لصالح حفنة من أصحاب المال وجميعهم بلا استثناء ممن أتخموا ماليا في منظومة مبارك السياسية والمالية . من الناحية الفنية البحتة ، والكوادر ، والرؤية ، والخبرات أيضا ، لا نعاني أي مشكلة في كلا المقترحين ، سواء كان بإصدار المصريون في نسختها الورقية أو في إطلاق قناة فضائية إخبارية تتصل بالشأن المصري ، وبالمناسبة فإن إطلاق قناة فضائية إخبارية محلية أقل كلفة من إصدار صحيفة ورقية يومية ، ولكن يبقى التحدي الأهم وهو القدرات المالية ، وهو ما لا حيلة لنا فيه ، كما أن استقلاليتنا لم تبق لنا أصدقاء في عالم المال القريب من الإعلام وصناعته ، والطريقة التي آلينا على أنفسنا أن ننهجها خلال رحلتنا مع المصريون ، أن نقول للأعور يا أعور في عينه ، طالما كانت المصلحة الوطنية تقتضي ذلك ، أغضب منا الكثيرين ، كما أن مواقفنا المعلنة والتي لا يحتاج القارئ إلى تذكيره بها ، جلبت علينا هجران أصحاب النفوذ الإعلامي ، لدرجة أن القائمين على هذه الصحيفة "المصريون" وضعوا بالكامل على "البلاك ليست" لجميع القنوات الفضائية المصرية الخاصة ، بحيث يمنع ظهور أسمائنا أو صورنا أو أشخاصنا عبر هذه الفضائيات نهائيا ، وذلك لخلفيات متنوعة ، منها الخلفيات الطائفية لبعض ملاك القنوات ، ومنها الشللية التي يدير بها بعض "مستشاري" الفضائيات من الصحفيين سياسات القنوات وخريطة ضيوفها المعتمدين . وكانت المفارقات هنا مثيرة للأسى ، عندما تجد وكالات أنباء عالمية ومحطات تليفزيونية دولية كبرى تعيد نشر تقارير المصريون وانفراداتها ، بينما يعز على الفضائيات المصرية بالكامل أن تشير ولو من طرف خفي إلى تلك الانفرادات ، وتتابع فضائيات "القمة" العربية مثل قناة الجزيرة القطرية تقارير المصريون وأحيانا تقرأ مقالات رئيس التحرير وبعض كتاب المصريون بالكامل في تقاريرها ، بينما الفضائيات المصرية بالكامل لا ترى ولا تسمع ، ولو كان الأمر بيدها لأغلقت المصريون من حيث الأصل ، ولطالما حرضوا علينا نظام مبارك ، وما زالوا يحرضون حتى اليوم . كنا نتابع هذا المشهد من سنوات ، وكنا نستغرب وننزعج أحيانا في البداية ، ثم تحول الموضوع بعد ذلك إلى مجرد مادة للتندر والقفشات بين العاملين في الصحيفة ، ونسينا الأمر برمته منذ فترة طويلة ، لأن المصداقية التي حققتها الصحيفة مع مئات الآلاف من قرائها والمشاعر الرائعة والعفوية التي نتلقاها من قراء المصريون وأصدقائها كانت تغمرنا بالسعادة وتعوضنا الكثير من متاعب المهنة وتغنينا عن "تهميش" الطائفيين ومخلفات منظومة مبارك الإعلامية بما فيها الإعلام الخاص . ولكننا مضطرون بعد توالي الرسائل والتساؤلات من قراء المصريون وأصدقائها إلى مصارحة الجميع بوجه الأزمة والعوائق ، وهي عائق واحد تحديدا ، هو العائق المالي ، لأننا لا نملك أي مقومات مادية للإنفاق على صحيفة يومية ورقية ولا قناة فضائية ، ويعرف الأصدقاء القريبون من المصريون الالكترونية كم المتاعب التي نعانيها من أجل توفير نفقات انتاجها وهي الكترونية ، فكيف عندما نواجه "غول" المطابع ، وكيف عندما نواجه احتياجات تقنية وفنية ضرورية للعمل التليفزيوني وإيجارات للاستديو ومشتملاته وإشارة البث وطاقم العمل ، ومن هذا المنطلق رأيت كتابة هذه الكلمات لإشراك الأصدقاء جميعا ، وخاصة من يملك منهم الخبرات الاقتصادية والمالية ، في البحث عن صيغة عملية يمكن بها اقتحام هذه المرحلة ، سواء بشركة مساهمة أو اكتتاب أو أي فكرة تمكننا من تحقيق هذا الطموح المشروع لإعلام جديد ، وآمل أن أتلقى بالبريد الالكتروني تلك المقترحات ، ويمكن بعد فترة كافية من اكتمال المقترحات والأفكار أن ندعو أصحابها إلى ندوة في نقابة الصحفيين أو مقر المصريون لطرح كل الأفكار والتشاور حولها ، وسواء كان الأمر يتعلق إنجازه بنا في المصريون أو بغيرنا من الكفاءات الوطنية الجادة ، إلا أن مصر الآن ، وقواها الحية والمعبرة عن ضمير الأمة ، بحاجة ماسة إلى منابر إعلامية جديدة أوسع نطاقا . [email protected]